“لا يوجد مكان أقذر من مصر”.. شهادة خراب للعسكر

لا يزال الهجوم مستمرًّا ضد وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أفيديس كيدانيان، بعد أن وصف مصر بأنه لا يوجد مكان أقذر منها، مستشهدًا بأطنان القمامة التي أصبحت جزءًا من المشهد الحضاري للقاهرة وباقي المحافظات، علاوةً على آلاف الأسر التي باتت المقابر مسكنها بعدما تعذر عليهم شراء غرفة للعيش فيها، تصريحات لو وجهت إلى دولة أخرى غير مصر لقامت القيامة، أما والحال تحت حكم العسكر لم يخرج عن إطار وصف الوزير اللبناني، فإنها شهادة خراب يعتز بها السفيه قائد الانقلاب.

لا يعلم الوزير اللبناني وهو يسرد الحقيقة التي غرق فيها المصريون عقب انقلاب 30 يونيو 2013، أن الإهمال والتدمير يغلف كل شبر في القاهرة عن عمد؛ حيث اضطر كثيرون إلى مجاورة الأموات، ورأى آخرون أن الحي أبقى وأولى من الميت بكل شيء، حتى لو كان القبر نفسه.

تقول الناشطة إسراء رشاد: “ف حتة كده بنعدي عليها بعد المنصورة ع طول اسمها مدينة “النهضة” و عبارة عن اكوام زبالة ف كل مكان”، ويقول محمد عبد الرحمن: “مدينة نصر والتجمعات بقة كلها أكوام زباله وأكتوبر وبتطبقوا في المعادي اللي هي من انضف الأماكن في مصر عليكم وعلى وزراتكم وعلى افكاركم والله ما هتعملو حاجه ليها قيمه طالما في حد بيحاسبكم”.

مقابر مفروشة

تاريخيًا أقام المصريون مقابرهم على أطراف القاهرة في الصحراء الجرداء، لكن أطراف الأمس باتت في عمق أحشاء المدينة التي تطحن الفقراء وتكرم الأغنياء، لم يعد سكان المقابر ظاهرة تفاجئ أبناء القاهرة، فالجميع يتعايش مع هذا الواقع، سواء أصحاب المقابر أو سكانها من الأحياء.

أصحاب المقابر يدركون أنهم في حاجة لمن يحمي المقابر من النهب، وسكان المقابر يجبرهم الفقر والغلاء الذي أبدع فيه السفيه عبد الفتاح السيسي إلى مجاورة الموتى، طالما أن السفيه يرفع شعار “مفييييش.. مش قادر أديك” وتعجز حكومات العسكر عن توفير مكان للفقراء وسط الأحياء، وعلى الرغم من عدم وجود اهتمام لدى العسكر لعمل إحصائيات بتلك الكارثة؛ إلا أو تقديرات مصادر مختلفة تشير إلى تخطي سكان المقابر المليون شخص يعيشون في كنف الموتى.

أمام إحدى المقابر في منطقة الإمام الشافعي جلست سيدة عجوز تدعى فوزية هاشم “72 عاما”، ويبدو عليها اهتمامها بورقة تحملها بين يديها، كانت ورقة ملفوفًا فيها طعام فاسد تفوح منه رائحة غير طيبة، وعندما سألناها ماذا تأكل قالت وهي تبتسم: “والله ما اعرف، دى ورقة لقيتها فى الزبالة فيها شوية مخلل وربنا بيحلّى كل حاجة، الحمد لله، أنا صحيح عايشة لوحدى من 40 سنة لكن ربنا معايا”.

فوزية تعيش في حجرة خشبية على فرش قديم جدا، وهي خالية من كل شيء، فى إشارة إلى أنها تنام على البلاط، الغريب أنها لا تطلب شيئا من أحد، ولكن عندما يعطف عليها أحد تدعو له قائلاً: “والنبي تفوت عليا كل ما تيجي هنا مش عشان حاجة والله.. بس عشان أشوفك، ده أنا محدش بيسأل عني خالص”.

تصريحات الوزير اللبناني عندما استشهد بحال مصر في عهد العسكر، تثبت أن الوضع بالغ السوء وأن المصريين صار يضرب بهم المثل في تخلف الأمم بسبب سيطرة عصابة العسكر على الحكم، ولم تعد عبارات كاذبة من قبيل “القاهرة مدينة متطورة”، مطبوعة على صناديق القمامة المتنقلة، تمنع عودة ظهور أكوام القمامة في الشعبية وحتى الراقية على حد سواء، رغم تفعيل منظومة الشركات الأجنبية التي تعاقد معها الجيش لنظافة القاهرة.

وبات الشعب يشكو من تكدس أكوام القمامة أمام المنازل والمدارس ومواقف الأتوبيسات، وقالت مواطنة تدعى نهال محمود إنه رغم أنها تسكُن في نهاية شارع يوجد فيه مقر الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة؛ حيث تجاور الأكوام سور الهيئة ذاتها، وحتى خارج القاهرة لم يكن الأمر أقل سوءًا.

في الإسكندرية تحول الكثير من شوارع المحافظة إلى منتجع لنشر الأمراض والأوبئة بعد تراكم أكوام القمامة؛ الأمر الذي أسهم في تشويه الصورة الجمالية لمعالم المدينة، وتصاعدت مشكلة القمامة في الأعوام الخمس الماضية للانقلاب، على الرغم من حصول المدينة على لقب عاصمة السياحة العربية عام 2010، رغم أن حكومة الانقلاب تعاقدت مع الشركة الفرنسية المسئولة عن عملية جمع القمامة.

تعليم بالقمامة

وتشهد معظم مدارس الجمهورية حالة من الإهمال والفوضى أدت إلى تراكم تلال القمامة أمام أبوابها وبطول أسوارها بعد سياسة التجاهل التام التي يتبعها مسئولو حكومة الانقلاب، ورؤساء المراكز والمدن والأحياء الذين غضوا أبصارهم وصموا آذانهم عن استغاثات وشكاوى الأهالي وأولياء الأمور من أجل إنقاذ حياتهم من الأمراض التي سوف تفتك بهم وبأطفالهم الصغار.

حيث تتراكم تلال القمامة بجانب الأبواب الرئيسية والأسوار أمام التلاميذ؛ ما يعرضهم يوميًا لخطر الإصابات بالأمراض المُعدية التي تنتقل لهم بتلوث المأكولات عن الطريق الذباب والحشرات الطائرة، بالإضافة إلى الرائحة العفنة التي تنتشر وتسبب للتلاميذ القيء، وكل ذلك يرجع إلى إهمال حكومة الانقلاب فى رفع تلال القمامة يوميًا والتشديد على عدم عودتها إلى هذا المكان مرة أخرى.

وحتى الآثار التي يحسد وزير السياحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أفيديس كيدانيان المصريين عليها، يقوم السفيه السيسي ومعه عصابة الانقلاب بنزحها وتجريفها بالجاروف وشحنها في حاويات مثلها مثل أي سلعة، وبيعها بالكيلو والطن لبلاد العالم، وإيداع الأرباح في حسابات سرية خاصة بالعسكر في بنوك سويسرا، ويبرر السفيه السيسي ذلك التدمير وتلك السرقة بأن مصر وطن ضايع.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...