زيادة رواتب الشرطة للمرة الثالثة.. السيسي يشتري “الولاء” لمواجهة الغلابة

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب المصري من شدة الغلاء المعيشي؛ نتيجة رفع أسعار كافة أنواع الوقود بنسب تجاوزت 100%، للمرة الثالثة على التوالي، وارتفاع أسعار الخضراوات التي سجلت البطاطس والطماطم فيها أكثر من 14 جنيهًا، وأعلن قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي إلغاء العلاوة الدورية السنوية للموظفين، بزعم بناء 250 ألف فصل بتكلفة 130 مليار جنيه أصبح الوضع الأمني لنظام السيسي في مواجهة غليان الشارع المصري الذي يحتاج لزيادة جديدة في رواتب ومعاشات، ضباط الشرطة وأفراد وزارة الداخلية، وذلك للمرة الثالثة على التوالي في أقل من عام، بالتزامن مع زيادة رواتب ومعاشات القوات المسلحة والسلك القضائي.

ولعل حالة الغليان التي يمر بها الشارع يضاف إليها ارتفاع الأسعار، بالتزامن مع نية السيسي تعديل الدستور من أجل مد فترة حكمه، ألزمته بمزيد من محاولات استرضاء قوات الداخلية في الفترة القادمة؛ استعدادًا لأي مواجهة في الشارع المصري الذي يمر بفترة عصيبة تحت الحكم العسكري ممثلاً في السيسي.

ديون هنا وزيادة هناك

وكشفت مصادر برلمانية أن برلمان العسكر يناقش حزمة من التعديلات لرفع رواتب ومعاشات العاملين بالداخلية، وهو التعديل الثاني على قانون الشرطة في أقل من أربعة أشهر، والثالث في أقل من سنة؛ حيث سبق للبرلمان إجراء تعديلات موسعة في يوليو الماضي منح الداخلية مميزات وصلاحيات موسعة، ورفعت راتب لواء الشرطة للحد الأقصة من رواتب الموظفين وهو 42 ألف جنيه.

وقال عضو اللجنة التشريعية ببرلمان العسكر ومقدم التعديلات عبد المنعم العليمي: إنه يقترح تطبيق الحد الأقصى والأدنى لأجور الضباط بواقع 42 ألف جنيه، بدءًا من منصب مساعد أول وزير الداخلية، ثم الأقل في الوظيفة، وكذلك زيادة معاشات العاملين بالشرطة بنسبة 80% من آخر أجر أساسي قبل بلوغ سن المعاش.

وأضاف العليمي، في بيان له أمس الخميس، أن التعديلات تهدف للاهتمام بالشرطة؛ باعتبارها الحماية الثانية للدولة بعد الجيش، فضلاً عن تعرض العاملين بها لصراعات ومنازعات بين المواطنين؛ نتيجة احتكاكهم المباشر بالشارع، معتبرًا أن هذه التعديلات ضرورية، تقديرًا لدورهم في حماية الشعب وفق وصفه، وهو الأمر الذي يكشف نية السيسي في تعديل رواتبهم وشراء دعمهم في مواجهة أي غضب بالشارع المصري.

ضغط مستمر

في الوقت الذي حذر كبير الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي موريس أوبستفيلد، من ارتفاع مستويات الديون المصرية، التي عدّ أنها تشكل خطرا على البيئة الحالية، مضيفا خلال مشاركته بمؤتمر غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة أمس الخميس، أن الخزانة المصرية أصبحت تحت ضغط مستمر.. أعلن البنك المركزي المصري ارتفاع الدين المحلي لنحو 3.694 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي، مقابل 3.536 تريليون جنيه بنهاية مارس السابق عليه بنمو 4.5%، وقيمتها 158.4 مليار جنيه.

وطبقا للتقرير، فإن صافي الدين المحلي الحكومي ارتفع من 2.9 تريليون جنيه إلى 3.12 تريليون جنيه خلال الفترة نفسها، بينما ارتفع صافي مديونية الهيئات الاقتصادية العامة، إلى 317.6 مليار جنيه بنهاية يونيو مقابل 287.3 مليار جنيه بنهاية مارس، كما ارتفع صافي مديونية بنك الاستثمار القومي إلى 473.02 مليار جنيه.

ونقل موقع “عربي 21” عن أيمن النجار أن هذه التعديلات المتوقع الموافقة عليها سوف تزيد من أعباء الموازنة المصرية، خاصة أنها تحتاج لاعتماد إضافي من الموازنة على موازنة وزارة الداخلية، رغم أن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، أعلن قبل يومين في منتدى الشباب بشرم الشيخ، أنه سوف يقلص موازنات الوزارات، بالإضافة لإلغاء العلاوة السنوية للموظفين بالدولة من أجل توفير 130 مليار جنيه لبناء مدارس جديدة.

وربط النجار بين تحريك هذه التعديلات رغم وجودها بالبرلمان منذ شهرين، وبين ما أعلنه رئيس مصلحة الضرائب المصرية في البرلمان الأربعاء الماضي، من تحقيق إيرادات بلغت 115.9 مليار جنيه (6.5 مليارات دولار) خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2018/ 2019، بنسبة 108% من الرقم المستهدف في الموازنة وهو 107 مليارات و440 مليون جنيه.

وأضاف النجار أنه يبدو أن أرقام الضرائب، دفعت البعض للطمع في الحصيلة، ومن ثَمّ يسعى لتوزيعها، بصرف النظر عن تأزم الوضع المالي، وحاجته الملحة للتقشف في الإنفاق الحكومي، وليس زيادة الأعباء في شكل تشريعات تخدم فئات بعينها لأهداف سياسية واضحة، بينما باقي الشعب يعاني من البطالة التى وصلت لـ11% طبقا لأفضل تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وكذلك ارتفاع نسب المصريين تحت خط الفقر لـ27% من عدد السكان.

ولاء الشرطة

فيما أكد الباحث السياسي حسين طبلاوي أن هذه التعديلات تسعى لضمان زيادة ولاء الشرطة للنظام الحاكم، بمنحهم ميزة مالية تساعدهم في التغلب على غلاء المعيشة الذي يعانون منه مثل باقي المصريين، بالإضافة إلى رفع روحهم المعنوية، بعد الانتقادات الموجهة لهم نتيجة حادث الهجوم على حافلات المسيحيين بالمنيا، واتهامهم بالتقصير في الحادث.

وأضاف طبلاوي أن السيسي يسير وفق سياسة “شراء الولاء بالامتيازات”، وهو ما يقوم به مع القوات المسلحة التي يدخلها كشريك منفرد بنسبة تجاوزت 75% بمعظم مشروعات الحكومة، وعلى مختلف الأصعدة، يليهم الشرطة باعتبارها الجناح الثاني لمعادل القوة التي يستخدها في التنكيل بمعارضيه، ومواجهة أي حركة غضب يمكن أن يشهدها الشارع المصري.

وأشار إلى أن السيسي يجهز المسرح خلال الأشهر الثلاثة المقبلة “لمسرحية التعديلات الدستورية، بما يمكنه من الاستمرار في منصبه بعد انتهاء ولايته الثانية المقرر أن تنتهي 2022، وهي المسرحية التي سوف يكون للداخلية دور بارز فيها، بالإضافة للقضاة والكنيسة القبطية، وعليه، فإن الفترة المقبلة سوف تشهد المزيد من الرشاوى والامتيازات لهذه الفئات ضمانا لخروج المسرحية طبقا للسيناريو المرسوم لها”.

ويرى طبلاوي أن السيسي “يعلم جيدا تراجع شعبيته بشكل كبير، ولذلك فهو يريد فصل رواتب وامتيازات الداخلية عن عامة الشعب المصري، حتى لا يكون هناك تضامن وربما اتحاد بينهم في أي تفجر محتمل للأوضاع الداخلية نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار، رغم الضغط والقسوة الأمنية المتزايدة”.

رواتب الداخلية

يذكر أنه في يوليو 2018 ناقش البرلمان مشروع قانون لهيكلة رواتب وزارة الداخلية بجميع درجاتها الوظيفية.

واعتمد القانون على فكرة ربط رواتب أفراد الشرطة بالحد الأقصى للأجور، متابعًا: “رتبة لواء فيما فوق ستأخذ 100% من قيمة الحد الأقصى للأجور والبالغ 42 ألف جنيه، ورتبة عميد ستحصل على 90% منه، ويظل التدرج هكذا حتى تنتهي إلى أقل درجة وظيفية في وزارة الداخلية”.

وفي مارس 2018 تقدم النائب عاطف عبدالجواد، عضوبرلمان العسكر بمقترح مشروع قانون بشأن زيادة مرتبات ومعاشات أفراد وقوات وزارة الداخلية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...