“هيومن رايتس ووتش” مستوى التعذيب بمصر قد يرقى لـ جريمة ضد الإنسانية

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن ضباط وعناصر الشرطة وقطاع الأمن الوطني المصري، في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، يعذبون المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب غير آدمية.

أضافت المنظمة في تقريرها الذي صدر فجر الأربعاء والمنشور في 63 صفحة تحت عنوان “هنا نفعل أشياء لا تصدق: التعذيب والأمن الوطني في مصر تحت حكم السيسي”، أن المعارضين يخضعون روتينيًا لأساليب تعذيب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء، بالإضافة إلى وضعيات مجهدة وأحيانًا الاغتصاب.

وأكدت أن هذا التعذيب الواسع النطاق والمنهجي من قبل قوات الأمن قد يرقى ليصبح جريمة ضد الإنسانية، مشيرة إلى أن النيابة العامة تتجاهل عادة شكاوى من المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهددهم في بعض الأحيان بالتعذيب، ما يخلق بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب.

وقال جو ستورك، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، إن السيسي قد أعطى ضباط وعناصر الشرطة والأمن الوطني الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا، مضيفًا “لم يترك الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي أي أمل للمواطنين في تحقيق العدالة”.

ويوثق التقرير كيفية استخدام قوات الأمن، لاسيما عناصر وضباط الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، التعذيب لإرغام المشتبه بهم على الاعتراف أو الإفصاح عن معلومات، أو لمعاقبتهم، متناسين أن الانتهاكات الواسعة من قبل قوات الأمن ساعدت على انطلاق الثورة في مختلف أنحاء البلاد عام 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بعد قرابة 30 عاما في الحكم.

والتقت “هيومن رايتس ووتش” بـ19 معتقلًا سابقًا، وأسرة معتقل آخر، تعرضوا للتعذيب بين عامي 2014 و2016، فضلًا عن محامي الدفاع وحقوقيين مصريين، كما راجعت عشرات التقارير عن التعذيب التي أصدرتها المنظمات الحقوقية ووسائل إعلام مصرية.

ومورست تقنيات التعذيب التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في مراكز الشرطة ومقرات الأمن الوطني في جميع أنحاء البلاد، واستخدمت أساليب متطابقة تقريبًا، لسنوات عديدة.

وبموجب القانون الدولي، يُعتبر التعذيب جريمة تخضع للولاية القضائية العالمية ويمكن مقاضاة مرتكبيه في أي بلد، وعلى الدول توقيف، والتحقيق مع أي شخص على ترابها يشتبه في تورطه في التعذيب، وأن تحاكمه أو تُرحله لمواجهة العدالة.

ومنذ الانقلاب العسكري عام 2013، اعتقلت السلطات المصرية أو اتهمت 60 ألف شخص على الأقل، وأخفت قسرًا المئات لعدة أشهر في وقت واحد، وأصدرت أحكامًا أولية بالإعدام في حق مئات آخرين، وحاكمت آلاف المدنيين في محاكم عسكرية، وأنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا وحبسا جديدا لاحتواء هذا التدفق، وكان الهدف الرئيسي لهذا القمع جماعة “الإخوان المسلمون”، أكبر حركة معارضة في البلاد.

ووجدت هيومن رايتس ووتش أن وزارة الداخلية قد طورت سلسلة متكاملة لارتكاب الانتهاكات الخطيرة لجمع المعلومات عن المشتبه في كونهم معارضين وإعداد قضايا ضدهم، غالبا ما تكون ملفقة، ويبدأ ذلك عند الاعتقال التعسفي، ويتطور إلى التعذيب، والاستجواب خلال فترات الاختفاء القسري، وينتهي بالتقديم أمام أعضاء النيابة العامة الذين كثيرا ما يضغطون على المشتبه بهم لتأكيد اعترافاتهم، ويمتنعون بشكل كامل تقريبا عن التحقيق في الانتهاكات.

وقال معتقلون سابقون إن جلسات التعذيب تبدأ باستخدام عناصر الأمن بصعق المشتبه به بالكهرباء وهو معصوب العينين، عار، ومقيد اليدين بينما يصفعونه، أو يلكمونه، أو يضربونه بالعصي والقضبان المعدنية. وإذا لم يمنح المشتبه به العناصر الإجابات التي يريدونها، فإنهم يزيدون قوة الصعق بالكهرباء ومدته، وتقريبا دائما ما يصعقون المشتبه به في أعضائه التناسلية.

وأضاف معتقلون، وفق التقرير، أن عناصر الأمن يستخدمون نوعين من وضعيات الإجهاد لإخضاع المشتبه بهم لألم شديد، في واحدة منها، يعلقون المشتبه بهم فوق الأرض وأيديهم مرفوعة إلى الوراء، وهي وضعية غير طبيعية تسبب ألما شديدا في الظهر والكتفين، وتخلع أحيانا أكتافهم.

وفي الثانية، وتسمى “الفرخة” أو “الشواية”، يضع العناصر ركبتي المشتبه فيهم وذراعيهم على الطرفين المتقابلين للقضيب، بحيث يقع القضيب بين مفصل المرفقين والجزء الخلفي من الركبتين، ويربطون أيديهم معًا فوق مقدمة سيقانهم، وعندما يرفع الضباط القضيب ويعلقون المشتبه بهم في الهواء، مثل دجاجة على سيخ الشواء، يعاني هؤلاء من ألم شديد في الكتفين، الركبتين، والذراعين.

ويضع عناصر الأمن المعتقلين في وضعيات الإجهاد هذه لساعات كل مرة، ويستمرون في ضربهم، صعقهم بالكهرباء، واستجوابهم.

ويمتد تاريخ مصر من التعذيب إلى أكثر من 3 عقود، إذ سجلت هيومن رايتس ووتش لأول مرة الممارسات الموثقة في هذا التقرير منذ عام 1992، ومصر هي الدولة الوحيدة التي تخضع لتحقيقين عموميين من قبل “لجنة مناهضة التعذيب” التابعة للأمم المتحدة، والتي كتبت في يونيو/حزيران 2017 أن الوقائع التي جمعتها اللجنة تؤدي “إلى استنتاج لا مفر منه وهو أن التعذيب ممارسة منهجية في مصر”.

ومنذ أن أزاح الجيش الرئيس المنتخب، محمد مرسي، عام 2013، أعادت السلطات تشكيل وتوسيع الأدوات القمعية التي ميّزت حكم مبارك، وأدى انتظام التعذيب والإفلات من العقاب على ممارسته منذ عام 2013 إلى خلق مناخ لا يرى فيه من يتعرضون للإيذاء أي فرصة لمساءلة المسيئين، وكثيرا ما لا يكلفون أنفسهم عناء حتى تقديم الشكاوى إلى النيابة العامة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السيسي تكليف وزارة العدل بإنشاء منصب مدع خاص مستقل مكلف بتفتيش مراكز الاعتقال، والتحقيق في الإساءة من قبل الأجهزة الأمنية ومقاضاتها، ونشر سجل الإجراءات المتخذة.

وأضافت أنه في حال عدم قيام إدارة السيسي بجهد جدي لمواجهة “وباء التعذيب”، فعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التحقيق ومقاضاة المسؤولين المصريين المتهمين بارتكاب التعذيب، أو الأمر به، أو المساعدة عليه

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...