على طريقة “ناصر”.. “السيسي” يسعى لنهب أموال الأوقاف

فجر رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية سيد محروس موخرا مفاجأة بإعلانه إن إجمالي أملاك الهيئة يصل إلى تريليون و37 مليارًا و370 مليونًا و78 ألف جنيه، وفقًا للحصر الذي أجرته الهيئة مؤخرًا لأملاكها للمرة الأولى منذ إنشائها.

وتعد حجم ثروة هيئة الأوقاف من أضخم الثروات بمصر؛ حيث إن مساحة الأطيان الزراعية للهيئة تبلغ 390 ألف فدان، بقيمة تقديرية 759 مليارًا و181 مليون جنيه، ومساحة الأملاك (مبان وعقارات) تبلغ 7 ملايين و391 مترًا مسطحًا، بقيمة تقديرية 136 مليارًا و824 مليونًا و95 ألف جنيه، وذلك بحسب تقرير للجنة الخطة والموازنة في مجلس نواب العسكر، نشر الاربعاء الماضي 28 نوفمبر 2018.

وأضاف التقرير أن مساحة الأراضي الفضاء المملوكة لهيئة الأوقاف بلغت 9 ملايين و714 ألف متر، بقيمة تقديرية 141 مليارًا و364 مليون جنيه، محذرًا من ارتفاع حجم التعديات على أملاك وأراضي الهيئة منذ عام 2011، وبلوغها خلال السنوات السبع الأخيرة نحو 20 ألفًا و50 فدانًا، بواقع 451 ألف متر على الأملاك والمباني، و926 ألف متر على الأراضي الفضاء، بما يعادل نحو 10% من إجمالي أملاك الأوقاف. (الدولار = 17.913 جنيه).

أموال مهدرة

وأوضح التقرير الذي قدمه رئيس هيئة الاوقاف للجنة الموازنة ببرلمان الانقلاب أن إجمالي المتأخرات المستحقة للهيئة لدى الغير بلغ 2.3 مليار جنيه حتى 30 يونيو 2018، منها 261 مليون جنيه لدى الجهات والمصالح الحكومية، في حين تتمثل المستحقات في حصيلة النزاعات القضائية، مشيرًا إلى أنه خلال الشهرين الماضيين استطاعت الهيئة تحصيل مبلغ 192 مليون جنيه فقط من مستحقاتها.

واشار إلى أن إيرادات الهيئة في العام المالي 2017 /2018 بلغت مليارًا و210 ملايين و55 ألف جنيه، منها 450 مليون جنيه إيرادات أطيان زراعية، و400 مليون جنيه إيرادات إيجار أرض فضاء ومساكن ووحدات، علاوة على استثمارات أوراق مالية بقيمة 550 مليون جنيه، ولذلك سعت الدولة لتقنين قانون جديد من أجل السيطرة علي هذه الأموال.

عجز الموازنة

وفي ظل ضخامة أموال هيئة الأوقاف لم تجد حكومة الانقلاب إلا أملاك الأوقاف لتمد يدها إليها، تحت دعاوى سد عجز موازنة الحكومة، في حين تتغاضى عن حصر أملاك الكنسية المصرية، وسط رفض واسع من شيوخ وقانونيين وسياسيين.

كان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى قد أصدر قرارًا رقم 300 في يوليو 2017، بتشكيل لجنة لحصر أملاك هيئة الأوقاف من الأراضي والمباني والمشروعات والمساهمات في شركات، لإدراجها لصالح الدولة لدعم الاقتصاد القومى والمشروعات المزعم إنشاؤها مثل العاصمة الإدارية.

من جانبها رفضت هيئة علماء الأزهر هذه الخطوة، مؤكدة “أن شرط الواقف مثل شرط الشارع، لا يجوز الاعتداء عليه لا بالتغيير ولا بالتبديل”.

وأضاف البيان أنه “من هنا ضاعت مكانة الإسلام والمسلمين؛ فالأصل أن العالم يأخذ راتبه من مال الأوقاف الموقوفة، مثله كمثل القسيس الذي لا يتقاضى راتبا من الدولة، إنما من كنيسته”،.

يذكر أن جمال عبد الناصر كان ضم أوقاف المسلمين إلى وزارة الزراعة وترك أوقاف النصارى ولم يستطيع أحد الاقتراب من أوقاف الكنيسة؟

كما أن الأزهر كمؤسسة جامعة، كانت تنضوي تحته هيئة الأوقاف، والفتوى، والوقف كان للأزهر، وفي نهاية القرن التاسع عشر، استحدثوا دارا للإفتاء، وفي بداية القرن العشرين سلخوا المساجد من الأزهر، وأنشأوا وزارة الأوقاف وهي غير تابعة للأزهر”.

مخالفة الدستور

وأكدت هيئات قانونية انه لا يجوز استخدام أملاك الأوقاف واموالها في غير وجهتها، لأنه ملكية خاصة من الناحية الدستورية” مشيرة إلى أن البعض يعتقد حتى من المنخرطين في الحياة السياسية، والبرلمانية، “أن الوقف خاضع لأملاك الدولة، وفي الحقيقة هو مملوك ملكية خاصة بأصحابه”.

وقالت إن “أي وقف محمي دستوريا؛ وأي قرار نزع ملكية من أي سلطة يجوز الطعن عليه من المحاكم المختصة، والمخول بالطعن الجهة المتضررة، والمخول بالحكم فيها هي محاكم مجلس الدولة”، لافتة إلى أن “هيئة الأوقاف ربحت العديد من القضايا ضد المحافظات، وهناك عشرات الأحكام بذلك”.

الأنبا انطونيوس عزيز، ممثل الكنسية الكاثوليكية في لجنة الخمسين (لجنة دستور السيسي 2014) شدد على موقف “الكنيسة الرافض لأي تصرف في أموال الوقف لصالح أي جهة”.

وقال: “إن الوقف مرهون بما وقف عليه؛ فهو ليس أموالا عامة، إنما أموال خاصة بالكنيسة، لا بد أن تصل إلى هدفها”.

وأكد أن مبررات الدولة بحاجتها للأموال “لا يعني أن تستغل هذه الأموال والممتلكات لأي سبب كان، ولا يجوز استخدام مال أي وقف إلا فيما أوقفت عليه، لصالح أي جهة كانت”.

وشدد على أن “هذه الأوقاف ليست ملك الدولة، ولنواب برلمان العسكر أن يقولوا أو يدعوا إلى ما يشاءون، فهي مثلها مثل المعاشات، أموال خاصة”، مشددًا على أن “مثل تلك الدعوات لا تصب في الصالح العام سواء للمسلمين أو المسيحيين، وأنهى حديثه بالتأكيد على أن هذا “ليس الطريق الأمثل لحل أزمة البلاد الاقتصادية .

أموال الأوقاف؟

إن قيام وزارة الأوقاف بإلزام الأهالي بدفع رسوم الكهرباء والمياه داخل المساجد، وكذلك رغبة الدولة في وضع يدها على أراضي الأوقاف وإدارتها، أثار الكثير من الجدل حول أموال “الأوقاف” وأوجه صرفها، فيما رفض العديد من المسؤولين داخل الوزارة الحديث في هذا الشأن، خوفا من وزير اوقاف العسكر .

مؤخرا، صدر تقرير عن وزارة الأوقاف يشرح أوجه إنفاق الأموال، وبحسب بعض المسئولين بالوزارة، فإن أحدًا لا يعلم عنه شيئًا، إذ تم رفعه لجهة عليا.

وقال الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق: إن هناك إهمالاً في ملف إنفاق أموال الأوقاف داخل الوزارة منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك حينما كان يتولى الدكتور حمدي زقزوق منصب الوزير.

وأضاف أن أموال وأراضي الأوقاف التي تمتد في معظم الحافظات تعرضت لسيل من الإهمال والاستيلاء عليها من قبل الناس بعد أحداث ثورة 25 يناير والفجوة الأمنية، مشيرًا إلى تميز أراضي الوقف وارتفاع أسعارها عن نظيرتها لأنها تكون في أفضل أماكن وبمساحات كبيرة.

من جانبه، قال مصطفى عبد الفتاح، محامي عمال الأوقاف، في تصريحات صحفية: إن هناك إهمالاً واضحًا في ملف أموال الأوقاف خاصة بيع أراضي الوقف المسؤولة عنه هيئة الأوقاف، والتي تقوم بعمل مزاد علني وتعرض فيه الأراضي الموجودة لديها وتبيعها بأعلى سعر لتشتري أراضي جديدة في أماكن مختلفة.

وأضاف أن أموال الأراضي توضع في حساب الوزارة بالبنك الأهلي, ويتم عقد اجتماع شهري للهيئة العليا للأوقاف لتحديد مصير الأراضي وتاريخ بيعها وقيمتها.

هيئة الأوقاف تعترف

وفي تصريحات لرئيس هيئة الأوقاف السابق د. أحمد عبد الحافظ، في حواره مع جريدة الأخبار، في يناير 2018 اعترف بالفساد المستشري في الهيئة، وإهدار الملايين وقال إن الفساد في هيئة الأوقاف أكثر من أي جهاز حكومي وأنه تسبب في ضياع المليارات.

وكشف أن الهيئة كانت مليئة بالفساد، وبنسبة كبيرة جدًّا عن أي جهاز حكومي آخر، وذلك لعدة أسباب أهمها غياب الرقابة وكثرة الأموال بالهيئة وساعد على ذلك أيضًا بقاء الموظف في مكانه حتى يخرج للمعاش ولذلك ضاعت مليارات، معتبرًا أن الفساد ليس معناه أن شخصًا يسرق فقط بل إن القرار الاستثماري الخاطئ يعتبر فسادًا؛ حيث يُضيع على الأوقاف أموالاً طائلة يمكن الاستفادة منها.

وأشار إلى أنه تم تغيير القيادات القديمة، وأنه اتخذ قرارًا بعدم استمرار مدير أو قيادي في منصبه لأكثر من 3 سنوات، زاعمًا أن هذه القرارات أسفرت عن غلق حنفية الفساد التي أغرقت الهيئة وهذا بشهادة كافة الأجهزة الرقابية في الدولة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...