الورع من الإيمان

download

 

الحمد له الذى حبب إلينا الإيمان وزينه فى قلوبنا
قال تعالى “( وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)
فإن الإيمان من النعم التي أنعم الله بها علينا قال تعالي} يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(17) { الحجرات.
والإيمان ليس بالأمر اليسير، ولكن يحتاج إلي مجاهدة النفس والهوى
قال تعالي }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ { .
ولن يصل العبد إلي الإيمان الحق إلا بالورع الكامل ،
فالورع من أعلى مراتب الإيمان وأفضل درجات الإحسان يحقق للمؤمن هدوء البال
وطمأنينة النفس وراحة الضمير ..لذلك كان موضوعنا عن ( الورع من الإيمان ) وذلك من خلال العناصر الرئيسية التالية …
تعريف الورع
فضل الورع فى الإسلام
تعريف الورع :ـ
للورع تعاريف كثيرة عند السلف والعلماء ،
منها:ـ الوَرَعُ: ترك ما يريبُك، ونفي ما يعيبك، والأخذ بالأوثق،
وحمل النفس على الأشق.
وقيل: هو تجنب الشبهات، ومراقبة الخطرات.
وقال ابن القيم رحمه الله: هو ترك ما يُخشى ضرره في الآخرة.
وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: هو ترك كل شبهة.
وقال يحيى بن معاذ: الورع على وجهين: ورع في الظاهر وورع في الباطن. فورع الظاهر: أن لا يتحرك الإنسان إلا لله، وورع الباطن: هو أن لا تدخل قلبك سوى الله.
وقال يونس بن عبيد رحمه الله: الورع هو الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس في كل طرفة عين.
وقال إسحاق بن خلف رحمه الله: الورع في المنطق أشد منه في الذهب والفضة.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: جلساء الله غدًا أهل الورع والزهد.
وقال حبيب رحمه الله (يعني ابن أبي ثابت رحمه الله): لا يعجبكم كثرة صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن انظروا إلى ورعه، فإن كان ورعًا مع ما رزقه الله من العبادة فهو عبد لله حقًا.
وعن طاووس رحمه الله أنه قال: مثل الإسلام كمثل شجرة، فأصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا، وورقها كذا (شيء سماه) وثمرها الورع، لا خير في شجرة لا ثمر لها، ولا خير في إنسان لا ورع له.
فضل الورع في الإسلام :ــ
من السهولة بمكانٍ أن يكون المسلم مصليًا أو صوّامًا أو قوّامًا أو داعيةً أو خطيبًا أو معلمًا أو حتى عالمًا، ولكن من الصعوبة بمكان أن يكون وَرِعًا فإن الورع رتبةٌ عزيزة المنال، ومتى ما ارتقى الإنسان إلى مرتبة الورع فقد نال أسمى المراتب، وتحلى بأجمل المناقب التي تؤهله جوار الرحمن، فأكثر الناس اليوم إنما يهمه أن يحقق مآربه في الدنيا وشهواتها وملذاتها دون تريث في الأمر والتفات للشرع وسؤال عن الحكم، وبعضهم قد امتلأ بطنه، وعظم رصيده، وغذي بالحرام جسمه، وما ذلك وما نلاحظه من قلة البركة وانتشار الفساد لهو نتيجة لغياب مفهوم الورع.
لذلك كان للورع فضائل عظيمة في حياة المسلم منها :ــ
الورع من أعلى مراتب الإيمان وأفضل درجات الإحسان:
فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يا أبا هريرة! كن ورعًا تكن أعبد الناس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلمًا، وأقل الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب»( أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» (أخرجه الحاكم في المستدرك )
وعن معاوية بن قرة: دخلت على الحسن وهو متكئ على سريره، فقلت: يا أبا سعيد: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة في جوف الليل والناس نيام. قلت: فأي الصوم أفضل؟ قال: في يوم صائف. قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنًا. قلت: فما تقول في الورع؟ قال: ذاك رأس الأمر كله .
وقال الحسن البصري رحمه الله: مثقال ذرة من الورع خيرٌ من ألف مثقال من الصوم والصلاة.
أنه أساس التقوى:
فعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذارًا لما به بأس»( أخرجه الترمذي).
ـ من حصله فلا خسارة عليه:ـ
فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمه»
الورِع من أسباب استجابة الدعاء:ـ
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا،وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(51) {( المؤمنون) . وقال }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ).
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام و ملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟» مسلم
أي كيف يستجاب له. فتأمل العقوبة العظيمة لمن ترك الورع، فرغم أن كل هيئة الرجل وعمله غاية في القوة والتعبد إلا أن عدم تورعه عن الحرام رد كل هذه العبادات، وضيع دعاءه سدىً.
وتقول عائشة رضي الله عنها: إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة: الورع. ويقول عبد الله بن عمر: لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يُقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...