“في القلب أنتم”.. الشهيد الدكتور رامي حسين عبد العال

الشهيد الدكتور رامي حسين عبد العال

“قليل هم الذين يحملون المبادئ ، وقليل من هذا القليل الذين ينفرون من الدنيا من أجل تبليغ هذه المبادئ ، وقليل من هذه الصفوة الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم من أجل نصرة هذه المبادئ والقيم ، فهم قليل من قليل من قليل”

كانت هذه من كلمات الشهيد الذي صدق في مقاله هذا وكان من هذا القليل الذي اصطفاه الله تعالى.

الشهيد الدكتور رامي حسين عبد العال ، طبيب بشرى دفعة 2008م طب الازهر ، مواليد 29- 1- 1985م من أجا دقهلية ، متزوج من طبيبة وله طفلان أحمد سنتين وأنس 6 شهور.

هو مسلم ملتزم بتعاليم الإسلام وحافظ لكتاب الله كاملاً وهو في سن الطفولة ، بار بوالديه وأهله ، نشيط في أعمال الخير والخدمة العامة والخاصة والحملات الخيرية والتطوعية ومساعدة الفقراء والأرامل والأيتام وعموم الناس.

تميز الدكتور رامي بابتسامة معبرة عما في أساريره من رقة المشاعر وحنو القلب وحرص على رسم البسمة في وجوه الآخرين.

وهو أحد كوادر حزب الحرية والعدالة وأمين شباب الحزب بمركز أجا وأحد نشطاء العمل السياسي والثوري ومن أوائل فرسان ثورة يناير ، وكان متفانياً في تقديم الخدمات للجمهور ونال احترام من يؤيده في الفكر ومن يخالفه كذلك..

يقول الدكتور رجب الذهبي :

كان بشوشاً بساماً في وجه من يلقاه ، مهموماً بالدعوة والعمل المجتمعي.

ويروي صلاح العشري:

كنت معه في ثورة 25 يناير بالمنصورة وأردت أن أهتف بالناس ، فقال لي “ابدأ انت وأنا وراك” ، كان الشهيد أحد أبطال موقعة الجمل في ميدان التحرير ، كان يضمنا في حضنه حينما اشتد البرد علينا في الميدان ، كنت أذهب إليه في أي وقت حتى في منتصف الليل وأشكو إليه مشكلاتي وأفضفض معه.

ويضيف الدكتور إسماعيل مسعد:

كان رامي زميل الدراسة ، لم أر منه شيئاً يعيبه أبداً ، كان سلمياً طوال حياته ، يحبه كل من يعرفه ، يخدم كل من حوله لوجه الله.

ويستكمل مصطفى عبد الحميد:

لم أعهد عليه إلا أنه ملتزم ، خدوم ، حنون ، يؤثر زمايله على نفسه.

ويصفه الدكتور إسلام فكري قائلاً:

من أندر الناس إخلاصا واجتهادا لفعل الخير ، شهادة منى أمام الله وأنا لم أنتمي للإخوان ، ولكني أحببته كأخ لي ، كان علامة مميزة وبصمة رائعة لطب الأزهر.

ويقول محمد العشري :

ما من يوم لك فيه ذكري طيبة على مدي عشرة أعوام إلا وكان هو أحد أعمدة السعادة فيها بحضوره وابتسامته ، كان من أحبائي القليلين وكنت من أحبابه الكثر

ويحكي محمد المسعدي:

كنا في مسيرة قبل فض الاعتصام بيومين وقلت له “ألن تنزل البلد وتحضر فرح صاحبك” فرد بكل حسم “لأ طبعا.. إحنا فى رباط وجهاد ، هنا أكثر أجراً وأولوية”

يعبر أحمد ماهر عن سمته ويقول:

لن أتكلم عن أخلاقة ولا صفاته ، صورته تتحدث عن كل شيء

ويضيف محمد الدليل:

كان دوماً أفضلنا قلباً وأرقنا نفساً وأحسننا خلقاً

ويقول محمود الحفناوي:

شهيد تعلم منه آلاف الشباب

ويؤكد عبد الرحمن الشافعي:

هو أكتر واحد محترم عرفته في حياتي ، علمني يعني إيه أعيش للناس ، علمني أن أعيش لقضية وأن الفكرة لا تموت ، هو من حفظني القرآن.

 

إلى رابعة العدوية

شاهد الدكتور رامي الموت المرة تلو الأخرى من البلطجية والانقلابيين في كثير من الأحداث والفعاليات الداعمة للشرعية والمناهضة للانقلاب.

رأى مجزرة الجمعية الشرعية بالمنصورة والتي استشهد فيها ثلاثة وأصيب فيها المئات .

وفي يوم 28- 6-2013م هاجم البلطجية مقر حزب الحرية والعدالة بأجا وأحرقوا المقر ، وتعرض الدكتور رامي لطعنة بالمطواة فى صدره لكنها لم تصبه نتيجة ارتداءه لحزام تخسيس ، وأصيب ببعض الكدمات الخفيفة.

وفي اليوم التالي 29 يونيو ، أعد الدكتور رامي حقيبته وشد رحاله للرباط والاعتصام في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة ، وكان الدكتور رامي هو المسئول عن خيمة أجا.

كانت يوميات الميدان ، صلاة في جماعة وقراءة الأذكار صباحاً ومساءً ، وتلاوة الورد القرآني ، وقيام وتهجد ، وانطلاق مظاهرات لعدة كيلو مترات لتهتف إسلامية إسلامية ، في سبيل الله قمنا ، يسقط يسقط حكم العسكر.

وانتقل الدكتور رامي مع آخرين للاعتصام أمام الحرس الجمهوري وراح ينصب الخيمة قبل المجزرة بلحظات ، ثم عاد لصلاة الفجر في ميدان رابعة ، وعقب الصلاة سمعوا أصوات إطلاق الرصاص وكبر من في الميدان ورددوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، ثم ارتدى الكمامات والشنط وفيها الخل والكولا والمصاحف ، وراح يسعف الجرحى وينقل الشهداء.

وعقب المجزرة كتب يقول:

إلى الشرفاء الذين لم ينزلوا الميدان ، أنتم شرفاء حتى الان ، لأنه لا شرف لمن رأى مصر تسرق وجلس فى بيته ، ولا شرف لمن رأى الحق ولم ينتصر له ، الشرف مواقف ، فلينتفض الشرفاء فوراً وإلا الشرف للأبطال والشهداء ولا حجة لأحد أمام الله ، هل تتجرأ وتقول لربك إذا سألك أين كنت؟ أنك كنت فى بيتك أو متجرك أو عيادتك أو دنياك ، أدرك شرفك قبل اللحظة الفارقة فهى آتية لا محالة بوعد لله

وحين وقعت المجزرة التالية أمام المنصة (النصب التذكاري) والتي دامت نحو 12 ساعة ، قام فيها بنقل الشهداء واسعاف الجرحى قال لأحد رفقاءه : هو احنا ملناش نصيب فى الشهادة دى ولا إيه؟ .. فعلا .. هيا مابتلمش !.

ومع انقضاء شهر رمضان وقبل العيد بيومين جاء إليه والديه وزوجته وأولاده واخواته إلى الميدان ليعيدوا معه ، وكان عيداً مختلفاً ، ولم يدر هؤلاء أنه عيد الوداع للشهيد.

 

استشهاده

يقول احد رفقاء الشهيد :

فى ليلة الفض ذهبت أنا والدكتور رامى وآخرين لشراء بعض المستلزمات للخيمة ، وفى الساعة الثانية ليلاً ، صلى الدكتور رامى قيام الليل وتناول السحور ثم صلى الفجر ، ثم ذهبنا إلى لنطمئن على استعدادات التأمين ولم نكن نتوقع أن يكون الفض بهذا الإجرام ، ثم عدنا للخيمة وجلسنا نتسامر وكان الدكتور رامى في غاية السعادة هذا اليوم ثم نمنا قليلاً حتى فوجئت بالدكتور رامى يوقظني قائلا: يالا الفض بدأ.

كان الضرب ينهال على الميدان من كل النواحي ، تركنا كل شئ ما عدا شنطة المعدات والكمامة ، ورامي لا تفارقه الابتسامة وهو يعد نفسه للخروج من الخيمة، وخرجنا خارج الخيمة ، ونظر الدكتور رامى لمبنى الإدارة العامة للمرور ورأى قناص ويظهر الجزء الأمامي من السلاح ، وفجأة أطلق الرصاص الغادر على الدكتور رامي واخترق الرصاص رأسه ووقع على الأرض غارقاً في دماءه وقال ” لقد رأيت منزلتي في الجنة”

وحينما حمله إخوانه إلى اسعاف لنقله ، تم اعتقال والده من سيارة الاسعاف حيث كان يرافقه .

يقول المهندس عبد الله محمود:

كنت معه آخر لحظاته داخل سيارة الاسعاف أنا والحاج حسين والده ، وكان في غيبوبة تامه ، ولكن كان ينطق بالشهادة وكلمه لا اله الا الله .

انقطعت أخبارهما عن أسرته حتى تأكد لهما خبر استشهاده واعتقال والده الذي لم يعرف باستشهاد ابنه إلا بعد نحو أسبوع.

تقول والدته :

أنا سعيدة جداً باستشهاد ابني ، هو من خيرة شباب البلد ، فيه كل البر وكل الود وكل الحب .

تقول زوجة الشهيد أنها تشعر بوجوده طوال الوقت ولا تشعر أبداً أنه فارقهم ، إنه ما زال حياً ومن قتلوه هم الأموات.

 

من كلماته:

عزيزي غير المقتنع بالتزام شباب الإخوان بقرار مجلس شوري الجماعة ..

إن قادة الإخوان بالنسبة لشباب الإخوان ، مش مجرد ناس بنشوفهم في التليفزيون ، أو بنسمع عن قراراتهم من الإعلام ، ومطلوب مننا التنفيذ بس .

دول ناس عشنا معاهم ، واتربينا علي ايديهم ، صلينا معاهم ركعات في جوف الليل ، بكينا معهم ، سمعنا منهم وسمعوا منا.

احتوونا وأدبونا وعلمونا مجاهدة النفس .. عرفونا الطريق إلي الله ..

حدثونا عن خبراتهم وحياتهم عن معاناتهم وعذاباتهم في السجون ..

كانوا دوما بجانبنا في الأحزان والأفراح ..

حببونا في رسول الله وعلمونا سيرته واتباع منهجه .. هذبوا أفكارنا من أي شطط أو تطرف ..

علمونا العمل علي إقامة شرع الله في الأرض بمفهومه الشامل ..

علمونا حسن الخلق وأن نحمل الخير لأمتنا .. ولأهلنا ..

هذه القيادات ، عشنا معهم وعايشناهم وعاشوا في قلوبنا ..

والثقة فيهم ، ثقة مبنية علي الحب والاخوة ..

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“عمر التلمساني” مجدد شباب الجماعة ومُطلق الدعوة إلى العالمية

في مثل هذا اليوم 22 مايو 1986، أي قبل 33 سنة، ودّعت الأمة عمر التلمساني، ...