ولقد آتينا إبراهيم رشده

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
{ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين } .
ما هى الكذبات الثلاث ؟
أما ما ورد فى السنة النبوية مما يشير ظاهره الى ( عدم العصمة )
بحق إبراهيم عليه السلام وذلك فى قوله عليه السلام :
( لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : اثنتين منهن فى ذات الله ، قوله 🙁 إنى سقيم ) وقوله 🙁 بل فعله كبيرهم هذا ) …
وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة ، فقيل له : إن ههنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ، فأرسل إليه فسأله عنها من هذه ؟ قال أختى ، فـأتى فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتى يغلبنى عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختى … فإنك أختى فى الإسلام ، ليس على وجه الأرض مؤمن غيرى وغيرك ، فأرسل إليها فأتى بها ، وقام إبراهيم يصلى ، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده ، فأُخِذَ حتى ركض برجله فقال : ادعى الله لى ولا أضرك فدعت الله فأطلق ، ثم تناولها الثانية فأُخِذَ مثلها أو أشد فقال : ادعى الله لى ولا أضرك … فدعت الله فأطلق فدعى بعض حجبته فقال : إنك لم تأتنى بإنسان بل أتيتنى بشيطان فأخدمها هاجر ، فأتته وهو قائم يصلى فأومأ بيده مهيم ؟ قالت : رد الله كيد الكافر فى نحره ، وأخدم هاجر ، قال أبو هريرة تلك أمكم يابنى ماء السماء ) رواه البخارى ومسلم .
فهذا الحديث الشريف ليس فيه ما يدل على عدم العصمة ،
لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يقصد بهذه الكذبات الثلاث حقيقة الكذب ،
إنما قصد أن إبراهيم الخليل أخبر بإخبارات توهم الكذب فى الصورة وهى ليست بكذب فى الحقيقة و الواقع
فقول إبراهيم لقومه ( إنى سقيم ) وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) إنما هو نوع من التهكم و السخرية بهم وبآلهتهم المعبودة فأراد بقوله :
( إنى سقيم ) المعنى المجازى : أى أنى سقيم من عبادتكم لهذه الأصنام ،
التى لاتسمع ولا تنفع ولا تغنى عن صاحبها شيئاً … وكما يكون الإنسان سقيم الجسم يكون سقيم النفس وخاصة إذا رأى قومه فى الضلالة و الجهالة يتيهون ،
ودعاهم الى الهدى ولكنهم ظلوا فى ضلالتهم يعمهون .
وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) لم يكن فى الحقيقة كذباً وإنما هو نوع من الحجة الدامغة و البرهان الساطع أراد أن يقيمه إبراهيم على قومه فحين سألوه من حطم هذه الصنام ؟ أشار الى الصنم الأكبر سخرية وتهكماً بهم وبهذه الأصنام ، ثم لما رآهم متعجبين من كلامه أجابهم بالجواب المسكت { فاسألوهم إن كانوا ينطقون } .
وأما قوله لزوجته سارة :
( إنك أختى ) فإنما قصد به أخوة العقيدة وأخوة الإيمان كما قال تعالى :
{ إنما المؤمنون إخوة } ولم يقصد به أخوة النسب لأنها زوجته وليست أخته ….
وكل هذا إنما هو من التعريض لا من الكذب الذى يؤاخذ صاحبه ويأثم فاعله ،
وقد قال صلى الله علبيه وسلم 🙁 إن فى المعاريض لمندوحة عن الكذب ) أى أن فى التعريض ما يمنع المسلم عن الوقوع فى الكذب المحرم ،
فليس إذاً فى كلام إبراهيم ما يدل على تعمد الكذب الذى يخل بعصمة الأنبياء ،
وإنما هو نوع من التعريض المباح و الله يقول الحق وهو يهدى السبيل .

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...