تخفيض أسعار توريد القمح بمصر رغم ارتفاعها عالميا.. مذبحة كل عام

مع كل موسم حصاد يتحول العرس الذي كان معهودا للفلاح المصري إلى مأتم، بسبب سياسات العسكر التي لا تعبأ بالفلاح.

ورغم الأحاديث المعسولة عن دعم الفلاح وتأمينه في اعلام الانقلاب ، يبقى الواقع مريرا للفلاح المصري خاصة في مواسم الحصاد، سواء أكان القطن الذي تستسهل حكومة الانقلاب استيراده من الصين وكذا الارز الذي بات مصدره المفضل لحكومة السيسي من الهند وكذا القمح الذي باتت تفرضه روسيا على السيسي باغاته والاراجوت ، ورضوخ مشين لحكومة الانقلاب بتعديل قراراتها ولحسها ، بوقف استيراد اي اقماح بها اراجوت ثم السماح باستيراد القمح الروسي المصاب بالافات والارجوت.

ومنذ مطلع مارس الجاري، عادت مشكلة تسعير القمح لتفرض نفسها على الساحة الزراعية مع اقتراب موسم الحصاد، لتشغل الخبراء والمهتمين بالأمر كالمزارعين والتجار والمستوردين، وما إذا كان السعر سيتناسب مع تكاليف إنتاج المحصول مع إعطاء هامش ربح مناسب يستطيع من خلاله الفلاح أن يستمر في نشاطه، أم سيتوقف عن زراعة أهم المحاصيل الاستراتيجية التي أصبحت عبئا عليه.

 

استهلاك كبير

وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، وتستهلك سنوياً نحو 15 مليون طن منها؛ نحو 10 ملايين طن مستوردة، يتم استهلاكها في إنتاج رغيف الخبز المدعوم، ورغم أن إجمالي المساحات المنزرعة قمحًا الموسم الجاري، بلغت 3 ملايين و175 ألف فدان، ومن المتوقع أن تنتج المساحة المزروعة 9 ملايين طن، علماً بأن القمح المصري أعلى جودة من المستورد، إلا أن ما يورد للدولة لا يتعدى 5 ملايين طن نتيجة تدني الأسعار التي تستلم بها الشون القمح.

وفي هذا السياق يقول إيهاب شوقي، خبير الاقتصاد الزراعي، إن السعر العالمي للقمح الدرجة الأولى بلغ 250 دولارا للطن، أي أن سعر الطن من القمح المستورد يكلف الدولة 4500 جنيه، بخلاف مصاريف النقل البحرى وتكاليف التفريغ في الموانئ والنقل الداخلي لوصوله إلى جميع المحافظات والتسهيلات والرسوم الإدارية، التي تضيف نحو 50 دولارا أخرى إلى تكاليف استيراد الطن الواحد، لافتا إلى أن الدولة تستورد قمح الرغيف البلدي المدعم فقط الذى لا يتجاوز 5 ملايين طن، بالإضافة إلى ما تتسلمه من القمح المحلي من المزارعين، بينما تترك استيراد قمح المكرونة وقمح الدقيق والرغيف الحر والرغيف السياحي والمخبوزات الأفرنجية والحلويات إلى القطاع الخاص، وتتراوح بين 6 إلى 7 ملايين طن سنويا، وفقا لهيئة القمح الأمريكي.

وأضاف شوقي في تصريحات صحفية، أنه قبل بداية موسم الحصاد في كل عام، تطالعنا الحكومة بأنها ستتسلم القمح من الفلاحين بالسعر العالمي المماثل لنوعية القمح المصري، مع إضافة تكاليف النقل البحري والتفريغ وغيرها إلى السعر كنوع من دعم الفلاح، حتى لا تترك المجال لتلاعب التجار واستحواذهم على القمح الفاخر، وأيضا لمحاربة الفقر في الريف وزيادة ربحية الفلاح، لكن يبدو أن السعر الذى وضعته الحكومة لشراء القمح وهو 555 جنيها للأردب درجة نقاوة 22.5 قيراط، الذي ينطبق على 99% من إنتاجنا، ربما سيدفع الفلاح إلى بيعه للتجار.

 

تكرار الفشل

ومن جانبه، حذر الدكتور سعيد سليمان، الأستاذ بزراعة الزقازيق، من تكرار ما حدث مع محصول الأرز، عندما رفضت الدولة رفع سعره عن 3000 للطن، واستغل التجار الأمر وقاموا بشرائه من الفلاحين بسعر 3400 جنيه للطن، ما كلف الدولة ملايين طائلة، عندما رفضت شراءه من الفلاح بسعر 3.5 جنيه للكيلو، ومع إضافة تكلفة الضرب والتبييض، سيرتفع ثمنه جنيها واحدا ليصبح بـ4.5 جنيه، وتشتريه الآن من التجار بسعر 6.5 جنيه، ومن أرز الدرجة الثالثة بنسبة كسر 12% بسبب سوء تقدير الموقف وعدم الاستجابة لآليات الأسواق، والسماح للتجار باحتكار الأرز المصرى كاملا، ولتدارك الخطأ استوردت الدولة الأرز الهندى بسعر 450 دولارا للطن؛ أي 9 جنيهات للكيلو.

 

ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب

وكان تقرير صادر عن غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات توقع بأن تشهد الأسعار العالمية للحبوب بأنواعها “القمح والذرة الصفراء والشعير”، ارتفاعا خلال الفترة المقبلة.

وأوضح التقرير، أن السعر العالمي للقمح ارتفع من 163 دولارًا للطن خلال يناير الماضي، إلى 179 دولارًا للطن خلال شهر فبراير، ومن المتوقع استمرار ارتفاع السعر إلى 184 دولارا للطن بحلول شهر مايو المقبل، مشيرا إلى ارتفاع سعر الذرة الصفراء إلى 146 دولار للطن خلال فبراير الماضي، مع توقعات بارتفاع السعر بحلول شهر مايو المقبل إلى 153 دولارا للطن، وشهد السعر العالمي للشعير ارتفاعا أيضا خلال فبراير الماضي، مسجلا 128 دولارا للطن، مع توقعات بوصوله إلى 151 دولارا للطن بحلول مايو المقبل.

ارتفاعات الأسعار العالمية للحبوب تربك السوق المصري في الوقت الذي ينتظر فيه الفلاح إعلان وزارة التموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب، ضوابط استلام القمح المحلي من المزارعين الموسم المقبل لضمان إجراءات التوريد وتحديد سعر القمح المحلي منتصف مارس الجاري، فالحكومة كالعادة لن ترضي الفلاح بأسعار يتمناها ولن تتوقف عن الاستيراد حتى وإن ارتفعت التكلفة.

وتستهدف الحكومة خلال العام الجاري 2017/2018 استيراد نحو 6.2 مليون طن من القمح، بعد عدم تحقيق المطلوب من القمح المحلي الذي وصل إلى 3.4 مليون طن، في حين أن الاستهلاك 9.6 مليون طن سنويا، وكشف تقرير لوزارة الزراعة في 2016 عن استيراد 8 ملايين و249 ألف طن ذرة صفراء بما يقرب من 1.7 مليار دولار سنويا، التي تستخدم كعلف للدواجن والإنتاج الحيواني.

وقال الدكتور سرحان سليمان، الخبير الاقتصادي، إن مصر تستورد بما يقارب 60 مليار دولار سنويا، والرقم كبير مع وجود أزمة في العملة الصعبة، متابعا: “مشكلتنا أن لدينا فجوة كبيرة في السلع الغذائية والزراعية بين الإنتاج والاستهلاك، حيث نستورد 60% من القمح و40% من اللحوم و98% من الزيوت، وجميع مكونات العلف، وتشير التقارير إلى أننا نستورد 75% من احتياجاتها الغذائية من الخارج”.

وأضاف سليمان في تصريحات صحفية “لكي نقلل من الاستيراد، يجب إيلاء اهتمام كبير للزراعة ووضع خطة لزيادة إنتاج القمح والذرة وجميع المحاصيل الاستراتيجية؛ لأن لدينا مشكلة فى أن معدلات تزايد الزراعات والسلع المهمة لا تتواكب مع معدلات زيادة السكان سنويا، حيث يوجد زيادة سكانية بمقدار 1.9 مليون نسمة، لا تقابلها زيادة في الزراعة”.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الدولة لا تعطي الاهتمام الأمثل للزراعة، بل توجه كل طاقاتها للاستيراد؛ لأن أسعار الاستيراد أقل من تكلفة الإنتاج المحلي، ما يجعل المسؤولين يتجهون للاستيراد ويتجاهلون الزراعة والصناعة المحلية، والتي إذا تم الاهتمام بها، ستحل مشكلة البطالة، فلابد من تحسين القدرة التنافسية بين المحلي والمستورد.

ويبقى الاستيراد في موسم الحصاد خيانة وطنية للفلاح ولمشروعات الاكتفاء الذاتي وتشجيع الزراعة المحلية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...