العسكر والشائعات.. التلاعب بعقول المصريين

في أحد مشاهد فيلم “احنا بتوع الأتوبيس” يظهر الفنان عبد المنعم مدبولي وهو يحاول التماهي مع نصائح إعلام النظام ليظهر لوحة علقها في مدخل الشقة تحذر من الشائعات، ففي فترة الستينيات من القرن الماضي كان إعلام الدكتاتورية الحاكمة يحذر من الشائعات، خاصة بعد الفشل والقمع والهزيمة العسكرية المخزية أمام العدو.
ويروي قيادات تلك الفترة كيف كانوا يستخدمون الشائعات في إلهاء الشعب وجذب اهتمامه بعيدا عن همومه اليومية التي ربما تدفعه إلى نقد النظام ومن ثم السعي لتغييره.
وتعيش مصر اليوم حملة يتبناها العسكر بقيادة العميل الصهيوني عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب للحديث عن وجود آلاف الشائعات تنتشر بين المواطنين تستهدف تدمير مصر من الداخل ويجب محاربتها والانتباه إليها.
وفي تركيز إعلام المخابرات على موضوع الشائعات بهذا الإلحاح المكثف، يزعم مواجهة البلاد 21 ألف شائعة خلال 3 شهور، محذرًا من تحركات داخلية لتدمير البلاد وزعزعة الاستقرار!, وهي الأكذوبة نفسها التي رددها العميل خلال كلمته بحفل تخرج دفعة جديدة من طلبة الكليات والمعاهد العسكرية بالكلية الحربية: إن “الخطر الحقيقي الذي يواجه بلادنا هو تفجير الدولة من الداخل، عن طريق الضغط والشائعات والأعمال الإرهابية”، مستطردا: “أنا عايز أقولكم السر: فيه 21 ألف شائعة خرجت في 3 شهور، والهدف منها البلبلة وعدم الاستقرار والإحباط”.
* من وراء الشائعات؟
لم يعد استخدام الشائعات كسلاح جديدا على العسكر الذين كان بعضهم يروجها أثناء ثورة يناير، ثم في عهد الرئيس محمد مرسي تمهيدا للانقلاب عليه، وبعد الانقلاب عليه لإلصاق فاتورة خراب النظام العسكري سياسيا واقتصاديا وأمنيا ودوليا بجماعة الإخوان.
وكان اللواء حسن الرويني، مروج الشائعات في مصر، باعترافه للإعلامية دينا عبد الرحمن على فضائية “دريم”: “أنا مصدر الشائعات”، وأنه كان يهدئ ثوار التحرير بإطلاق الشائعات، لأنه يدرك خطورتها، وكيفية استغلالها جيدا”.
ويستمد العسكر في مصر أفكارهم من طغاة العالم مثل أدولف هتلر ووزير دعايته جوبلز، ونصائحهما إلى المستبدين في كل زمان ومكان على طريقة كيف تروض شعبا كاملاً في 3 خطوات:
1 ــ ازرع الخوف في الشعب
2ــ ارفع درجة تهديده في الأمان
3 ــ اصنع له عدوا
واستخدم العسكر الشائعات ضد الرئيس الشرعي المنتخب منذ يوم إعلان فوزه بالانتخابات عن طريق التشكيك في نتيجة الانتخابات، لتمهيد للانقلاب عليه؛ لكن أكثر الشائعات خطورة وتأثيرا كانت نلك التي هدفت إلى نزع صفة الوطنية عن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان، وتصويرهم باعتبارهم عصابة استولت على الدولة لتدميرها.
هذه الشائعات لم تهدف فقط إلى الانقلاب على الرئيس الشرعي وتهيئة الساحة للعميل الصهيوني لتصدّر المشهد، بل استخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكمه ومحاولة احتواء أي إخفاقات يواجهها، كما قام المنقلب بجعل الإخوان شماعة لتعليق فشله عليها.
والمثير أن كل الشائعات التي روجها  الانقلاب في مصر لتبرير الخيانة والانقلاب على الرئيس تحولت إلى حقيقة، وكان أبرزها ارتفاع أسعار الوقود وتذاكر القطار والمترو، فضلا عن بيع جزيرتي تيران وصنافير، والقبول بالتفريط في جزء من سيناء من أجل الصهاينة، ففي حين كان ينفي قائد الانقلاب شائعات اتجاهه لزيادة الأسعار، ولم تمر فترة وجيزة حتى قام بتعويم الجنيه وخفض الدعم، ورفع أسعار فواتير المياه والكهرباء.
* أذرع الانقلاب
حديث قائد الانقلاب وأذرعه الإعلامية حول وجود آلاف الشائعات أثارت موجة من الجدل والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي حيث علق النشطاء أن عبد الفتاح السيسي نسي أن يقول إن تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وأزمة مصر المائية بعد توقيعه على اتفاق المبادئ في سد النهضة الإثيوبي، وزيادة ديون مصر لأكثر من 108 مليارات دولار وأن 4 تريليونات جنيه ديونا داخلية على الحكومة، مجرد شائعات أطلقها معارضوه.
وفي سخريته حديث الشائعات قال  الكاتب الصحفي سليم عزوز: “السيسي: واجهنا 21 ألف شائعة في ثلاثة شهور، من بينها طبعا اعتقالك لسامي عنان، وتفريطك في تيران وصنافير، وتنازلك عن حصة مصر من مياه النيل، وقيامك برفع أسعار المترو الوقود والكهرباء، لم يعد لديه ما يقدمه إلا تخويف المصريين.
* سقوط الدولة
وعلق الكاتب الصحفي وائل قنديل على موضوع الشائعات قائلا “أغلب الظن أن تركيز إعلام السيسي على موضوع الشائعات بهذا الإلحاح المكثف، على مدار الأيام السابقة، يعني محاولة التغطية المسبقة على حدث كبير مطلوب التكتم عليه مؤقتا”.
أما الناشط الحقوقي عمرو عبد الهادي ففال ساخرًا “السيسي: واجهنا 21 ألف شائعة خلال 3 أشهر هدفها إحباط الشعب.. سحيح سحيح الشائعات اللي احبطت الشعب غلاء بنزين كهرباء مياه أنبوبة بوتجاز مواصلات، خدمات، مترو، قطارات، دخل، عقارات،  كنت بفتكر الغلاء ده حقيقي طلع شائعات.
فيما يري مراقبون أن السبب الرئيسي وراء انتشار الشائعات، هو التضييق على وسائل الإعلام، وعدم منحها مساحة الحرية، لنشر الحقائق والمعلومات، وأن التضييق وغلق المجال العام وكبت الحريات، يساعد على الحد من الشائعات؛ لأنه يؤدي إلى نتيجة عكسية”.

#وجبة_السيسي

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...