المصريون بين معتقل ومهاجر.. بأي حال صرت يا وطن!

بحر دم غرق فيه المصريون منذ انقلاب 30 يونيو 2013، حدوده اعتقالات وإعدامات واختفاء قسري وتعذيب وحرب بمعنى الكلمة على أهالي سيناء، يستخدم فيها الجيش لأول مرة القنابل العنقودية المحرمة دوليا ضد المدنيين.

الأوضاع المأساوية في مصر فجَّرت غضب المراقبين، ومنهم السياسي التونسي محمد الهاشمي الحامدي، الذي وصف مصر بأنها تحولت إلى “زريبة للعسكر”.

وقال “الحامدي”، في تدوينات له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر”، مستنكرًا ما يفعله نظام السيسي بحق الشعب المصري: ”هل غدت مصر اليوم سجنًا لأهلها أم وطنًا؟”.

وأضاف في تدوينة أخرى: ”واضح اليوم أن الشعب المصري الشقيق مُلقّح ضد الحرية للأسف الشديد، أطول مدة حرية يمكن أن يتحملها 12 شهرا، تعوّد بحكم الفراعنة لآلاف السنين، ولو راح السيسي حييجي فرعون تاني، عليه العوض ومنه العوض”.

كوميديا سوداء

لم يخجل السفيه السيسي من طريقة إخراج مسرحية الانتخابات التي شاهدها العالم عام 2014، و”انتصر” فيها على الكومبارس الوحيد، ومع الإصرار على اغتصاب السلطة إلى أجل غير مسمى، يبدو إخراج العرض الجديد أكثر رداءة مما كان عليه قبل أربع سنوات، بعد أن أطاح بمنافسيه المحتملين مبكرا، خصوصًا من ذوي الخلفية العسكرية، أحمد شفيق وسامي عنان.

الساحة باتت خالية تماما إلا من السفيه السيسي، وحتى مع إحضار “كومبارس” فلن يغير شيئا في طبيعة المشهد، بل سيزيده رداءة على رداءته، فالمشهد لا يعدو كونه كوميديا سوداء، وهذا النوع من الكوميديا هو ما يطرب له السفيه السيسي.

وثمة إجماع بين المراقبين على أن البلاد تعود إلى الوراء عقودا طويلة، وأنها تعيش طبعة جديدة من الديكتاتورية، تعتمد الاستفتاءات المحسومة نتيجتها سلفا؛ لكن الحديث عن الديكتاتورية والاستبداد لا يؤرق السفيه السيسي كثيرا.

القمع والذاكرة

وقال الباحث الفرنسي جان بيير فيليو: إن السفيه السيسي الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب قام به، في 3 يوليو 2013، ضد محمد مرسي الرئيس الوحيد الذي تم انتخابه ديمقراطيا في تاريخ مصر، شهد عصره قمعًا غير مسبوق.

حيث جرَّف السفيه السيسي الحياة السياسية تمامًا، وأتى على كل ما اعتبره المصريون مكسبًا لثورة 25 يناير، وأشرف بنفسه على واحدة من أقسى عمليات القمع في الذاكرة، وسجن الآلاف من رافضي الانقلاب خصوصا من الإسلاميين، جنبا إلى جنب مع نشطاء ثورة يناير 2011.

فالمظاهرات والاحتجاجات غير مصرح بها، وباتت البلاد محكومة بقبضة أمنية “غاشمة” اعتقلت وشردت عشرات الآلاف من كل التيارات، ونفذت عشرات أحكام الإعدام بحق المعارضين دون سند من القانون، وأسكتت معظم منتقدي الانقلاب، وقيدت بشدة عمل المنظمات الحقوقية، وعطَّلت عشرات المواقع الإخبارية على الإنترنت.

شرعية الحكم باتت لا تؤرق السفيه السيسي كثيرًا، خصوصا أنه لا يجد خطرًا كبيرًا من رد فعل عنيف أو توبيخ خطير من حلفائه في الغرب، خصوصًا من الولايات المتحدة التي لم تسجل رسميا أي موقف مؤثر ضد القمع والإجرام.

ويبدو أن ما يُزيد من اطمئنان السفيه السيسي، دوره المحوري في “صفقة القرن” التي تنازل بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير، وهجّر ولا يزال يهجر بسببها أهل سيناء بعد أن دمَّر منازلهم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...