مصر من سلة غذاء العالم إلى أكبر مستورد في عهد السيسي

كشف تقرير صحفي كيف دمر نظام الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي الزراعة في مصر، لتتحول من “سلة غذاء الأرض وخزائنها”، إلى أكبر مستورد للغذاء في العصر الحالي، بعدما كانت مصر تتغنى بحصاد وزراعة القمح والقطن، تعبيرا عن قوة الزراعة المصرية، كمورد من أهم موارد قوة الدولة.

وقالت شبكة أخبار “الجزيرة”، إن مصر التي وصفها القرآن الكريم بـ”خزائن الأرض”، تبدل حالها خلال السنوات الماضية، وتحولت تدريجيا إلى استيراد نحو 70% من غذائها، خاصة القمح، وتعتبر مصر مع الحكم العسكري المستورد الأول للقمح على مستوى العالم، وهو ما دفع المصريين للتساؤل طوال السنوات الماضية عن سبب هذا التحول.

القمح والقطن والأرز

وذكر التقرير أن التدهور السريع في الزراعة، خاصة المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها المصريون في غذائهم، دفع نقيب عام الفلاحين حسين أبو صدام إلى التحذير من عدم وجود سياسة زراعية واضحة، وانعدام وجود خطط مستقبلية لدى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي للاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية.

ونقلت عن نقيب الفلاحين شكواه من “كثرة القرارات العشوائية التي تخلو من الدراسة الكافية كقرار تقليص المساحات المزروعة من الأرز بحجة توفير المياه، والذي لم ينتج عنه أي توفير للمياه جعلت العالم يتسابق لإطعامنا، فباتت إنجلترا وفرنسا تزرعان الفول خصيصا للمصريين، وروسيا وأوكرانيا تزرعان لنا القمح، ونحن على موعد هذا العام لتذوق الأرز الصيني”.

وأوضح أن استيراد الأرز الصيني جاء بعد تقليص المساحات التي كانت تزرع بالأرز المصري، متوقعا زيادة أسعاره إلى مستوى عال لا يتحمله المواطن البسيط.

وقال التقرير، إن انهيار زارعة القمح واستيراد البقوليات والأرز والسلع الغذائية الأساسية يتناقضان مع وعود قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشأن النهوض بالزراعة والاكتفاء الذاتي في سنوات قليلة، خاصة بعدما وعد في حملته الانتخابية عام 2014 بزراعة مليون ونصف مليون فدان لتضاف إلى الرقعة الزراعية المصرية التي تتناقص بشكل كبير؛ بهدف فتح فرص عمل جديدة للقضاء على البطالة، والمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي لسد الفجوة الغذائية التي تعاني منها مصر لسنوات طوال.

فنكوش المليون فدان

وبعد عام ونصف من استلامه السلطة، أطلق السيسي إشارة بدء مشروع المليون فدان في ديسمبر 2015، وفي مايو 2016 حصدت مصر أول محصول قمحي من المشروع، وذلك من منطقة سهل بركة بواحة الفرافرة في محافظة الوادي الجديد، بعد أن استصلح الجيش نحو عشرة آلاف فدان.

وعن المساحة المتبقية، أعلن السيسي عن تأسيس شركة تنمية الريف المصري الحكومية لتنفيذ وتسويق وإدارة المشروع، ليتحول المشروع إلى محاولة لتسويق أراض صحراوية لمستثمرين في مجالات الاستصلاح الزراعي وللشباب الباحثين عن المشروعات الصغيرة، لكن المشروع توقف عند هذا الحد دون إعلان متى يشاهد المصريون السيسي وهو يحصد القمح من جديد.

وأشار التقرير إلى تصريحات وزير الري الأسبق محمد نصر الدين علام، إلى أن هناك أزمة ستواجه استمرارية المشروع تتمثل في نقص المياه الجوفية، خاصة أنه يعتمد على 20% على مياه نهر النيل و80% على المياه الجوفية، مؤكدا أنه لديه شك كبير في أن المياه هناك تكفي لري هذا المشروع في ظل مساحته الكبيرة ولمدة مئة عام، فالمياه الجوفية في صحراء مصر الغربية كلها لا تكفي لاستصلاح أكثر من مليون فدان بتكاليف ضخمة للغاية”.

بعدها، أعلن رئيس قطاع المياه الجوفية في وزارة الري سامح عطية صقر، عن أن المياه الجوفية المتاحة كلها لا تكفي إلا لزراعة 26% ‎فقط من إجمالي المشروع، أي ما يقارب 390 ألف فدان من إجمالي مليون ونصف المليون.

وزارة الري

وفي مايو 2017 شن رئيس شركة الريف المصري المسئولة عن المشروع “عاطر حنورة”، هجومًا حادًّا على وزارة الري باعتبارها المسئولة عن تقديم الدراسات الخاصة بالمياه التي تغذي المشروع. وقال: “هناك تضارب في التقارير الرسمية التي قدمتها وزارة الري بشأن إمكانيات المياه بمشروع المليون ونصف مليون فدان”.

وصرح “حنورة” بأنه “لدينا أوراق من وزارة الري تقول إن المياه تكفي وتزيد لزراعة المليون ونصف مليون فدان، لكن فوجئنا بنفس الجهة تؤكد أن المياه تكفي لزراعة 40% فقط، ثم أصبحت 26% فقط على لسان مسئول قطاع المياه الجوفية بالوزارة خلال اجتماع لمجلس الوزراء مؤخرا”.

وعلى الرغم من عدم تنفيذ مشروع 1.5 مليون فدان، فإن السيسي فاجأ المصريين في يناير 2018 بمشروع زراعي جديد، كان يتضمن الانتهاء من 220 ألف فدان نهاية يونيو الماضي، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، فضلا عن مليون فدان أخرى يتم الانتهاء منها منتصف عام 2019، وهو ما لم تظهر بوادره حتى الآن.

تدمير زراعة الفاكهة

وبعد تدمير المحاصيل الاستراتيجية، عمل نظام الانقلاب على تدمير زراعة الفاكهة التي كانت من أهم مصادر الدخل القومي؛ نظرا لعملية تصديرها للخارج، وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها في الداخل.

ومرت أزمة ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة بمنعطف أشد ألمًا للمصريين، بعد أن كشف الموسم الحالي عن أزمة معاناة الفلاحين من نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها، خاصة الحصص المقررة في الجمعيات الزراعية، وهو ما يهدد بضياع المحاصيل وتعرضها للتلف، ويدفع المزارع لخيارين أحلاهما مر: الأول الذهاب إلى السوق السوداء التي تجاوز سعر الشيكارة الواحدة فيها 300 جنيه، أو تبوير الأرض وهي الكارثة التي تهدد مستقبل الزراعة المصرية، وتدمر حياة المزارعين.

وكشف عشرات المزارعين والفلاحين عن أن معاناتهم خلال السنوات الثلاث الماضية أصبحت كابوسًا يهدد بيوتهم، بعد استنزاف مواردهم وتكبدهم خسائر كبيرة في ظل ظروف صعبة، لدرجة أن العديد منهم باتوا معرضين للسجن بسبب الديون المتراكمة عليهم للبنك، في الوقت الذي يتجاهل نظام الانقلاب أزمة الفلاحين، دون اكتراث بمستقبل مائة مليون مواطن يعانون من نقص حاد في الطعام والشراب.

وأثرت عملية نقص الأسمدة على زراعة الخضراوات والفاكهة، حيث مرت البطاطس بأسوأ موسم لها على مر التاريخ، بعدما ارتفع سعرها لأربعة عشر جنيها للكيلو، كما ارتفع سعر الطماطم لعشرة جنيهات، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الفاكهة، حيث لأول مرة لم تنخفض فيه أسعار المانجو عن عشرين جنيها للكيلو، بسبب منع المزارعين من الوصول لري ثمارهم في سيناء والإسماعيلية، كما ارتفعت أسعار الخوخ والمشمش وباقي المحاصيل الصيفية، في الوقت الذي بدأ فيه موسم الشتاء بارتفاع أسعار البرتقال واليوسفي لسبعة جنيهات للكيلو.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...