تذكـرة الإخـوان .. بقلم عامر شماخ

عامر شماخ

عامر شماخ

هذه رسالة من الإمام حسن الهضيfd للإخوان، كتبها فى صيف عام 1953، ووزعت على عموم الأعضاء، وقد أثبتها في كتابي (القاضى المرشد حسن الهضيبي.. أسد الدعوة وحارسها) الصادر عام 2012، وننشرها اليوم لما فيها من نصائح وتوجيهات غالية، أرى أن الإخوان بحاجة ماسة للعمل بها..

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين..

أيها الإخوان..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..

فأسأل الله تبارك وتعالى أن تكونوا على خير ما يحب لعباده المؤمنين المخلصين المجاهدين من الصبر والاحتساب، وأن ينزل السكينة فى قلوبكم لتزدادوا إيمانًا مع إيمانكم، ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليمًا حكيمًا.

إن دعوة الإخوان المسلمين -وهي دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لم تزد ولم تنقص- كانت ولا تزال صراعًا بين الحق والباطل، بين الإيمان والإلحاد، بين المعروف والمنكر، بين العقل والهوي، بين الخلق القويم والتحلل الذميم، بين الإنسانية الفاضلة والأنانية الخاسرة.

من أجل ذلك كانت بحاجة إلى جهاد قوم مؤمنين يخلصون لله دينهم ويهبونه أرواحهم طيبة بذلك نفوسهم، لا تزيدهم المحن إلا ثباتًا على حقهم وازدراء لباطل خصومهم، وكانوا فى عزائمهم أشد وأقوي، وإلى ربهم أقرب وأدني، وبانتصارهم يؤمنون، وعلى ربهم يتوكلون.. (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].

وإني مذكركم- فالذكرى تنفع المؤمنين- ببعض ما توحي به الظروف التي خلقها أعداء الدعوة حتى تكونوا على بينة من طريقكم الحق.. ولا تجروا مع خصوم دعوتكم فيما جروا فيه من الإثم والبغى بغير الحق افتراء على الله، أذكركم بالصدق فى القول والعمل وترك الجدل واللجاجة مع المخالفين.. اصدقوا أنفسكم واصدقوا الله واصدقوا الناس (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].

إن خصـــوم الدعـــوة توهمــوا أنهم بأكاذيبهم يغلبون حقكم فاتهموا السرائر واختلقوا الوقائع (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [آل عمران: 71].

قيل: يا رسول الله.. أيكون المؤمن جبانًا؟.. قال: نعم، قيل: أيكون بخيلاً؟.. قال: نعم، قيل: أيكون كذابًا؟.. قال: لا.. (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النحل: 105].

فلا تهنوا ولا تحزنوا.. فلن يبلغ الكذب من دعوتكم شيئًا، إنكم على الحق بإذن الله، ولن يخلف الله وعده.. (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) [غافر: 51].

وقد ذكّرناهم بالحق فكرهوه وضاقت به صدورهم، وظنوا أن الكذب ينجيهم، والله تعالى يقول: (وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) [طه: 61].

وليس الكذب على الأشخاص وحدهم، فقد حرص خصوم دعوتكم على أن ينسبوا أخطاء المسلمين فى بعض العصور إلى الدين نفسه، وظنوا أن ذلك يصرفكم عن دعوتكم إلى الإسلام دينًا ودولة..

فانتبهوا لما توحى به هذه الاتجاهات، وتفهموا ما وراء هذا مما يضمره المبطلون (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء) [إبراهيم: 27].

أيها الإخوان..

(اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200].

أخوكم: حسن الهضيبي

المرشد العام للإخوان المسلمين

رمضان 1372هـ – يونيه 1953م

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...