بشريات اليوم الخميس.. الصب في مصلحة الوقود واعتقال نشطاء جدد

تذهب معظم التكهنات، من خلال نية حكومة الانقلاب رفع سعر الوقود مجددا للمرة الرابعة على التوالي، إلى أن اليوم الخميس سيكون يوم “الصب في مصلحة المواطن” مجددا، خاصة في ظل الاعتقالات التي طالت عددا من النشطاء السياسيين.

وتستعد سلطات الانقلاب لإعلان زيادات جديدة على أسعار الوقود اليوم الخميس، ولا يريد نظام الانقلاب رؤية احتجاجات كالتي جرت بعد إعلان التسعيرة الجديدة للتنقل بالمترو، الأمر الذي أثر على ميزانيات شرائح واسعة من المصريين من محدودي الدخل.

وقال مصدر أمني رفض ذكر اسمه، في تصريحات صحفية اليوم، إن حملة الاعتقالات الأخيرة “تأتي استباقاً لقرار رفع أسعار الوقود الذي سيصدر حسب الترجيحات مساء الخميس 24 مايو 2018″.

وقامت سلطات الانقلاب، أمس الأربعاء، باعتقال الناشط والمدون وائل عباس، عقب قرار رفع أسعار تذاكر مترو القاهرة، قبل إغلاق حساباته على منصات السوشيال ميديا. وأول تهمة وُجهت لعباس كانت كتابة تقرير مفبرك عن ترحيل سكان رفح، وإرساله إلى “هيومن رايتس ووتش”، مقابل آلاف الدولارات، حسبما جاء بعريضة الاتهام في النيابة.

توقيف عباس سبقه اعتقال الناشطين هيثم محمدين (زعيم تيار الاشتراكيين الثوريين)، وشادي الغزالي حرب، وشادي أبو زيد، والناشطة الحقوقية أمل فتحي.

وذهب المسئول الأمني إلى أن عباس سيخرج قريباً جداً، لكن بعد تمرير “قرارات زيادة أسعار الوقود”؛ ذلك أن الاحتجاجات التي تلت رفع أسعار تذاكر المترو أثارت مخاوف الأجهزة الأمنية التي كشفت تقاريرها أن المواطنين “مستعدون للانفجار، وأن الشبكات الاجتماعية قد تدفع باتجاه فوضى عارمة،” خصوصاً إذا تم رفع أسعار الوقود.

وتوقع المسئول حملة اعتقالات كبيرة خلال الساعات المقبلة ستشمل أسماءً كبيرة؛ لأن “رفع أسعار الوقود سيكون صادماً”، على حد تعبيره، وسيشمل أيضا تذاكر القطارات و”ربما المواصلات العامة”.

وتشبه صحيفة “وول ستريت جورنال”؛ استراتيجية السيسي بالعديد من الطرق الاستراتيجية التي سار عليها الرئيس السابق حسني مبارك، الذي انتهت فترة حكمه الممتدة إلى 3 عقود بثورةٍ شعبية. ومثلما فعل مبارك، يعتمد السيسي على دولةٍ أمنية كبيرة ونهجٍ اقتصادي يمنح الجيش الامتيازات.

ويشكو كثيرون في قطاع الأعمال من أن السيسي مارَسَ بدرجة أكبر تهميش الشركات الخاصة، ما ألحَقَ ضرراً بالاقتصاد. لكن هذا التفسير ليس الوحيد لحملة الاعتقالات. في الواقع، ثمة سيناريو آخر له مصداقيته أيضاً.

التخلص من  “الذباب” المزعج

وبرأي مايكل وحيد حنا، خبير الشرق الأوسط في “مؤسسة القرن”، فإنه على الرغم من أن الأشهر القليلة الماضية أظهرت بعض التوترات والانقسامات داخل الجيش، “ولكن لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن ذلك يؤثر على الطريقة التي يدير بها السيسي السلطة. فدفة القيادة بيده وحده”.

وتعتمد الدول الخليجية على الحكومة المصرية باعتبارها “جدارا نارياً” أمام تكرار حدوث ثورة شعبية، وتضخ مليارات الدولارات في البلاد.

ويقول مُحلِّلون إن السيسي يرى نفسه جزءاً في مجموعةٍ من الحكام الأقوياء حول العالم. فقبل الانتخابات المصرية، أرسل تهنئةً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للفوز بانتخابات معروفة نتيجتها مُسبَّقاً. وقبل ذلك، تغزل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالحذاء الذي كان يرتديه السيسي في أثناء زيارته واشنطن، وأشاد السيسي أيضا بالرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أصبح الرئيس الفعلي للصين مدى الحياة، ولا شك في أنه يتطلع إلى ذلك.

ووجد السيسي في الجيش المصري الملاذ الذي يأمل أن يقوده في الطريق نفسه. ويعتقد الخبراء أن الجيش المصري يلعب الآن دوراً اقتصادياً حاسماً في البلاد.

وقال أندرو ميلر، الخبير المُتخصِّص في الشئون المصرية بمجلس الأمن القومي الأمريكي سابقاً، إن السيسي “لا يثق بالقطاع الخاص، ولا يثق برجال الأعمال”.

وتعدى الجيش، خلال فترة قصيرة، على الشركات المدنية أيضاً، بمباركة من السيسي. ويمارس الجيش أيضاً نفوذه من خلال شبكة متفرقة من الضباط السابقين والحاليين الأعضاء بمجالس إدارة الشركات والذين يمتلكون حصصاً في شركاتٍ خاصة. فهم “يدسون أنفهم في كل عمل”، بحسب ما قالته شانا مارشال، خبيرة الاقتصاد السياسي المصري بجامعة جورج واشنطن.

واعتقلت سلطات الانقلاب وائل عباس، أحد أشهر المدونين المصريين والعرب، ويعمل صحفياً أيضاً، وتم اتهامه بكتابة تقرير مفبرك عن ترحيل سكان رفح، وإرساله إلى “هيومن رايتس ووتش”، وذلك مقابل آلاف الدولارات، حسبما جاء بعريضة الاتهام في النيابة وسبق أن أوقفته سلطات مطار القاهرة خلال عودته من كوريا الجنوبية العام الماضي، ثم أخلي سبيله بعد ساعات قليلة.

كما تم اعتقال الناشط شادي الغزالي حرب، وتم إخلاء سبيله من النيابة العامة بكفالة، لكن جهاز أمن الدولة رفض إطلاق سراحه وعرضه على نيابة أمن الدولة، التي قررت يوم 15 مايو 2018، حبسه 15 يوماً على خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.

شادي الغزالي حرب موضع تساؤلات كثيرة؛ لكونه محسوبا على تيار ثورة يناير 2011، وكان مؤيداً لتدخل الجيش بالعملية السياسية في يوليو والانقلاب العسكري 2013، ثم أصبح معارضا لسياسات النظام الحالي. لكن مصادر من سياسيين مصريين أكدت أنه لم يكن يتحرك بعيدا عن أجهزة الدولة، أو هذا ما يعتقد فيه كثيرون، رغم أنه كان على علاقة وثيقة بالفريق أحمد شفيق.

ويبدو أن السبب في اعتقال شادي يرجع إلى محاولاته إقناع بعض المعارضين السياسيين بدعم الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك قبل أن يعلن شفيق انسحابه، بحسب مصدر قريب من الغزالي حرب. وعقب اعتقال الفريق سامي عنان أواخر يناير 2018، أصدر الغزالي حرب بيانا مشتركا طالب الموقعون عليه بمقاطعة الانتخابات الرئاسية ما لم يتم وضع شروط لضمان نزاهتها. وحمل البيان توقيعات المستشار هشام جنينة والدكتور حازم حسني ومحمد أنور السادات، وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم.

أما الناشط السياسي شادي أبو زيد، وهو معد برنامج “أبلة فاهيتا” الشهير، فإن لأجهزة الأمن ثأراً قديماً معه، يعود إلى واقعة “الكوندوم”، وذلك عندما أهدى اثنين من عساكر الأمن المركزي الواقفين في ميدان التحرير “واقياً ذكرياً” على سبيل الهدية. وقد تم اعتقاله في حينها ثم الإفراج عنه.

هناك أيضاً الناشطة أمل فتحي، التي اعتُقلت يوم الجمعة 11 مايو 2018؛ بعدما نشرت مقطع فيديو على موقع فيسبوك انتقدت فيه المؤسسات المصرية والتحرش الجنسي، ما أثار جدلاً على السوشيال ميديا. واتهمت أمل فتحي (33 عاماً)، رجال أمن إحدى المؤسسات المصرفية العامة بالتحرش بها. وقررت نيابة المعادي حبس الناشطة 15 يوما على ذمة التحقيق.

وقالت منظمة العفو الدولية إن الشرطة ألقت أيضًا القبض على محمد لطفي، زوج الناشطة والمحامي المعني بقضايا حقوق الإنسان، قبل أن تطلق سراحه بعد عدة ساعات. وأضافت المنظمة في بيان: “إنه يوم مظلم عندما تهتم السلطات المصرية بإسكات امرأة تتحدث عن التحرش الجنسي بدلاً من اتخاذ خطوات لحل المشكلة”، ودعت إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن أمل فتحي”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...