آه يا بلد العجايب!!

بقلم: د. عز الدين الكومي
صدق من قال إن مصر بلد العجايب، فعندما يقوم رئيس جامعة بهدم مسجد الجامعة لأنه يفرخ الإرهاب، وعندما يستولي العسكر على معظم اقتصاد البلاد، ويحولوا الجيش لمؤسسة اقتصادية خاصة لهم ولذويهم، عندما سقط برلمان العسكر، عضوية نائب لأنه استقبل السفير الصهيوني في بيته، ولا يتحدثون عن لقاءات قائد الانقلاب بالصهاينة فى العقبة ونيويورك سرًا وجهرًا.
لا شك أن الشاعر الذى وصف مصر قائلاً:
يا بلدنا ………. فيكى حاجة محيرانى
نزرع القمح فى سنين يطلع القرع فى ثوانى
فيكى الرشوة والواسطة والبعيد يصبح دانى
حتى الغفير ينهب وبعد شهور يصبح غانى
والظلم فيكى للركب والبريء يصبح جانى
وهذا ما حدث مع الشاب النابغ “عبد الحميد شتا”.. ابن قرية الفرماوي بمحافظة الدقهلية، الذى انتحر غرقا في نهر النيل عام 2003؛ احتجاجا علي خلو كشف المعينين بالسلك الدبلوماسي من اسمه، في مسابقة تقدم لها خمسة آلاف شاب في وزارة الخارجية، لأنه غير لائق اجتماعيا، ولا ينتمى لعلية القوم، فصعد أعلى كوبري أكتوبر، وألقى بنفسه فى النيل ، لأنه بعدما تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قرر بعد تخرجه تحضير رسالة ماجستير موضوعها “دور المحكمة الدستورية في الإصلاح السياسي”، ولكن كان حلمه أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي.
ولكن عندما تقدم لاختبار جهاز التمثيل التجاري للحصول على وظيفة ملحق تجاري،اجتاز جميع الاختبارات، الشفوي، والهيئة، والتحريري، بنجاح وكانت ترتيبه الأول ، وكانت المفارقة أن جميع من تقدموا للإختبار نجحوا إلا هو، لأنه غير لائق
اجتماعيًا لأن والده الحاج على شتا، فلاح بسيط!!
فى الحقيقة الشاب عبدالحميد شتا، لم ينتحر،ولكنه قُتل قتله الفساد واغتاله الظلم !!
وفى شهر إبريل الماضى تقدم أحد أعضاء برلمان العسكر، بطلب إحاطة، إلى رئيس برلمان العسكر، ضد وزير بترول الانقلاب، طارق المُلا، لإصداره قراراً بتعيين نجلة وزيرأوقاف الانقلاب،  مخبر أمن الدولة، “محمد مختار جمعة” في شركة الشرق الأوسط لتكرير البترول (ميدور) الحكومية،
وتضمن الطلب معرفة ضرورة القواعد التي جرى التعيين على أساسها، خاصة أن ابنة وزيرالأوقاف حاصلة على ليسانس أدب إنجليزي، وحديثة التخرج (دفعة 2016)، بينما يُعاني الآلاف من خريجي كليات الهندسة، قسم بترول وتعدين، من عدم الحصول على فرصة التوظيف بإحدى شركات البترول، لأن قانون الخدمة المدنية، نص على أن قرارات التعيين فى الوزرات والهيئات الحكومية لا تتم إلا من خلال إجراء مسابقة رسمية، ضماناً لمعايير الشفافية والعدالة!!
وقبل أيام قليلة تم تعيين حبيبة أحمد عبد العزيزعز ،أمين التنظيم فى الحزب الوطنى المنحل، والبالغة من العمر خمسٍ وعشرين سنة، كمستشارة لوزير التربية والتعليم ،ولاعلاقة لها بالتربية والتعليم ، لأنها كانت تعمل من قبل  فى منظمة ألمانية.
وقد قام الوزيرالانقلابى، طارق شوقي وزير التربية والتعليم، بتعيينها مستشارة للتعليم الفني مقابل راتب، يصل إلى ثلاثة وأربعين ألف جنيه شهريا -أي ما يوازي راتب خمس وعشرين معلم – ،وستكون وظيفة حبيبة، هى مرافقة الوزيرالانقلابى ،فى المؤتمرات والاحتفاليات التي تقيمها الوزارة، فى حين أن هناك أعداد لاحصر لها أفنت أعمارها فى العمل فى الوزارة، ولم يتجاوزراتبها الثلاثة ألاف جنيه!!.
وحبيبة ليست الوحيدة ،التى المحظوظة،لأن الوزير الانقلابى، عين نحوعشرين مستشاراً له كلهم من خارج وزارة التربية والتعليم، ومن خارج كليات التربية ما بين مندوبي إعلانات أوطلاب أوأعضاء في منظمات أجنبية مشبوهة تعمل في مصر، أو حرامى سابق!!.
وفى الوقت الذى تم تعيين المحظوظة حبيبة أحمد عز، كانت الشرطة تطارد حملة الماجستير والدكتوراة فى الشوارع المحيطة بمجلس وزراء الانقلاب، وألقت القبض على عدد منهم ،خلال وقفة احتجاجية لهم أمام مجلس وزراء الانقلاب، احتجاجًا على عدم تعيينهم بالوظائف الحكومية، والمطالبة بتنفيذ قرار رئيس مجلس وزراء الانقلاب، بتعيين الدفعات من 2012 وحتى 2015، فى الوزارات والجهات الحكومية، وتمت أحالتهم للنيابة العامة ، بتهمة التظاهرة بدون تصريح واستعراض القوة، وتعطيل المرور!!.
وقبل شهور كشفت صحيفة الفجرالموالية للنظام الانقلابى،عن خريطة التوريث والمحسوبيات و”كشوف البركة” بتعيينات “النيابة العامة” وتعيينات أبناء القضاة والقيادات الأمنية العليا.
وتعينات النيابة، لم تكن قاصرة على أبناء القضاة والمستشارين، حسب نظرية الزند فى “الزحف المقدس”، لكن أظهرت التعيينات في هذه الدفعة عن تعيين أبناء قيادات بوزارة الداخلية والجيش، ومن الماجأت، تعين ظابط شرطة في تعيينات النيابة العامة كوكيل نيابة، كان قد سبق اتهامه رسمياً بقضية التعذيب الشهيرة بالأقصر، والخاصة بتعذيب المواطن “طلعت شبيب” حتى الموت، وعندما كان معاون مباحث بقسم الأقصر وحوكم بمقتضاها،
بمقتضاها، وكذلك تعيين أبناء سبعة من الضباط والقيادات الأمنية الكبرى!!
وكان وزير عدل الانقلاب الفاشى “محفوظ صابر”قد صرح  بأن  ابن عامل النظافة لا يمكن أن يصبح قاضياً أو يعمل في مجال القضاء، لأن القاضي لا بدّ أن يكون قد نشأ في وسط بيئي وإجتماعي مناسب لهذا العمل.ليس شرطاً أن يكون متفوقاً أو مستحقاً لهذه الوظيفة!!
هذه الفاشية التى أوجدها النظام العسكرى الدكتاتورى،عقب ثورة يوليو،وأكذوبة إقامة عدالة إجتماعية، من خلال أفلام الخيال العلمى التى رافقت الثورة البائسة!!
x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...