هل يسقط الانقلاب فقط إذا اختفى السيسي؟!

30 يونيو 2013 وما أعقبه في مصر، لم تكن ثورة شعبية رغم “التجييش” الإعلامي الكبير الذي حصل، فالكثير من المشاركين لم يكونوا يعرفون لماذا خرجوا؟ وكثير منهم لأنهم تلقوا أموالاً، وبعضهم جذبه المزمار، والتحرش بالنساء، وربما كان ذلك مدبرًا منذ البداية، ولم يكن التمرد موقفًا لبعض فصائل المعارضة، وإنما مخطط جهنمي، شاركت فيه الفلول، وقوى دولية ترفض قيام نظام منتخب ومستمد من الشعب ويعبر عن أشواق الأمة.

والأمر كذلك جاءت الأوامر من الكيان الصهيوني، من خلال عدد من رموزه منهم رئيس الاستخبارات الصهيونية الأسبق عاموس يادلين، الذي أعطى الأوامر بـ “محاصرة مرسي ونزع الشرعية عنه لأن إسقاطه سيجفف مصادر الشرور التي تنتظرنا من الربيع العربي” ، وبات السؤال الآن هل إذا اختفى قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي فجأة، كأن يموت أو يغتال أو شيء من هذا القبيل يسقط الانقلاب من تلقاء نفسه أم هناك بدائل لدى قوى الشر؟

تخطيط صهيوني

الفلول لا يمكن أن ينجحوا في التأليب بدون وجود قوى استخبارية محلية ودولية تدعمها، والجيش لا يمكنه القيام بانقلاب بدون ضوء أخضر أمريكي، ولا يمكن للإمارات وغيرها أن تقدم مساعدات بـ 3 مليارات دولار بدون ضوء أخضر أمريكي، وكانت قد وعدت بها في حال الإطاحة بمرسي.

ولا يمكن لقناة العربية وغيرها من القنوات العميلة أن تنخرط في الحرب القذرة والدعاية السوداء ضد الرئيس الذي أصبح زعيمًا بدون تحريض إماراتي أمريكي، وبالتالي فإن ما جرى من انقلاب بائس وكما سيأتي هو تخطيط صهيوني موقع عليه أمريكيًا، وتمويل خليجي، وتنفيذ العسكر والأمن والفلول والمعارضة التي تعاملت مع نظام مبارك في السابق وتلقت منه العطايا ومثلت دور الكومبارس.

هناك احتمالات نشوب صراع على السلطة في أروقة الانقلاب، يقول الناشط السياسي “حازم عبد العظيم”: “المخابرات الحربية لن تترك الدولة المصرية في حال سقوط السيسي ميتاً؛ لأنها وببساطة أصبح لها عضو قيادي في كل مؤسسة بمصر، وتمتلك بيانات كل أجهزة الدولة بما فيها المخابرات العامة؛ لذلك فمن المؤكد أن هناك خطة موضوعة لسيناريو إدارة أجنحة الدولة والسيطرة عليها في حال وفاة السيسي”.

“عبد العظيم” أشار إلى أن المخابرات العامة ستشهد صراعاً كبيراً مع المخابرات الحربية في فترة موت السفيه السيسي، والصراع سيحتدم على محاولات السيطرة وتولّي شؤون الدولة، والأمر سيتوقف هنا على ميول المجلس العسكري إلى أي كفة ينحاز، المخابرات الحربية أم العامة، فضلاً عن قرار وزير الدفاع “صدقي صبحي” حينها.

الملاذ الأخير

ولا شك أن هناك عدة ملامح تؤكد على قوة الصراع بين الجهازين، على رأسها تصفية الكوادر العاملة بجهاز المخابرات العامة، حيث أصدر السفيه السيسي، عدداً من القرارات الرئاسية أطاح فيها بعدد من مسئولي جهاز المخابرات العامة، ليصبح إجمالي مَن تمَّت الإطاحة بهم رسمياً منذ انقلاب 3 يوليو 2013 وحتى مطلع 2017، عدد 113 مسئولاً ووكيلاً بجهاز “المخابرات العامة”.

ورغم المشاكل الداخلية التي تعاني منها سلطات الانقلاب إلا أنه من الملاحظ أن السفيه السيسي لا يبالي، أو لنكون أكثر دقة يتظاهر بعدم المبالاة ، وترك ما يدور داخل مصر للشد والجذب بين الشعب ومؤسسات العسكر، وانحصرت تقريبًا في مربع الاحتجاج السلبي أو اللفظي من المواطنين ، وتغول ترتفع وتيرته بصفة مستمرة من قبل مؤسسات الانقلاب خاصة الأمنية منها في ظل وضع داخلي محتقن ويزداد تأزماً يوماً بعد يوم.

يخرج فيه قائد الانقلاب العسكري بخطاب أو لقاء هنا أو هناك يتلقفه المعارضون للانقلاب بالسخرية تارةً والغضب والاستهجان تارةً أخرى، وفي كلتا الحالتين لا تغادر تلك الردود الساخرة أو الغاضبة مواقع السوشيال ميديا إلى أرض الواقع، وهو ما تنطبق عليه كلمات الكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي “السخرية هي الملاذ الأخير لشعب متواضع وبسيط” لوصف حالة الشعوب التي لا يملك بعضها سوى سلاح السخرية في مواجهة الأعباء السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويستقبله مؤيدو الانقلاب بالتهليل والتكبير وكأن السفيه السيسي قد فتح “عكا”، ويستقبله البسطاء من المصريين وهم “الغالبية” إما بالتجاهل أو التعلق بالأمل حتى لو كان “كاذباً”.

أما بالنسبة للسفيه السيسي نفسه فبدا واضحاً في الآونة الأخيرة اهتمامه بالسياسة الخارجية وكأنه قد أدرك أن وضعه داخلياً أصبح ميؤوساً منه ولا بد له من حليف خارجي يستند إليه ، وملوحاً بورقة تحالفه معه في وجه الشعب المصري، لو فكر في الخروج ثائراً على نظامه ولداعميه الخليجيين لو توقفت إمدادات “الرز”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...