سنة الله فى خلقه

2

قال تعالى :
(قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ*قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)
أخوة الإسلام : تنتاب الإنسان حالات من الضر، من الفقر، من المرض، تحيط به مشكلات، وتلم به مصاعب، وتعترض طريقه عقبات على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة كما قال ربنا: (تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:140).
فيوم لنا ويوم علينـــا *** ويوم نُسَاءُ ويوم نُسرْ
هي الأيام كما شاهدتها دول *** من سره زمن ساءته أزمانٌ
هذه هي سنة الله تبارك وتعالى في خلقه، وإذا أصاب الإنسان الضر وألم به المكروه فإلى من يلجأ؟ إلى من يلجأ؟ إلى من يضطر ويدعو؟ الله سبحانه وتعالى يعلمنا ( لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) (التوبة:118) (ليس لها من دون الله كاشفة) فالذي يكشف الضر هو الله سبحانه وتعالى دونما سواه.
واستمع إلى القرآن وهو يؤكد على هذه الحقيقة (وإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) (يونس:107) وهنا استعمال لا النافية وإن الدالة على الاستثناء وهذا يفيد الحصر فلن يكشف الضر، ولن يدفع الأذى، ولن يرد المكروه إلا الله سبحانه وتعالى: (وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ) هذا الضر كما بينّا يعتري الأفراد؛ كما يعتري الجماعات، يعتري الإنسان في محيطه الخاص ويعتري الناس في محيطهم العام، ولن يكشف البلاء إلا الله تبارك وتعالى ومن هنا يقول لنا ربنا: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ)(النمل:62) إذا لم يكن هناك باب إلا باب الله سبحانه وتعالى، ولم يكن هناك ملجأ من الله إلا إليه، فلماذا نبتعد عن الله؟ لماذا لا نلجأ إلى الله؟ لماذا لا نرفع أكف الضراعة إليه؟ سائلين إياه أن يكشف ضرنا، إذن هناك عقيدة، هناك يقين، لدى المسلم لا يتزعزع أن الذي يملك فتح المغاليق، الذي يملك المنع والعطاء والقبض والبسط والفتح والإغلاق إنما هو الله سبحانه وتعالى. (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(فاطر:2).
النبي عليه الصلاة والسلام يعلمنا أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، ما هو أحق ما قال العبد؟ ما هو؟ قال ? لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت) (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ)(سنن الترمذي) فأنت ما بين لك وبين عليك (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26).
نحن لا نفقد الأمل، نحن لا نستسلم لليأس ولكننا في ذات الوقت ندعو أنفسنا إلى أن نلجأ إلى الله تبارك وتعالى. فلم يكشف الكرب إلا الله، ولن ترسو السفينة على بر الأمان إلا بإذن الله تبارك وتعالى. لابد أيها الأخوة الكرام في ظل هذه الأزمات المتلاحقة وهذه الشدائد والمكروهات التي لا يعلم مداها إلا الله متى تنتهي ؟ وكيف تنتهي؟ لن يخرجنا منها إلا أن نلجأ إلى الله تبارك وتعالى. وتعالوا بنا لنضع أيدينا على بعض المناهج التي من شأنها أن تخرجنا من هذه الأزمة بإذن الله.
أول شىء: النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، إذا أهمه أمر إذ أهم به خطب فزع إلى الصلاة، والقرآن يقول في هذا المعنى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ)(البقرة: 45) الصلاة ، وأنت تجد أنه إذا قل المطر وانعدم الماء نصلي لله صلاة تسمى بصلاة الاستسقاء نستغيث فيها بالله لينزل علينا المطر، إذا كنت في أمر لا تدري خيره من شره ولا تعرف صوابه من خطئه في صالحك أو ضدك تصلي صلاة اسمها الاستخارة، حتى يستبين لك الخير، إذا خُسف بالقمر أو كسف بالشمس نلجأ إلى الله في صلاة تسمى بالكسوف والخسوف، فإذن في الشدائد نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى.
وهناك صلاة تسمى بصلاة الحاجة ، إذا أحسن الرجل وضوءه فأتمه وصلى لله ركعتين خالصًا ثم سأل الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه عاجلاً أو آجلاً. لماذا لا نتواصى أن نصلي صلاة الحاجة ولو ركعتين في كل يوم في أي وقت ليلاً أو نهارًا غير أوقات الكراهية يصلي الإنسان لله تعالى ركعتين ويدعو الله عز وجل أن يكشف الكرب ويخصص الدعاء وهاتين الركعتين لهذا البلد الذي تصمنا جنباته ونعيش على أرضه، ونستظل بسمائه ونستفيد من خيراته، خيره لنا وضيقه وحدته علينا، فالصلاة الصلاة، ركعتين في كل يوم نتوجه بها إلى الله مع الدعاء أن يفرج الله الكرب كذلك الدعاء؛ والدعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هو العبادة ونحن في القرآن الكريم نقرأ (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ)(غافر:60) هناك مطلوب وموعود. (ادعوني) مطلوب (استجب لكم) موعود والله يقول: (وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ)(التوبة:111). (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)(البقرة:186) لذلك يقول سيدنا عمر رضي الله عنه: (إني لا أحمل الإجابة وإنما أحمل هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه) وفي الحديث: (إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا) فادعوا لهذا البلد، ادعوا لهذا الوطن أن يأمّنه الله المكروه، وأن يدفع عنه الضر، وأن يرد كيد أعداءه في نحورهم، الدعاء بإخلاص وتوجه وتضرع والله يقول (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ….)(النمل:62).
فليكن حالنا حال المضطر، حال الإنسان الذي يستشعر الفقر إلى الله اللجوء إلى الله، المثول بين يدي الله، هذه كلها معاني علمنا إياها ربنا عز وجل وكم في القرآن الكريم من إشارات لاستجابة الله لدعاء دعا به نبي أو رجل صالح، الله استجاب الدعاء مباشرة، سيدنا نوح عليه السلام يحكي الله عنه (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ*فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ*فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)(القمر:9: 12)، انظر فدعا ربه إني مغلوب فانتصر ففتحنا، الفاء تدل على الترتيب والتعقيب مباشرة، مؤمن آل فرعون (.…وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ*فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) الدعاء أول شىء الصلاة، ثانيًا الدعاء بإلحاح، باضطرار هذه كلها عوامل تؤدي إلى أن يستجيب الله تعالى للدعاء، وأيضًا من الذكر الذي له مردود إيجابي في هذا الجانب الاستغفار، عندما تقرأ في القرآن الكريم (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).
عندما جاء رجل يشكو إلى الإمام الحسن البصري قلة المال أمره بالاستغفار، آخر يشكو قلة الأولاد أمره بالاستغفار، ثالث يشكو قلة الزرع أمره بالاستغفار، رابع يشكو قلة المال أمره بالاستغفار، فسألوه في هذا أناس كثيرون يطلبون حاجات مختلفة وأنت تأمرهم بأمر واحد الاستغفار؛ فقرأ عليهم الآية الكريمة (يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)(نوح:9: 12) الاستغفار، وفي الحديث (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)(سنن أبى داود) ما تستطيعه من ألفاظ وكلمات وصيغ الاستغفار اجعلها بين يديك وقدمها لله سبحانه وتعالى لاسيما في أوقات السحر، في أوقات ما قبل الفجر سيدنا يعقوب عليه السلام عندما قال له أولاده (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ*قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(يوسف:97، 98) قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم، سوف أستغفر لكم ربي، لماذا لم يستغفر في الحال؟ قالوا أخرهم للسحر، أخرهم إلى ما قبل الفجر فلندع الله ونستغفره في مثل هذه الأوقات. وإليكم هذه القصة الجميلة ذات المغزى والمعنى في فوائد الاستغفار في إجابة الدعاء. الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه نزل يومًا إلى بغداد وكان الوقت ليلاً فأوى إلى مسجدها ليبيت فيه فمنعه خادم المسجد فجلس أمام الباب وأصر على أن يبقى أمام الباب فمنعه خادم المسجد وأخذ يبعده بقسوة وشدة عن وجوده أمام المسجد، وكان الإمام أحمد رجلاً وقورًا مهابًا عليه من الله تبارك وتعالى الرضا والصلاح، فرفق به أحد جيران المسجد وكان رجلاً خبازًا وهو لا يعرفه فقال هيا معي يا شيخ إلى بيتي واجلس معي إلى الفجر فإذا صبح الصباح أتيت المسجد وقضيت حاجتك وذهبت إلى مرادك، فذهب معه فكان هذا الخباز وهو يعد عجينه طول الليل يستغفر الله (طول الليل في استغفار) والإمام أحمد يعلم قيمة الاستغفار في حياة الإنسان ولكنه أراد أن يتعرف ويسأل هذا الشخص عن سر محافظته على الاستغفار فقال: أراك تداوم على الاستغفار فبماذا عاد عليك هذا الاستغفار فقال الرجل ما دعوت الله بدعوة إلا أجابني الله عليها، ما سألت الله مسألة إلا حققها لي إلا مسألة واحدة (طلب واحد لازلت أتمنى أن يحققه الله تعالى لي قال: وما هو؟ قال: أن أرى الإمام أحمد بن حنبل فقال له: أنا أحمد بن حنبل وقد جرني الله إليك جرا، أنظر الاستغفار، إذا أُغلقت عليك المغاليق، إذا سدت أمامك الأبواب، إذا ؟؟ أمامك الخطوب فلجأ إلى باب الله سبحانه وتعالى. قلنا الصلاة ثانيًا الدعاء ثالثًا الاستغفار، رابعًا الصدقة، الصدقة (الصدقة تطفئ الخطيئة، وتطفئ غضب الرب تبارك وتعالى)ويفتح الإنسان بالصدقة أمامه أبوابًا مغلقة فليكن مثل هذا أسلوبًا عمليًا؛ بدلاً من أن نظل نحلل، ونتحدث، ونتجاذب من هنا وهناك وأنت تخطئ وهذا يصوب، وهذا يهاجم وهذا يدافع، نلجأ إلى أساليب عملية، قراءة القرآن الكريم، لها ما لها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، قرأ بعض الصالحين حديث النبي صلى الله عليه وسلم (اقرؤوا ياسين على مواتكم) وهذا هو الحديث المقبول والصحيح وفي موضوع سورة ياسين فقال ولماذا تقرأ سورة ياسين، الأمر أمر شدة، أمر كرب، أمر صعوبة يعانيها ويعالجها هذا المحتضر فنقرأ سورة ياسين حتى يخفف الله عنه، قال وفي هذا دلالة يستدل من هذا، إنه ما من أمر صعب قرأنا عنده سورة ياسين إلا وفرجه الله تبارك وتعالى، إلا ويسره الله عز وجل فليكن لك من القرآن كسورة ياسين أو غيرها ما تدعو به الله سبحانه وتعالى وتقرب إليه، ليفرج الله كرب أمتنا، ليدفع الله تعالى عنا السوء لتمر هذه الأيام التي تسمى بالمرحلة الانتقالية، لتمر على خير، وسلام وتستقر الأحوال، وأخيرًا الصيام النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا (للصائم عند فطره دعوة لا ترد)ليكن لك أيام تصومها وتخصص دعوت عند الإفطار لتتقرب بها إلى الله؛ أن تدعو لهذا البلد، أن تدعو لمصر هذا البلد الذي هو محور، ومركز لكثير من الأحوال، مركز الدول العربية، مركز الدول الإسلامية، مركز الدول الأفريقية، مصر ذات موقع هام، مصر هي التي ذكرها الله تعالى في القرآن بمسها أربع مرات في القرآن وأشار إليها ضمنًا أكثر من عشرين مرة. الشاهد أننا هذا البلد الذي لا يراد له الخير بإرادة أعدائه وكيد أعدائه ومن يناصرهم ويؤازرهم من بني جلدتنا ومن يتسمون بأسمائنا، هذا البلد يراد له أن يسقط، هذا البلد يراد له أن يعود إلى الوراء، أن تسرق ثرواته كما كانت، وأن تختلق له المشكلات كما كانت، وأن يظل تابعًا قابعًا، فهل نقف من المسألة هكذا، هل نقف فقط عند حد التحليلات ومتابعة القنوات وسماع البرامج، نحن في حاجة إلى أن نلجأ إلى الله، في حاجة إلى أن ندعو الله تبارك وتعالى، وثقوا تمامًا أن الله تبارك وتعالى ما يرد دعاء أحد أقبل عليه ولجأ إليه، وافتقر واضطر إليه (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ)
وهذا الكلام يتسق ويمضي مع أخذنا بالأسباب فأخذنا بالأسباب مطلوب، أن نعمل وأن نجد ونجتهد وأن نخطط لمستقبلنا هذه أمور لابد منها ومعها اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى معها الافتقار والاضطرار في ذات الوقت نقوم بأعمالنا، انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بدر يسوي الصفوف، ويقول (أبشروا فإن الله وعدني أحدى الحسنيين) ويشير إلى أماكن ويقول (هنا مصرع فلان، وهنا مصرع فلان، وهنا مصرع فلان، ويلجأ في ذات الوقت إلى الله بالدعاء (اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد اليوم، اللهم نصرك الذي وعدتني) ويلح في الدعاء حتى يسقط رداءه عن منكبيه انظر إلى المبالغة والإلحاح، يسقط رداءه من على منكبية من كثرة الإلحاح على الله تبارك وتعالى في الدعاء، فيقول له سيدنا أبو بكر يا رسول الله هون نفسك فإن الله تبارك وتعالى منجز لك ما وعدك، فلابد إذن من الأخذ بالأسباب، المسلمون في معركة من المعارك استعصى عليهم فتح باب (فتح باب الحصن) فأتوا برجل ورد في شأنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) فجاءوا به أن يدعو الله عز وجل فدعا الله ففتح باب الحصن.
لا بد إذن بالقيام بالواجب المنوط بأعناقنا، لابد بأن نقوم بواجباتنا، وأن نؤدي رسالتنا وفي ذات الوقت نبتعد عن أي معصية وعن أي شىء من شأنه أن يعوق وصولنا إلى الله تعالى ، “إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } المائدة (27) ، نبتعد عن معوقات الوصول إلى الله عز وجل،
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة : (186) استحضار هذا المعنى أن أكون عبدًا لله تبارك وتعالى، هذه كلها تقتضي منا أن يرانا الله حيث أمرنا وأن يفقدنا حيث نهانا، لا يراك الله في مكان لا يحب أن يراك فيه، ولا يفقد الله في مكان يحب أن يراك فيه، ففعل الطاعات، اجتناب المعاصي، القيام بالواجبات، الأخذ بالأسباب، أروا الله من أنفسكم خيرًا، تعاطفوا مع شرع الله، مع دعاة الحق، مع المنادين إلى الإسلام، الجئوا إلى الله، افتقروا إليه، اسألوه تبارك وتعالى من فضله , وأن يأخذ بأيدينا إليه أخذ الكرام عليه وأن يتوفانا جميعًا مسلمين ويلحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين ولا ضالين ولا مضلين ولا مغيرين، اللهم إنا نبرأ من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك، اللهم اقذف في قلوبنا رجاءك وانزع رجاءنا في من سواك

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...