الأسباب الحقيقية وراء عودة السفير الإيطالي للقاهرة

بعد مرور أكثر من عام على سحب السفير الإيطالي من القاهرة في 8 أبريل 2016م احتجاجا على مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر على جثته 2 من فبراير 2016 وعليها آثار تعذيب وحشي بالقرب من صحراء مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة على مسافة صغيرة من مقر الأمن الوطني بالشيخ زايد، قرر الحكومة الإيطالية في 14 أغسطس 2017 الموافق الذكرى الرابعة لمذبحة “رابعة” إعادة السفير مجددا في خطوة اعتبرها مراقبون مكافأة لسفاح مصر عبدالفتاح السيسي على ذبحه للمصريين المسلمين في ربوع المحروسة.
وطبقا لصحيفة “لاستامبا” الإيطالية فقد أعربت أسرة الباحث الإيطالي “جوليو روجيني” عن غضبها لمضمون قرار الحكومة الإيطالية لعودة السفير للقاهرة، حيث قال والدي ريجيني أنه بعد 18 شهرا من الصمت الطويلة حول القضية لم تحدث أي انفراجة حقيقة فى محاكمة المتهمين باختطاف وقتل نجلهم، لم نصل إلى أي حقيقة رغم التعاون بين السلطات القضائية المصرية والإيطالية، وبعد تلك الفترة سيعود السفير إلى القاهرة، أننا نشعر بالغضب.
وانتقدت صحيفة “الماتينو” الإيطالية تلك الخطوة وقالت إن منظمة العفو الدولية اعتبرت قرار عودة السفير الإيطالي بأنه استسلام من قبل الحكومة الإيطالية، لافتة إلى أن العلاقة الدبلوماسية كانت الوسيلة الوحيدة للضغط على الحكومة المصرية من أجل الوصول إلى الحقيقة في قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.
سبب غير منطقي
وساقت صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، سببا اعتبره مراقبون بغير المنطقي، حيث تعزو إعادة السفير الإيطالي إلى قيام سائح إيطالي بقتل مدير فندق مصري بالبحر الأحمر بعد مشاجرة كبيرة، وقالت الحكومة الإيطالية وفقًا لما أشارت إليه الصحيفة، إنها تتابع قضية مقتل السائح الإيطالي “ليوناردو إيفان باسكال” لمدير الفندق المصري، وفي حال وجود السفير الإيطالي بمصر، لكانت عملية التواصل بين إيطاليا ومصر أسهل بكثير من ذلك.
ولكن الأسباب والدوافع الحقيقة تبدو أكبر من ذلك بكثير وتتعلق بملفات كبيرة اقتصاديًا وإقليميًا.
التفسير المصري
وكان التفسير الرسمي من جانب حكومة الانقلاب، يعزو تلك الخطورة إلى ما شهدته الفترة الأخيرة من تحقيقات بالتعاون بين النيابة في البلدين وشفافية الجانب المصري في التعامل مع الملف، بالإضافة إلى التطورات الخاصة بالملف الليبي، وكان لذلك تأثير إيجابي على عودة السفير، واعتبار أن ما حدث في العام الماضي هو أمر استثنائي وغير طبيعي ولم يكن له تأثير كبير على العلاقات القوية بين البلدين، لكن تلك التطورات الأخيرة سواء بالملف الليبي أو فيما يخص التحقيقات جعلت من الضروري وجود السفير الإيطالي في مصر لمتابعة مجالات التعاون بين البلدين.
الملف الليبي والهجرة غير الشرعية
وإزاء غضب أسرة ريجيني  على قرار الحكومة الإيطالية، فإن متابعة التحقيقات عن قرب يبدو إعلانه ضروربا لتفسير إعادة السفير وإن كان ذلك لا يمنع من وجود دوافع وأسباب أخرى دفعت الحكومة الإيطالية إلى اتخاذ القرار في هذا التوقيت.
فمن الأسباب التي يمكن القول أنها دافعة لعودة السفير، كان ضغط مجلس الشيوخ الإيطالي على الحكومة بعد تطور الأوضاع في ليبيا ومعاناة إيطاليا من الهجرة غير الشرعية، وإدراك إيطاليا لأهمية الدور المصري في هذا الملف، فكانت إيطاليا قد أعلنت تسليح القوارب التي تسخدمها حكومة السراج لمكافحة الهجرة غير الشرعية، مخترقة بذلك الحظر الدولي على ليبيا لاستيراد الأسلحة منذ 2011،
بالإضافة إلى أن البرلمان الإيطالي صادق منذ أيام على طلب المجلس الرئاسي بشأن تواجد قطع بحرية إيطالية في المياه الإقليمية الليبية لمطاردة الهجرة غير الشرعية، رغم أن ذلك شهد معارضة ليبية وخاصة من الجيش الليبي بقيادة حفتر، هذا استدعى عودة التعاون مع مصر للتنسيق من أجل إعادة الاستقرار للأراضي الليبية.
ففي نهاية الشهر الماضي، استقبل الفريق “محمود حجازي” رئيس أركان حرب القوات المسلحة نظيره “كلاوديو جراتسيانو”، ومن المرجح أن يكون الملف الليبي وتطورات الموقف الإيطالي منه مؤخرا كانت ضمن موضوعات النقاش التي شهدها اللقاء.
ضغوط شركات الطاقة الكبرى
ومن الأسباب التي دفعت روما لإعادة السفير، ضغوط شركات الطاقة الإيطالية الكبرى والتي لها مصالح كبيرة في تعزيز التعاون مع حكومة الانقلاب التي ترى في ملف الطاقة إنقاذا لها من التدهور الاقتصادي الحاد في كل القطاعات.
إذا الأمر يتعلق بالمصالح الاقتصادية المتبادلة، وخاصة في ظل اكتشاف شركة إيطالية “إيني” لأكبر حقل غاز في المياه الإقليمية المصرية منذ عامين، حيث تعمل في مصر كبريات الشركات الإيطالية في مجال التنقيب عن البترول، بالإضافة للسياحة والرغبة في الترويج لمصر في إيطاليا.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...