استهانة السيسي بالشعب في أرقام موازنة 2018!

لو كان السيسي يُقدّر الشعب المصري أو يأخذ برأيه ويضع غضبه في حساباته، ما جاءت موازنة 2018-2019 بهذه الأرقام المتبجحة، والتي تهدد أكثر من 60% من الأسر المصرية في أبسط جوانب حياتها.

فباستخفاف غير مسبوق بالشعب المصري لم يجرؤ عليه المخلوع حسني مبارك، خفّض السيسي نسبة الدعم بالموازنة الجديدة بنحو 30 مليار جنيه سيتحملها الشعب من جيبه ومن قوته وقوت أبنائه، الذي لا يكاد يحصل عليه إلا بشق الأنفس. حيث أوضحت أرقام الموازنة، خفض الدعم في الموازنة من 120.9 مليار جنيه إلى 89.075 مليار جنيه.

جنون المواصلات

شمل التخفيض تقليل دعم الوقود بنسبة 26%، وهو ما يعني زيادة تعريفة الركوب وأسعار النقل بما يرفع كافة الأسعار بلا استثناء، بدءا من “الجرجير والخضار” إلى البوتاجاز والثلاجة.

ومن ثم فإن حكومة الانقلاب ستقوم بتحريك أسعار المواد البترولية بشكل يفوق التحريك الذي أجرته على أسعار المواد البترولية مطلع العام الجاري.

وبالعودة إلى أرقام موازنة العام الجاري، فقد كانت تكلفة دعم الوقود ستبلغ 150 مليار جنيه، وتم التحريك السعري في نهاية يونيو 2017، والذي رفع سعر لتر بنزين 92 بواقع جنيه ونصف دفعة واحدة، كما رفع أسعار باقي أنواع الوقود بقيم وصلت بعضها إلى جنيه، لتوفير نحو 40 مليار جنيه من فاتورة دعم الوقود.

ارتفاع وشيك

وعلى الرغم من ذلك، فمن المتوقع أن تختتم حكومة الانقلاب نتائج العام المالي الجاري بارتفاع فاتورة دعم الوقود إلى نحو 120 مليار جنيه أو أكثر؛ بسبب ارتفاع أسعار البترول عالميًا إلى 70 دولارًا للبرميل، مقارنة بالمستهدفات التي وضعتها الحكومة في موازنة العام الجاري بنحو 55 دولارًا للبرميل.

وبالنظر إلى ذات الرقم الخاص بنتائج أعمال السنة الحالية، نجد أن هناك احتمالا لإجراء تحريك وشيك على أسعار الوقود خلال الأسابيع المقبلة، فالتصريحات الحكومية التي تلت ارتفاع أسعار خام برنت في الخارج وتأثيرها على الموازنة كانت تخطط لزيادة فاتورة الدعم إلى 130 مليار جنيه وليس 120 مليارا، ما يعني أن الحكومة ستلجأ لتبكير قرار تحريك الأسعار قبل بدء السنة المالية.

ولتقريب الصورة بشكل أكبر، فلا بد من النظر في مستهدفات سعر الدولار وسعر برميل بترول برنت في الموازنة الحالية والموازنة الجديدة، فتستهدف الحكومة ربط سعر الدولار عند 17.5 جنيه، مقارنة بـ16 جنيها في الموازنة الحالية.

كما تستهدف ربط سعر برميل برنت بين 65 إلى 67 دولارا للبرميل، مقارنة بـ65 دولارا فى الموازنة الحالية، وهو ما يعزز التوقعات بأن ارتفاع سعر لتر بنزين 92 سيكون أكبر من الزيادة السابقة التي قدرت بجنيه ونصف، ما يرفع سعره من 5 جنيهات حاليا إلى 7 جنيهات مع تطبيق السعر الجديد.

يشار إلى أن الحكومة رفعت أسعار الوقود مرتين خلال عام مالي واحد في نوفمبر 2016 وفي يونيو 2017، سبقتهما مرة واحدة خلال عام 2013، وتاريخيًا لم تمس الحكومة أسعار الوقود قبل ثورة يناير 2011 إلا مرة واحدة خلال آخر 10 سنوات سبقتها، ولم تتخط قيمة الرفع وقتها إلى 40 قرشا.

فاتورة الكهرباء

وأوضحت الأرقام خطة حكومة الانقلاب لخفض دعم الكهرباء بنسبة 47%، أي بقيمة 16 مليار جنيه يتم تحميلها للمواطن؛ ما يعني ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء في يوليو المقبل بنسب من 30 إلى 45%.

ويبلغ الدعم المقدر للكهرباء في السنة المالية الجديدة التي تبدأ في يوليو 16 مليار جنيه، منخفضة من 30 مليار جنيه متوقعة في 2017-2018.

وبدأت حكومة الانقلاب العسكري في يوليو 2014 خطة لتحرير أسعار الكهرباء على مدى خمس سنوات، لكنها أمدتها لتنتهي من دعم الكهرباء نهائيا في يونيو 2022.

من قوت المواطنين

ولعل استهانة الانقلاب بالشعب المصري، الذي يحكمه بقوة الدبابة، تتجلى في رقم آخر من أرقام الموازنة، التي أعلنت مؤخرا، وهو الإيرادات المستهدفة والتي بلغت 989.188 مليار جنيه، مقابل 813.405 مليار جنيه متوقعة في 2017-2018، بما يعادل أكثر من 66 مليار جنيه تستهدفها حكومة الانقلاب من قناة السويس والتصدير، وهما بنود متراجعة من العام الماضي، ولا يبقى أمام حكومة الانقلاب سوى زيادة الضرائب على المواطنين ورفع أسعار الخدمات الحكومية بما يفاقم أزمات المواطنين المعيشية، حيث ستدخل ضرائب جديدة في منظومة الجباية الحكومية التي لا تتوقف من جيب المواطن، برفع أسعار عبور الطرق واستخراج الوثائق الحكومية وتقليص مجانية التعليم ورفع الرسوم الدراسية، وغيرها من ضرائب القيمة المضافة والضرائب العقارية وزيادة ضريبة الأطيان الزراعية التي يتحملها المزارعون.

سيف الضرائب

وفي هذا السياق، جاءت الأرقام معبرة عن مخاطر زيادة الضرائب خلال العام الجديد، وهو ما بدا في الموازنة التي استهدفت أن يكون إجمالي الإيرادات الضريبية المستهدفة 770.280 مليار جنيه، مقابل 624.198 مليار جنيه متوقعة في 2017-2018. بجانب العمل على أن تكون إجمالي ضريبة القيمة المضافة 320.148 مليار جنيه، مقابل 255.039 مليار جنيه متوقعة في 2017-2018، بزيادة أكثر من 65 مليار جنيه، سيتم تحصيلها من الشعب المصري، بما يؤكد أن الإرهاق الاقتصادي وابتزاز أموال المصريين سيكون هو السائد في العام الجديد.

علاوة على استهداف أن يكون سعر الدولار 17.25 جنيه، مقابل 16 جنيهًا في موازنة 2017-2018، وهو ما يعني تحريك أسعار حميع السلع المستوردة بنسبة تزيد على 20% بدون الاستغلال والتلاعب التجاري الذي يرفع تلك النسبة لأكثر من 35% لمعظم المنتجات.

الشعب يدفع قروض السيسي!

ولعل سياسات الاستدانة والقروض التي يتبعها الخديوي “السيسي” والتي ترهن أكثر من نصف ممتلكات مصر للأجانب، كما فعل الخديوي إسماعيل قبيل الاحتلال الانجليزي لمصر، تفاقم أزمات المعيشة لحد السواد، حيث أفردت الموازنة الجديدة 2018/2019 لباب الفوائد المستهدفة على الديون 541.305 مليار جنيه، مقابل 437.908 مليار جنيه متوقعة في 2017/2018، أي بزيادة 104.6 مليار جنيه، ستخصم من المبالغ الموجهة لخدمات المصريين، يأخذها الدائنون كفوائد فقط على ديونهم، والتي تخطت 101 مليار دولار ، مؤخرا، وتزيد بعد طرح السندات الجديدة باليورو والتي تتجاوز 7.5 مليار يورو، وسط تفاخر حكومي برهن البلد للأجانب.

وبجانب تلك الكوارث في موازنة العام الجديد، تبرز كارثة المياه التي ستحل على مصر بعد فشل مفاوضات سد النهضة نتيجة عجز السيسي ونظامه، ما يرفع فاتورة المياه من جانب آخر، وتقليص الزراعات الاستراتيجية ما يرفع أسعار السلع الرئيسية في الأسواق.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...