القدس قضية كل مسلم

المقدسات في التشريع الإسلامي
من المسلم به أنه في حياة كل أمة مقدسات.. لا بد من حمايتها والذود عنها..والأمة المسلمة
– بصفة خاصة – تتحدد مقدساتها بنصوص ثابتة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذه المقدسات قد تكون أزمنة أو أماكن أو شعائر..
وكلها تشترك في أنها مقدسات لا بد من إقامتها وإعلاء شأنها،
وحمايتها من كيد الأعداء فحرمة الأماكن – مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى – تتساوى مع الشعائر (مثل الصلاة والصيام) وكذا مع حرمة الأزمنة (الأشهر الحرم)،
وكذا مع حرمة الرسل والأنبياء عليهم صلوات ربي وسلامه، إذ إن كل هذه مقدسات.
القدس أحد أقدس المقدسات في المنهج الإسلامي
1 – ففي القرآن الكريم:
(سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الإسراء:1) فهي المكان الذي بارك الله حوله وليس في المسجد خاصة، إنما تمتد البركة والتقدير والاحترام إلى كل ما حول هذا البناء المبارك بلا حدود، وقد تغطي أرض الشام كلها.. حيث وردت أحاديث شتى تنبه على أفضلية الديار الشامية. وفي السنة المطهرة حديث مضاعفة الأجر لمن صلى في أحد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام بمكة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، والمسجد الأقصى ببيت المقدس، كما حصل الحرم الثالث كالحرمين الأول والثاني على الاستثناء بشد الرحال إليها خلافاً لباقي المساجد، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ” وفي الحديث المتفق عليه أيضاً: ” الصلاة في المسجد الأقصى تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد ما عدا المسجد الجرام والمسجد النبوي“.
2 – وبيت المقدس هو القبلة الأولى للمسلمين
وأرض الإسراء والمعراج وحين استقبلها النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون في صلاتهم كان ذلك تأكيداً على وحدة الدين. وأن المسلمين أولى الناس بميراث الأنبياء والمرسلين كما قال صلى الله عليه وسلم ليهود المدينة: ” نحن أولى بموسى منكم “.
3 – وبيت المقدس رمز لصراع العقائد الصحيح منها والفاسد..
فقد كانت كذلك على مر التاريخ، ففي القديم طلب موسى من قومه أن يدخلوها فهي ما وُعدوا به (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)(المائدة:21)، ثم كان انتقالها إلى سيادة الدولة المسلمة وتم ذلك بأمرين الأمر الأول: باجتماع كافة الأنبياء والمرسلين مع الملائكة للصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتسلم لواء القيادة في مشهد بهيج لم يسبق له مثيل، أما الأمر الثاني: فهو الفتح العمري للقدس (نسبة إلى عمر بن الخطاب) حيث أمر ابن الخطاب قائد الجيش أبا عبيدة بن الجراح بفتح بيت المقدس ثم حضر بنفسه ليتسلم مفاتيح المدينة من البطارقة، ثم جعلها الصليبيون هدفاً لهم حتى احتلوها عام 492 هـ ولا يخفى على أحد أن فرسان الصليب قد ستروا أطماعهم التوسعية خلف عقيدة الصليب. وظلت تحت أيديهم حتى تحـرك البطل صلاح الدين الأيوبي (حاكـم مصر) وحررها من أيديهم عام 583 هـ.
4 – بيت المقدس أرض إسلامية اغتصبها اليهود..
وكل أرض إسلامية وقعت في يد غاصب يصبح لزاماً على كل المسلمين العمل على تحريرها أو كما يقول أهل العلم فيما اتفقوا عليه (شبر ديس من أرض المسلمين بالمشرق وجب على أهل المغرب أن يسعوا لاسترداده) ولقد جاء في توصيات المؤتمر الخامس لمجمع البحوث الإسلامية 22 ذي الحجة 1389 هـ الموافق 28 فبراير 1970 م التأكيد على أن الجهاد بالأموال والأنفس أصبح فرضاً عينياً – النفير العام – على كل قادر من المسلمين، ومن يتخلف عن تحمل أعبائه فقد سلك سبيلاً غير سبيل المؤمنين ” ص 630 “. وأكدت التوصيات نفسها: (وبما أن الأرض المقدسة والقدس الشريف والمسجد الأقصى ملك للمسلمين كلهم يتحتم على المسلمين في كل مكان أن يبادروا إلى تحمل واجباتهم في الجهاد والعمل على إرسال المجاهدين إلى ساحات القتال) – ” نفس المصدر والصفحة “.
5 – بيت المقدس وما حوله من الأرض إنما هي أرض أوقاف أوقفها المتبرعون منذ القدم على مصلحة المسلمين، وهذه حرمة خاصة ما عاد يسمع بها أحد.
6 – بيت المقدس هو مكان الرباط إلى قيام الساعة، ففيها تعيش الطائفة التي تناضل في سبيل الحق ولا يفت في عضدها قلة النصير فقد روى أبو أمامة الباهلي ” الحديث رواه الطبراني وغيره ” عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تـزال طـائفة مـن أمتـي علـى الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء أي “أذى ” حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ) قالوا وأين هم يا رسول الله ؟ قال: ( ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس ).
واجبات الفرد المسلم حيال القضية: أولاً السعي الدائم لجعل القضية ساخنة ومحور اهتمام دائم: إذ أن أقصى ما يرجوه العدو أن تموت القدس من تفكير المسلمين إيماناً منه أنه في حالة بقائها محور الاهتمام حتماً سيأتي من ينتصر لها في يوم من الأيام. لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يعرض عليه كفار مكة بالترغيب والترهيب أن يتنازل عن دعواه ولو بصورة جزئية حتى قال له عمه أبو طالب أبق على وعلى نفسك يا ابن أخي فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم: (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)، إن بعض الناس قد يتساءل وما النفع الذي يعود على القضية من رجل ميت ؟ وهذه نظرة قاصرة فإن موت الإنسان قد يكون إحياءً للدعوة إذ تظل حية في أذهان الناس، وهذا ما فعله الغلام في قصة أصحاب الأخدود، حيث طلب من الملك أن يصلبه ويجمع أهل البلدة، ومات الغلام في سبيل القضية وآمن أهل البلدة أجمعون.
ثانياً عدم الرضوخ لما يسمى لسياسة الأمر الواقع: هذه التسمية ” الممكن، المتاح، الواقع ” إنما هي ستار لتضييع الحق وتكريس الظلم فَتَحْتَ هذه العناوين ينجح البطش في سلب هذه الحقوق من أصحابها بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على رد العدوان. لقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت تحتاج فيه الأمة المسلمة إلى أن تنظر في اتجاه واحد، وألا تفتح على نفسها مزيداً من الجبهات – يأتيه كتاب كذاب اليمامة يقول فيه: ” إن الأرض بيني وبينك ” فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بمنتهى القوة والوضوح: (من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده).
ثالثا: استثمار ما يملك من قوة لخدمة القضية:
فإن كان من أصحاب الكلمة استثمرها ليوصل الفكرة إلى كل من يسمعه، وإن كان من أصحاب الأموال جندها في خدمة هذه القضية المصيرية وهكذا، إننا نرى صناع الأشياء مثل الملابس والكراسات والكتب يستخدمون هذه الأشياء بعينها، أو لنشر ثقافة معينة فلم لا تكن هذه الوسائل في خدمة قضايا المسلمين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...