جماعة الإخوان المسلمين ومسار العمل السياسي منذ النشأة حتى الانقلاب العسكري

تعتبر جماعة الإخوان المسلمين -التي أسسها حسن البنا- واحدة من أقدم التنظيمات الإسلامية في مصر وأكبرها، كما أن لها تأثيرا على الحركات الإسلامية في العالم، وذلك بما تتميز به من ربط عملها السياسي بالعمل الإسلامي الخيري والعمل الاجتماعي انطلاقا من رؤية شاملة للإسلام.

وكانت الجماعة تهدف في البداية لنشر القيم الإسلامية والعمل الخيري، إلا أنها سرعان ما انخرطت في العمل السياسي، وخاصة في كفاحها لرفع سيطرة الاستعمار الإنجليزي عن مصر، وتطهيرها من كل أشكال التأثير الغربي عليها.

وبعد أعلن البنا عن الجماعة في 22 مارس عام 1928، افتتحت لها أفرع في جميع أنحاء الدولة المصرية، وكان كل واحد من تلك الأفرع يدير مسجدا ومدرسة وناديا رياضيا، وسرعان ما انتشرت عضويتها.

وفي أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، انتشرت أفكار الجماعة في ربوع مصر وفي جميع أنحاء العالم العربي.

وفي أواخر عام 1948، قامت الحكومة المصرية بحل الجماعة بعد أن أصبحت تشكل تهديدا للمصالح البريطانية واليهودية، بعد جهاد الاخوان في فلسطين،الذي أزعج اليهود والغرب..

وفي عام 1952، انتهت فترة الحكم الاستعماري البريطاني في أعقاب نجاح حركة “الضباط الأحرار”. في 1952، ولعب الإخوان في ذلك الوقت دورا داعما للضباط، لتخليص البلاد من الحكم وتعاونوا مع الحكومة الجديدة. وكان أنور السادات، وهو أحد أولئك الضباط والذي أصبح رئيسا للبلاد عام 1970، هو حلقة الوصل السرية بين الضباط والجماعة، إلا أن العلاقات سرعان ما توترت بينهم.

وفي أعقاب مسرحية اغتيال جمال عبد الناصر عام 1954، وجهت تهمة محاولة الاغتيال إلى الجماعة، وجرى حظرها، وأودع الآلاف من أعضائها في السجون وتعرضوا للتعذيب. إلا أن الجماعة أخذت في التوسع بشكل سري.

وشهد عام 1965 ممارسات جديدة من قبل الحكومة ضد جماعة الإخوان، بما في ذلك إعدام الشيخ سيد قطب في عام 1966، وغيره من الاخوان.

وخلال ثمانينيات القرن الماضي، حاول الإخوان مرة أخرى المشاركة في التيار السياسي الرئيسي في البلاد.

وقامت قياداتها المتتابعة بتشكيل تحالفات مع حزب الوفد في عام 1984، كما تحالفوا أيضا مع حزب العمل والأحزاب الليبرالية عام 1987، ليصبحوا أكبر القوى المعارضة في مصر. وفي عام 2000، ربح الإخوان 17 مقعدا في مجلس الشعب.

وبعد خمسة أعوام، حققت الجماعة أفضل نتيجة لها في الانتخابات، حيث فاز مرشحوها المستقلون بنسبة 20% من مقاعد المجلس.

وجاءت تلك النتيجة صادمة للرئيس حسني مبارك، وبدأت الحكومة المصرية في ذلك الوقت بممارسات قمعية جديدة على الجماعة، معتقلة المئات من أعضائها، إضافة إلى أنها قامت بعدد من التشريعات والتلفيقات القانونية لمواجهة ذلك النشاط للجماعة.

وأجري تعديل على الدستور لينص على ألا يكون النشاط السياسي أو الحزبي قائما على أي خلفية أو أساس ديني. كما نص التعديل على منع أي مرشح من الترشح لرئاسة الجمهورية إذا لم يكن تابعا لأحد الأحزاب. كما جرى تقديم مشروع لقانون الإرهاب، يعطي قوات الأمن سلطات مطلقة لاعتقال المشتبه بهم وفرض القيود على التجمعات في الشارع.

وفي بداية عام 2011، خرجت المظاهرات المناوئة للحكومة إلى الشوارع ،وعلى الرغم من أن العديد من أعضاء جماعة الإخوان شاركوا في تلك الاحتجاجات، إلا أنهم لم يظهروا بشكل علني. فلم تظهر الشعارات التقليدية للجماعة في أي مكان من ميدان التحرير ، كان دورهم بارزا في المشهد السياسي والثوري.

وفي أول انتخابات برلمانية أجريت بعد الإطاحة بمبارك في فبراير عام 2011، فاز حزب الحرية والعدالة الذي كان الإخوان قد شكلوه بما يقرب من نصف المقاعد في مجلس النواب.

وجاء في الترتيب الثاني حزب النور السلفي ، وهو ما جعل للإسلاميين سيطرة على 70 في المئة من مقاعد مجلس النواب. كما حصد الإخوان والإسلاميون بشكل عام أيضا نسبة مقاربة في الانتخابات التي أجريت لانتخاب أعضاء مجلس الشورى.

وفي عام 2012، أصبح محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة آنذاك، هو الرئيس الديمقراطي المنتخب لجمهورية مصر العربية، حيث فاز بنسبة 51 في المئة من الأصوات، وذلك في سباق استقطابي تنافسي بينه وبين الفريق المتقاعد أحمد شفيق.

وبعد إعلانه رئيسا للبلاد، عمل مرسي على طمأنة معارضي الإخوان من خلال تأكيده على أنه يريد إنشاء دولة “ديمقراطية مدنية حديثة”، تحفظ الحرية الدينية وحق التظاهر السلمي…إلى أن جاء الانقلاب العسكري بالتنسيق مع العسكر والدولة العميقة التي أسسها الرئيس المخلوع حسني مبارك طوال 30 عاما..

وفي الثالث من يوليو2013 نشر الجيش قواته ومدرعاته في الشوارع، ليعلن في نهاية اليوم تعطيل العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بمهام رئيس الجمهورية بدلا عن مرسي.
وجرى احتجاز الرئيس المصري وقياديين بارزين من جماعة الإخوان المسلمين، كما جرى إغلاق القنوات التلفزيونية الفضائية الإسلامية.

ومنذ ذلك الحين تواجه الجماعة حملات قمع غير مسبوقة باعتقال المنتمين لها والمقربين منها والمؤيدين لها، بجانب تشوية اعلامي وأحكام قضائية ملفقة ومسيسة باعدام ابنائها وسجنهم بمؤبدات ، الا ان الجماعة تواجه ذلك بصمود وصبر ، مؤكدة على استمرارها في نهجها السلمي لمجابهة الانقلاب العسكري ، حتى اسقاطها، كونهيدمر المجتمع المصري ويقوض الدولة المصرية ويعيدها لعهود الخمسينيات من القمع والاستبداد.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...