منافقو السياسة هم منافقو الدين

بقلم: عامر شماخ

 

معلوم أن المنافق هو من يتظاهر بإسلامه، وفى حقيقته هو عدو الدين، وهو والكافر سواء؛ فهما فى جهنم جميعًا، بل المنافق أخطر من الكافر فى تستره بالإيمان، وإعلانه خلاف ما يبطن، وهو لا يبطن إلا شرًا وسوءًا، والقرآن والسنة قد فصّلا وأوجزا فى سماته وصفاته؛ لخطورته على الصف، وخيانته للدعوة، ونظرته القاصرة على مصالحه الشخصية دون صالح المجموع ورأى الأمة.

 

والمنافق مفتر، كاذب، حاقد، أنانى، فاسد القلب، منكوس الفطرة، تجتمع فيه أمراض النفس مع الكبر، والزهو وحب الظهور.

 

وتخيل واحدًا بهذه الصفات؛ فهو عبد هواه، عدو نفسه، مطية شهواته ونزواته، ورغباته وحاجاته؛ لا ينظر إلى الأشياء إلا بعين نفسه، فلا يدافع عن حق، بل يهاجمه، وينقده، ويحاربه لأنه يضاد هواه، ويقطع عليه شهواته، ويمنعه رغباته، ويجهض أحلامه، ويكشف سوءاته وفساده. من ثم لا تجد منافقًا إلا وجدت الخديعة والإفك، والزور والكذب، ورمى الآخرين بدائه.
ولن تجد صعوبة فى معرفة هؤلاء المـناكيد، رغم ما يظهرون من حلو الكلام؛ فهم كما يقول الكتاب الكريم (وإن يقولوا تسمع لقولهم). فإنهم يعرفون فى لحن القول، وسقطات اللسان، ومخالفة الأفعال الأقوال، والتذبذب، وإبداء العداوة فى حالات بعينها؛ كغياب أهل الحق – كالفأر الذى يعربد إن خلا له الجو.

 

هذه -باختصار- أظهر صفات منافقى الدين -قديمًا وحديثًا- وهى تنطبق على كثير من السياسيين الذين ابتلينا برؤية وجوههم البائسة ليل نهار، وقد آذونا، وأضاعوا البلاد والعباد، وأعادونا إلى الوراء عشرات السنين؛ لحاجة فى نفوسهم، ورغبة آثمة: لئلا يحكم الإسلام ويعود الناس إلى بارئهم.

 

لقد رضى هؤلاء السياسيون بالقتل والحرق، ورضوا بالظلم والتفرقة، ولم يخضعوا لمبدأ أو خلق، بل نزعت ضمائرهم؛ فهم كالأنعام، بل هم أضل. وضعوا أيديهم فى أيدى المجرمين، وأيدوهم، وساندوهم، وحللوا لهم الحرام، وحرموا لهم الحلال، وشرعوا لهم ما لم يأذن به الله، بل وضعوا أنفسهم جنودًا طائعين لهؤلاء المجرمين؛ فمنهم من قتل، ومنهم من حرق، ومنهم من سرق فلا يزالون على هذا الإجرام والنفاق حتى مكنوا الظالمين من رقاب وأرواح العباد؛ ورغم كل هذا فهم لا يشعرون بذنب ولا تأنيب ضمير، بل تبدو عليهم الشماتة، وهى صفة رذيلة تجمعهم بالكافرين؛ فإذا أصاب المسلمون سيئة فرحوا بها، وإن أصابتهم حسنة اغتموا لها، وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون.

 

من أجل ذلك عندما يقع أحد هؤلاء تحت نيران الظالمين، الذين ساندوهم على ظلمهم ولا يزالون، أو عندما يهلك فإنى أشعر بما يشعر به الحجر والشجر ساعة ذلك؛ أفرح فرحًا شديدًا أن أراحنا الله منه؛ أراحنا من غله وحقده وسفهه ورعونته، وأطمئن لأنه صار عند الحكم العدل، الذى يحاسب على الفتيل والقطمير، والذرة وما علا وما نزل، وليس أسعد للمؤمن من القصاص العادل من مجرم افترى على الله كذبًا، وملأ الأرض فسادًا، والله لا يحب الفساد.

 

لا أرى أغبى من هذا المنافق، السياسى الأحمق، الذى تمر عليه السنة والسنتان، والعظة والعظتان؛ فلا يتعظ وقد أعطاه الله الفرصة تلو الأخرى كى يعود إلى رشده، وكى يعترف بالحقيقة فيناصر الحق ويعادى الباطل ويقول خيرًًا؛ لكنه مستمر فى باطله، كأن على عينه غشاوة، وفى أذنيه وقرًا، أو كأن الله ختم على قلبه، فترى هذا الملعون قد رصد عمره حتى ساعة موته لمناصرة الباطل ودعم الفجرة الفسقة؛ فسبحان من هدى من شاء، وأضل من شاء؛ فهو عالم الغيب، ولو وجد فيهم خيرًا لأسمعهم، ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...