قل إصلاح لهم خير

قال تعالى:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }( البقرة: 220 )
سبب النزول:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وَ{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا }الْآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ }فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِ )( )
المعنى العام: ويسألونك -أيها النبي- عن اليتامى( ) كيف يتصرفون معهم في معاشهم وأموالهم؟ قل لهم: إصلاحكم لهم خير، فافعلوا الأنفع لهم دائمًا، وإن تخالطوهم في سائر شؤون المعاش فهم إخوانكم في الدين. وعلى الأخ أن يرعى مصلحة أخيه. والله يعلم المضيع لأموال اليتامى من الحريص على إصلاحها. ولو شاء الله لضيَّق وشقَّ عليكم بتحريم الخالطة. إن الله عزيز في ملكه، حكيم في خلقه وتدبيره وتشريعه.( )
من فضائل الإحسان إلى اليتامى:
عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى ) ( ) يقول ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك)( )
كفالة اليتيم ترقق القلب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ امْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَأَطْعِمْ الْمِسْكِينَ)( )
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوْمَأَ يَزِيدُ بِالْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ امْرَأَةٌ آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى يَتَامَاهَا حَتَّى بَانُوا أَوْ مَاتُوا ( )يروى عن عمر- رضي الله عنه: (خَيْرُ بُيُوتِكُمْ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ مُكَرَّمٌ )( )
من هداية الآية الكريمة:
– استدل العلماء بهذه الآية على جواز التصرف في أموال اليتامى على وجه الإصلاح، وعلى أن للوالي أن يخالط اليتيم بنفسه في المصاهرة والمشاركة وغير ذلك مما تفتضيه المصلحة.
– الآيتان الكريمتان اشتملتا على أفضل ألوان الإِصلاح للأفراد والجماعات في مطاعمهم ومشاربهم ونفقتهم وعلاقتهم بغيرهم ولا سيما اليتامى الذين فقدوا الأب الحاني، والقلب الرحيم، ومن شأن الأمة التي تعمل بهذا التوجيه السامي الحكيم أن تنال السعادة في دنياها . ورضاه الله – في أخراها.( )
– أكل مال اليتيم من الكبائر والمهلكات: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)( )
– التحذير من تضييع حق اليتيم: أَبي شُرَيحٍ خُوَيْلِدِ بن عمرو الخزاعِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ النَّبيّ – صلى الله عليه وسلم:( اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأةِ).( )
– الوصية بالرحمة باليتيم، والنهي عن ظلمه ماديًا أو معنويًا: قال تعالى :{ فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ } يعني : لا تظلمه، وادفع إليه حقه.
– الإصلاح أمر جامع لما يحتاج إليه اليتيم، فقد يحتاج إلي المال فيكون الإصلاح براً وعطاءً مادياً ،وقد يحتاج إلي من يتاجر له في ماله، أو من يقوم علي زراعته أو صناعته فيكون الإصلاح هو القيام بذلك، وقد لا يحتاج اليتيم إلي المال ،إنما يحتاج إلى التقويم والتربية ،فيكون الإصلاح هنا رعاية وتربية، وقد لا ينقصه هذا ولا ذلك، إنما تكون حاجته أشد ما تكون إلي العطف والحنو والإحساس بالأبوة ،فيكون الإصلاح إشباع ذلك عنده0

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...