ترامب والسيسي والإخوان

1

فور اعلان فوز ترامب برئاسة امريكا تحركت أذرع النظام الانقلابي في مصر، مستبشرة بفوزه، وأنه سيكون داعما كبير لنظام السيسي في مواجهة الغضب الشعبي ورافضي الانقلاب العسكري. حيث قال مصطفى بكري نائب برلمان الدم أن “فوز ترامب يعني إقرار أمريكا لقانون إرهابية الإخوان المسلمين”.. كما سارعت السياسية المقربة من السيسي، داليا زيادة في المسار نفسه، مهنئة السيسي بفوز ترامب لكي يقر قانون إرهابية جماعة الإخوان المسلمين.

تلك التوجهات والتوقعات جاءت على ما يبدو نكاية فيما كشفه تقرير البرلمان البريطاني الذي أدان السيسي وانقلابه العسكري وبرأ الإخوان المسلمين من العنف، كاشفا عن حجم الضغوط التي واجهت الجماعة من عنف غير مسبوق عليها وقتل وسجن الآلاف من منتسبيها.

إلا أن اختزال فوز ترامب في إقرار إرهابية الإخوان المسلمين، ينم عن سطحية من يذهب إلى ذلك، لما يعنيه ذلك من مخالفة الواقع، وكأن الإخوان المسلمين كانوا مدعومين من قبل إدارة أوباما الديمقراطي، على عكس الواقع الذي يشير إلى أن التخطيط للانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي، تم بتخطيط ودعم أمريكي وصهيوني وغربي، حيث لا يخفى على المراقب موقف أوباما الداعم للانقلاب العسكري.. على شرعية مرسي وارادة الشعب المصري.

كما تكشف تصريحات أذرع السيسي، عن تهاوي حجج وأقوال النظام الانقلابي، في تشويه صورة الإخوان عالميا، حيث إن إرادة المصريين في الداخل والخارج تكشف عن إرهابية نظام السيسي وقتله لمعارضيه، وهو ما بدا في استقبال السيسي في جميع دول العالم من مظاهرات رافضة له وتحركات حقوقية وإنسانية عالمية لمحاكمته.

وهو ما يؤكد استمرار عزلة الانقلاب العسكري بين شعوب العالم، وهو ما يمكن أن يراهن عليه، وليس النظم السياسية التي لا تسعى إلا لمصالحها فقط.

ترامب: إصلاح الداخل أولا
ولعل طريقة بناء السياسات الخارحية الأمريكية تقف عائقا أمام أنصار السيسي وتبقى عاصية على فهمهم، حيث إن ثوابت السياسة الأمريكية الخارجية ثابتة، سواء جاء ديمقراطيا أم جمهوريا، فاستقرار وقوة إسرائيل ومصالحها الاقتصادية وقواعدها العسكرية هي ثوابت للإدارات الأمريكية.

وكما قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير إبراهيم يسري، إن تأثر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه مصر، بفوز ترامب أو كلينتون، أمر غير وارد.. مضيفا، في تصريحات صحفية، اليوم، إن الولايات المتحدة الأميركية دولة مؤسسات، وتلك المؤسسات تتولّى صناعة القرارات، والأمر ليس مقتصراً فقط على شخص رئيس أميركا.

وأضاف أن السياسة الخارجية الأميركية لا تتحدد بأشخاص أو أنظمة، ولكن بدراسات محددة ورغبات في مكاسب معينة، ولكن الاختلاف ربما يكون في الوسائل.

التحديات الداخلية الأمريكية
وهي من أبرز محددات السياسة الخارحية الأمريكية سواء بدعم السيسي وانقلابه أم التعامل بدم بارد مع قضايا الشرق الأوسط، حجم التحديات في داخل الولايات المتحدة الأمريكية، من تراجع الاقتصاد وأزمات السود المتصاعدة والهجرة واللاجئين وميزانيات التسلح.. وغيرها من التحديات التي عبر عنها ترامب في حملته الانتخابية بأنه لا حديث عن أية جهود بالخارج قبل إصلاح الداخل وتثبيت أوضاع الأمن والرفاهية ففي الداخل.

ولعل الأبرز في المعادلة الأمريكية، هو موقف السعودية من الإدارة الأمريكية، بعد قانون “جاستا” الموجه بالاساس نحو السعودية، وهو ما سيشهد تجميدا في الفترة المقبلة، نظرا لقوة علاقة ترامب كاقتصادي، والسعودية، وهو ما يكون حائلا أمام سياسات الدعم الأمريكي للسيسي، بعد انكشاف الخلاف السعودي مع السيسي في الفترة الاخيرة.

هذه العراقيل لا يمكنها أن تخفي أهمية فوز ترامب بالنسبة للسيسي، فقط، وليس للأمريكان، حيث يؤكد مراقبون إلى أن السيسي سيكون أفضل حالاً بفوز ترامب في الانتخابات، لوجود نوع من التفاهم حول النظام المصري الحالي.

وسبق للسيسي أن قال في لقاء مع شبكة “cnn” الأمريكية، في سبتمبر الماضي، إن ترامب سيكون قائداً قوياً بلا شك.

وأطلق ترامب، هو الآخر، عبارات الثناء على السيسي، عقب اللقاء الثنائي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، مؤكداً على أنه في حال فوزه بمنصب الرئاسة ستكون الولايات المتحدة صديقاً وفياً لمصر، وليس مجرد حليف، خاصة مع وجود عدو مشترك، وهو “إرهاب الإسلاميين المتطرفين”.

والتقى مسؤولون مصريون أعضاء بحملة ترامب الانتخابات في الولايات المتحدة، كنوع من إبداء التأييد والتنسيق حول عدد من القضايا المهمة في منطقة الشرق الأوسط.

وتعود فرحة السيسي بفوز ترامب، أن كلينتون كانت ستكون أكثر رفضاً لممارسات النظام الحالي، لناحية تراجع أوضاع حقوق الإنسان والحريات والتضييق على المجتمع المدني، وهي ملفات لا يريد السيسي التطرق إليها.

وأن كلينتون أميل إلى إعادة دمج الإسلاميين في العملية السياسية، سواء في مصر أو غيرها من البلدان العربية، وتحديداً تلك التي تشهد أزمات ونزاعات مسلحة، وهو ما لا يرضى به السيسي.

إلا أن الممارسة الفعلية للديمقراطيين وكلينتون لم تحقق أية إنجاز أو دعم للحريات في الشرق الأوسط عامة ومصر خاصة، فالأباتشي الأمريكية تم السماح بها للسيسي ليقتل شعبه، كما أن المعونات العسكرية والاقتصادية تم الإفراج عنها.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...