محرقة رابعة.. والانتقام الربانيّ من الظالمين وأعوانهم

 لم يشهدِ الناسُ في تاريخ مصرَ الحديث استباحةً لحرمة الأنفُس والأموال والأعراض، وولوغاً في دماء المسلمين المعصومةِ على نطاقٍ عريض، مثل الذي ارتكبتْه عصابةُ الانقلابِ العسكري العلماني الشيوعي الصليبي الصهيوني الأثيم في مصر، بقيادة الخائن السيسي، والتي تجلَّتْ في محرقة “رابعة” و”النهضة” ونظائرهما.
ولَم يَعْرفِ الناسُ كذلك حالةً مِن إظهار التواطؤ والرضا بفظائع الانقلابِيّين ومجازرِهم من فئةٍ من المصريين مثلَ الذي شاهدناه عقبَ الانقلاب الغادر الأثيم.
وإنّ هذه الحالةَ من استباحة حرمة الأنفُس والأموال والأعراض، والرضا بها على هذا النحو السافِر؛ لَهي نذيرُ شؤمٍ، وما كانت لتسقُطَ مِن ميزان العدل الربّاني دون انتقامٍ ممّن أجْرم وممن ساعد ورضيَ وشايَع المُجرم.
ويكفِي أنّ مصرَ منذ الانقلاب الأثيم، والمجازر البشعة وما صاحبَها وأعقبَها مِن ظُلم لمْ ترَ خيرا.
أمّا القِصاص من القتَلة ومن شاركَهم فهو حقٌّ يأبى النسيان، وهو قادِمٌ لا محالة.
(2)
وأما جنود السيسي فلن يفلتوا من العقاب الربّاني؛ حيث كانوا أدواته المباشرة في الإرهاب وسفك الدماء البريئة المعصومة، فهم مثل جنود فرعون في العمل والجزاء.
ولم يكن جنودُ “فرعون” في ميزان العدْلِ الرباني إلا مجرمين ظالمين مثلَ سيّدِهم.
فحكم عليهم ربُّ العالمين بأنهم شركاءُ للطاغية “فرعون” في الإجرام والعصيان.
قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [سورة القصص: 8].
وأذاقهم الله من العقاب الربّاني مثلَ الذي حلَّ بالطاغية الذي كانوا يأتمرون بأمره، فيقتلون ويبغون في الأرض .. ولم يشفع لهم أنّهم فقط ينفِّذون الأوامر.
قال تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [سورة القصص: 40].
{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} [سورة الذاريات: 38 – 40].
(3)
وأمّا الذين فوّضوا الخائنَ، وفرِحوا في ظلم وقتل وتشريد الأبرياء، وانتهاك الحرمات، فلْيعلموا أنهم شركاءُ في كل ما جرى من مظالم وفظائع، وإنْ لم يتوبوا فلهم  من العقاب الإلهي نصيبٌ موفورٌ، ولنْ يكونوا بعيدين عن الانتقام الرباني من الظالمين وأعوانهم.
إنّ الذي عقر الناقةَ مِن قوم نبيِّ الله صالح كان شخصا واحدًا واسمه “قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ”، ويقال له: “أُحَيمر ثمود”، ويُضرب به المثل في الشقاء والشؤم، لكنّ الله تعالى أسندَ القتلَ إلى الجميع، وعاقب الجميع، وأكَّد سبحانه على تساويهم في العقوبة. {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [سورة الشمس: 14]
والدّمدمة: إهلاكٌ باستئصال، أَيْ أَهْلَكَهُمْ، فَجَعَلَهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ.
قال قتادة: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْقِرْهَا حَتَّى تَابَعَهُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ، ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ.
(4)
شعب “تسلم الأيادي”: وأما عامة شعب السيسي الذين يتباهون بأنهم شعبه، حين غنّى فاسقُهم وهو يتحدث عن معارضي الانقلاب قائلا: “انتوا شعب واحنا شعب .. لنا رب ولكم رب!”، وغنوا أغنيتَهم الحقيرة “تسلم الأيادي” التي تمجّد القاتل وتتباهى بإرهابه؛ فهؤلاء أيضا مصيرهم مثل مصير شعب فرعون الذين انتقم الله منهم؛ جزاء تأييدهم لفرعونهم الباغي الظالم.
فشَعْبُ “فرعون” ومؤيدوه الذين صفّقوا لباطله وبَغْيِه، ورقصوا على آهات المظلومين، وغَنَّوا على أَنّات المجروحين؛ لم يكن لهم مِن عُذرٍ على تأييدهم للطاغيةِ وهو يقتل ويتكبر ويبغي الفساد في الأرض، فأصبحوا شركاء له في المصير مثلما باتوا شركاء في الجُرم.
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [سورة الزخرف: 54 – 56].
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [سورة الأنفال: 54].
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 45، 46].
عن العُرْسِ ابنِ عَمِيرَةَ الكِنديِّ، عن النبيِّ  ﷺ قال:
«إذا عُمِلَت الخطيئةُ في الأرض كان مَن شَهِدها فكَرِهَها ـ وقال مرة: فأنكرها ـ كان كمَن غابَ عنها، ومن غابَ عنها فَرضِيَها كان كمَن شَهِدها». [رواه أبو داود، والطبرانيُّ في المعجم الكبير. وحَسّنه شعيب الأرنؤوط].
وقال عَبْدُاللَّهِ بن مسعود: «إِنَّ الرَّجُل لَيَشْهَدُ الْمَعْصِيَةَ يُعْمَلُ بِهَا فَيَكْرَهُهَا فَيَكُونُ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا،وَيَغِيبُ عَنْهَا فَيَرْضَاهَا فَيَكُونُ كَمَنْ شَهِدَهَا».
[رواه نعيمُ بنُ حمادٍ في كتاب الفتن،وابنُ أبي شيبةَ في المصنَّف].
والله غالب على أمره.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...