جدد إيمانك في العشر الأواخر من رمضان

ها هو شهر رمضان قد آذن بارتحال, اصفرّت شمسه، ودنت إلى الغروب, فلم يبق إلا ثلثه الأخير، فماذا قدمنا فيما مضى منه؟ وهل أحسنا فيه أو أسأنا؟!!.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
مواسم الطاعات من النعم الجليلة:
يتفضَّل ربُّنا على عبادِه بنفحَاتِ الخيراتِ ومواسِمِ الطاعات، فيغتنِم الصّالحون نفائِسَها، ويتدارَك الأوّابونَ أواخِرَها. وإنها والله لنعمة كبرى أن تفضل الله علينا، ومد في أعمارنا، حتى بلغنا هذه العشر المباركة، وإن من تمام شكر هذه النعمة أن نغتنمها بالأعمال الصالحة.. فهل نحن كذلك؟
نشكو إلى الله ضعفًا في نفوسنا، وقسوة في قلوبنا, وجمودًا في عيوننا, وغرقًا في بحور الغفلة.
جرت السنون وقد مضى العمر*** والقلـب لا شكرٌ ولا ذكرُ
والغفـلةُ الصـماء شـاهرةٌ *** سيـفًا به يتصـرم العمـرُ
حتى متى يا قلـب تغرق في*** لجج الهوى، إن الهوى بحـرُ
ها قد حبـاك الله مغفــرةً *** طرقـت رحـابَك هذه العشرُ
غفلة بعض المسلمين عن فضيلة هذه الأيام:
عباد الله.. ظاهرة مؤسفة يتألم لها المؤمن ويحترق لها قلبه حسرة في مثل هذه الأيام المباركة، ولا يعرف لها سببًا واضحًا إلا الغفلة التي اشتدت واستحكمت في قلوب بعض المسلمين.
إنها ظاهرة ضعف الإقبال على العبادة والطاعة في العشر الأواخر من رمضان، يظهر هذا الأمر جليًا في عدد المصلين في الأيام الأولى من رمضان، وعددهم في الأيام الأخيرة منه.. لا يزال عدد المصلين في صلاة التراويح يقل، وأقل منهم الذين يصلون القيام الآخِر.. والمشكلة أن هذا النقص يحدث في أفضل ليالي الشهر، بل وفي ليلة القدر.
سبحان الله.. تهجر المساجد وتعمر الأسواق في أعظم ليالي السنة وأفضلها، بل وفي الساعة الشريفة التي ينزل فيها ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ليعطي السائلين ويغفر للمذنبين في الثلث الأخير من الليل.
فضيلة العشر الأواخر:
إن الإقبال على طاعة الله والتقرب إليه مطلوب في كل حال، ولكنه في العشر الأواخر من رمضان أعظم فضلاً وأكثر أجرًا حيث يقترن فيها الفضل بالفضل، فضل العبادة وفضل الزمان.. ولنا في مرشد البشرية صلى الله عليه وسلم خير أسوة، فقد روى البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا دخل العشر شدّ المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا ليله ). وفي رواية لمسلم: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيرها ).
يا أيها الراقد كم ترقـد *** قم يا حبيبي قد دنا الموعدُ
وخذ من الليل وساعاته *** حظاً إذا ما هجـع الرُّقَـُد
أيها الغافلون الراقدون.. اهجروا لذيذ النوم، وجحيم الكسل، وانصبوا أقدامكم، وارفعوا هممكم، وادفِنوا فتوركم. وكونوا ممن قال الله فيهم: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ).. ولا تنسَوا أن تأمروا بهذا أولادكم وزوجاتكم، كما كان هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم. وإذا كان صلى الله عليه وسلم ( يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ) فإن هذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر، وذلك من وجوه: أحدها: إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن. وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم يحي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات. وثالثها: أنه يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصاً على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة. ورابعها: أنه كان يجتهد فيها بالعبادة والطاعة أكثر مما يجتهد فيما سواها من ليالي الشهر.
كيف نغتنم هذه العشر؟
فالله الله أيها المؤمنون لا تفوتنكم هذه الفرصة العظيمة، فو الله لا يدري أحدنا هل يدركها مرة أخرى؟ أم يكون ساعتها تحت الأرض مرهونًا بما قدم لنفسه؟ وهي ليالٍ معدودة تمر سريعًا، والموفق من وفقه الله لاغتنامها والإقبال على الله فيها.
علينا أن نغتنم بقية الشهر فيما يقرِّبنا إلى ربنا جل وعلا، وأن نتزوُّد للآخرة, وذلك من خلال ما يلي:
1- الحرص على إحياء هذه الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والقراءة وسائر القربات والطاعات، وإيقاظ الأهل ليقوموا بذلك كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل. قال الإمام الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
2- الاجتهاد في تحري ليلة القدر في هذه العشر, لقوله تعالى:” لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ“. قال صلى الله عليه وسلم (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إيماناً) أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب. و(احتسابًا) للأجر والثواب، وهذه الليلة في العشر الأواخر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ?تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه، وهي في الليالي الوتر أقرب منها في الليالي الشفع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري، وهي في السبع الأواخر أقرب, لقوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر, فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي) رواه مسلم، وأقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين لحديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ أُبَيٌّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: وَاللهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُهَا، – قَالَ شُعْبَةُ: – «وَأَكْبَرُ عِلْمِي هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» وَإِنَّمَا شَكَّ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَرْفِ: هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بِهَا صَاحِبٌ لِي عَنْهُ ” رواه مسلم، وهذه الليلة لا تختص بليلة معينة في جميع الأعوام بل تنتقل في الليالي تبعًا لمشيئة الله وحكمته، قال الحافظ ابن حجر عقب حكايته الأقوال في ليلة القدر: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأواخر وأنها تنتقل….ا.هـ، ولعل الحكمة في إخفاء ليلة القدر أن يحصل الاجتهاد في التماسها, بخلاف ما لو عينت ليلتها فيقتصر عليها، ولذلك علينا الاجتهاد في قيام هذه العشر جميعًا وكثرة الأعمال الصالحة فيها, لنظفر بها يقينًا بإذن الله عز وجل، والأجر المرتب على قيامها يحصل لمن علم بها ويحصل كذلك لمن لم يعلم بها, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط العلم بها في حصول هذا الأجر.
أخي المؤمن.. في كلِّ لَيلةٍ ساعةُ إجابَةِ، الأبوابُ فيها تفتَح، والكريم فيها يمنَح، فسَل فيها ما شئتَ فالمعطِي عظيم، وأيقِن بالإجابةِ فالرّبّ كريم، وبُثَّ إليهِ شَكواك فإنّه الرّحمنُ الرّحيم، وارفَع إليه لأواكَ فهوَ السّميع البصير، يقول عليه الصلاةُ والسلام: (إنّ في اللّيلِ لساعةً لا يُوافقها رجلٌ مُسلم يسأل اللهَ خيرًا مِن أمرِ الدّنيا والآخرة إلاّ أعطاه إيّاه، وذلك كلَّ ليلة) رواه مسلم.
ونسَماتُ آخرِ الليلِ مظِنّة إِجابةِ الدّعوات، وقد سُئل َرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الدعاءِ أسمَع؟ قال: ( جوفُ اللّيل الآخِر ودُبر الصّلواتِ المكتوباتِ ) رواه الترمذيّ وصححه الألباني.
وقد سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عما تدعو به في ليلة القدر إن هي علمتها، فأرشدها أن تقول: ( اللهم إنك عفو، تحب العفو، فاعف عني).
3- الحرص على الاعتكاف في هذه العشر. والاعتكاف: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى. وهو من الأمور المشروعة. وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله أزواجه من بعده, ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده ) ولما ترك الاعتكاف مرة في رمضان اعتكف في العشر الأول من شوال, كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين، قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أن الاعتكاف مسنون, والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل, لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز، قال في الإنصاف: أقله إذا كان تطوعًا أو نذرًا مطلقًا ما يسمى به معتكفًا لابثًا. هذا, وليس للاعتكاف وقت محدود في أصح أقوال أهل العلم، وينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة, وأن يحاسب نفسه, وينظر فيما قدم لآخرته, وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا, ويقلل من الخلطة بالخلق.
فاتقوا الله عباد الله، وأنيبوا إليه، وأخلصوا له، ولازموا التوبة والاستغفار، واشكروا الله الذي هداكم للإيمان وبلّغكم شهر القرآن وأعانكم فيه على الصيام والقيام، واغتنموا هذه العشر الأواخر بالاجتهاد في العبادة متأسّين برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، لتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة، ولتنعموا بآثار تجديد الإيمان، والتي منها ما يأتي:
الإيمان يحقق السعادة:
السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه .. صفاء نفس، وطمأنينة قلب، وانشراح صدر، وراحة ضمير.
السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه.
حدثوا أن زوجًا غاضب زوجته فقال لها متوعدًا: لأشقينك. فقالت الزوجة في هدوء: لا تستطيع أن تشقيني، كما لا تملك أن تسعدني. فقال الزوج في حنق: وكيف لا أستطيع؟ فقالت الزوجة في ثقة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني، أو زينة من الحلي والحلل لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون!
فقال الزوج في دهشة: وما هو؟ فقالت الزوجة في يقين: إني أجد سعادة في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي!
هذه هي السعادة الحقة، السعادة التي لا يملك بشر أن يعطيها، ولا يملك أن ينتزعها ممن أوتيها، السعادة التي شعر بنشوتها أحد المؤمنين الصالحين فقال: إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!
وقال آخر: إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذن في عيش طيب!
الإيمان مصدر الأمان:
إن الناس يخافون من أشياء كثيرة، وأمور شتى، ولكن المؤمن سد أبواب الخوف كلها. فلم يعد يخاف إلا الله وحده، يخافه أن يكون فرط في حقه، أو اعتدى على خلقه، أما الناس فلا يخافهم، لأنهم لا يملكون له ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.
دعا أبو الأنبياء إبراهيم إلى توحيد الله، وتحطيم الأصنام، فخوفه قومه من آلهتهم التي دعا إلى نبذها، فقال إبراهيم متعجبا: { وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنعام: 81) وقد عقب الله على ذلك حاكماً بين الفريقين فقال: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}( الأنعام: 82 )
وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم في هذه الآية بالشرك: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (لقمان: 13).
الإيمان ينتصر على الأنانية:
وفي القصة التي روتها أم سلمة زوج الرسول مثل واضح على مبلغ أثر الإيمان: رجلان يختصمان في مواريث وليس لهما بينة إلا دعواها، كلاهما يقول: هذا حقي، وينكر على صاحبه أن يكون له حق .. ويحتكم الرجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدر كل منهما فرديته وأنانيته، فيصدع الرسول آذانهما وقلبيهما بهذه الكلمات الحية: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ» البخاري “. سمع الرجلان المختصمان هذه الكلمات الهادرة، فلمست أوتار الإيمان من صدريهما، وأيقظت فيهما خشية الله والدار الآخرة، فبكى الرجلان، وقال كل منهما لصاحبه: حقي لك!
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَمَا إِذْ قُلْتُمَا، فَاذْهَبَا فَاقْتَسِمَا، ثُمَّ تَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهِمَا، ثُمَّ لِيَحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ ” مسند أحمد(أي ليحل كل منكما صاحبه وليسامحه فيما عسى أن يكون حقه).
هنا كانت كلمة الإيمان، وكلمة الضمير الذي أيقظه الإيمان، هي القول الفصل، والقضاء العدل في قضية يعجز القانون المجرد، والقضاء الظاهر، عن معرفة الحق فيها مادام الطرفان متنازعين، ولا بينة لأحدهما.
وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه قصة رجلين مؤمنين، ضربهما مثلاً لما يجب أن يكون عليه المؤمنون من العفاف والزهد والإيثار قال: “اشترى رجل من رجل عقاراً له، فوجد الرجل الذي اشتري العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال للذي اشترى العقار منه: خذ ذهبك عني، إنما اشتريت منك الأرض ولم ابتع منك الذهب.
فقال الآخر: إنما بعتك الأرض وما فيها!
قال صلى الله عليه وسلم: فتحاكما إلى رجل .. فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد؟
فقال أحدهما: لي غلام.
وقال الآخر: لي جارية.
فقال الحكم : أنكحوا الغلام الجارية: وأنفقوا على أنفسكم منه وتصدقا” (القصة رواها مسلم في صحيحه).
وهكذا يرى الناس لونًا ممتازًا من النفوس: رجلان وأمامهما جرة فيها ذهب لا يتقاتلان عليها. ولكن يتدافعانها، يقول كل منهما لصاحبه: هي لك .. على حين نرى الإنسان دائماً يقول: هذا لي!
الإيمان يحقق التراحم في المجتمع:
والمؤمن يعتقد أنه دائمًا فقير إلى رحمة الله تعالى، فبهذه الرحمة الإلهية يعيش في الدنيا ويفوز في الآخرة. ولكنه يوقن أن رحمة الله لا تنال إلا برحمة الناس “وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ” البخاري. ” وَمَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ ” المستدرك، ”الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ” الترمذي. ورحمة المؤمن لا تقتصر على إخوانه المؤمنين – وإن كان دافع الإيمان المشترك يجعلهم أولى الناس بها- وإنما هو ينبوع يفيض بالرحمة على الناس جميعًا.
توصيات عملية:
الاجتهاد في الطاعات والأعمال الصالحات.
التراحم في العلاقات والمعاملات بأنواعها.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...