بالذكر تحيا القلوب

إن ذكر الله تعالى أفضل ما يخطر بالبال وأشرف ما يتحرك به اللسان وأزكى ما يؤثِّر في الأخلاق والسلوك .

إن ذكر الله تعالى يسدد خطوات الإنسان على طريق الحياة الصحيحة ، ويبصره بالرسالة التي خُلق من أجلها ويجعله عبداً يرتفع في مستواه إلى الملأ الأعلى .

ذكر الله تعالى يشعر الإنسان بالسكينة  النفسية لأنه يعلم أنه فى جوار الله وأنه إذا أوى إلى الله فإنه يأوي إلى ركن شديد ، وقد يشعر الناس بالعجز أمام ضوائق أحاطت بهم ونوائب نزلت بساحتهم وهم أضعف من أن يرفعوها . إنهم إن كانوا مؤمنين تذكَّروا أن الله على كل شيء قدير وأنه بكل شيء بصير وأنه غالب على أمره وأن شيئاً لن يفلت من يده ولذلك يشعرون بالسكينة والطمأنينة .” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ” . الرعد : 28 .

تطمئن بإحساسها بالصلة بالله والأنس بجواره والأمن في حماه ..

وليس على وجه الأرض أشقى ممن يُحرمون طمأنينة الأنس بالله في رحاب الذكر .

فضل الذكر :-

وحتى نحفز أنفسنا على ذكر الله تعالى فلابد من أن نعلم فضائله وهي كثيرة ومنها :

  1. طمأنينة القلب وانشراح الصدر لقوله تعالى : ” أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ” الرعد : 28 .
  2. المغفرة والأجر العظيم لقوله تعالى ” وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ” . الأحزاب : 35 .
  3. معية الله عز وجل لقوله تعالى  فى الحديث القدسي : ” أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته فى ملأ خير منه  وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ” (رواه البخارى ومسلم ) .
  4. نجاة من عذاب القبر : فعن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما عمل آدمى عملاً قط أنجى له من عذاب القبر من ذكر الله عز وجل ” . (رواه أحمد ) .
  5. الذكر حياة القلب : فعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت ” ( رواه البخاري ومسلم ) .
  6. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت فأخبرني بشيء أتشبث به فقال : ” لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ” . ( رواه الترمذي ) .
  7. الذكر خير الأعمال : فعن أبي الدر داء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ”ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال ذكر الله ” ( رواه الترمذي ).
  8. الذكر بناء الجنة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل فقال يا محمد أقرىء أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” ( رواه الترمذي ).

(فدور الجنة تُبنى بالذكر فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء فإذا أخذ فى الذكر أخذوا فى البناء )

  1. الذكر شكر لله تعالى : قال سيدنا موسى لربه يا رب كيف أشكرك ؟ قال يا موسى ” تذكرني ولا تنساني ،إنك إن ذكرتني شكرتني وإن نسيتني كفرتني “.

الرسول القدوة :- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة للذاكرين فقد كان صلى الله عليه وسلم

يذكر الله إذا تناول الطعام ويذكره إذا قام عنه .

فإذا شرب أو انتهى من الشراب كان على ذكر ،  كان إذا خلع ثوباً أو لبسه وإذا خرج من بيته أو دخله فله مع الذكر حال ، وإذا أوى إلى فراشه أو نهض منه كان أول ما يسبق لسانه ذكر الله ، بل كان إذا تقلَّب من الليل لا يخطر بباله إلا الذكر ، وكان إذا لبس جديداً أو دخل سوقاً فالله حاضر في كل ذلك ، إذا فزع من النوم وإذا أراد جلب رزق أو حفظ نعمة أو دفع همّ أو قضاء دين ، إذا زار المقابر وإذا أمسكت السماء وأراد الاستسقاء ، إذا هاجت الرياح أو أرعدت السماء ، إذا نزل الغيث أو فاض المطر أو رأى هلالاً جديداً .. فأول ما يجري على لسانه ذكر الله ، وذكر الله تعالى يخامر قلب المؤمن عندما يزله الشيطان إلى ذنب يرتكبه ..

حينها يذكر أن له رباً يغفر الذنب ويقبل التوب “ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ …..” . آل عمران :135.

وذكر الله تعالى يجيء للإنسان في أوقات فراغه وما أكثر أوقات الفراغ التى يخلو الإنسان فيها بنفسه فإذا أحسن استغلال هذه الأوقات فذكر مَن خلقه ورزقه ومَن علَّمه ورباه ، ذكر مَن ستره وكساه وآواه ، إذا ذكر ربه واعتبر ورق قلبه ودمعت عيناه فإنه يغفر له ليكون مِن بين مَن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ” .

ونحن مكلفون أن نذكر الله كثيراً لقوله تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ” الأحزاب : 41 .

فوائد الذكر  :- يرضي الرحمن .. يطرد الشيطان .. يزيل الهمَّ والغمَّ عن القلب .. يقوي القلب والبدن .. ينور الوجه والقلب .. يجلب الرزق .. يورث صاحبه الهيبة والخشوع .. يورث صاحبه محبة الله .. يورث جلاء القلب من صداه .. يحط الخطايا ويذهبها فإنه من أعظم الحسنات والحسنات يذهبن السيئات .. يزيل الوحشة بين العبد وربه فإن الغافل بينه وبين الله وحشة لا تزول إلا بالذكر  .. سبب تنزيل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة  .. مجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس اللغو مجالس الشياطين  .. يؤمِّن العبد من الحسرة يوم القيامة .. أيسر العبادات وأجلها وأفضلها ..  الذكر رأس الشكر فما شَكَر الله مَن لم يذكره  .. الذكر نور للذاكر في الدنيا ونور له في قبره ونور له في معاده يسعى بين يديه على الصراط فالذكر ينوِّر القلب والوجه والأعضاء وهو نور للعبد في دنياه وفي البرزخ وفي القيامة .. يورث العبد ذكر الله له ” فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ” ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفت  .. ذكر الله يسهِّل الصعب وييسر العسير ويخفف المشاق فما ذكر الله على صعب إلا هان ولا على عسير إلا تيسر ولا مشقة إلا خفت ولا شدة إلا زالت ولا كربة إلا انفرجت .. فذكر الله هو الفرج بعد الشدة واليسر بعد العسر

وأخيراً :- إن الذكر من أعظم القربات بل هو طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها به تطمئن القلوب وتنفرج الكروب وتُغفر الخطايا والذنوب .

” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ” الأحزاب :-41-42.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...