الانتصار بعد الانكسار

إنه أول كسر للجيش اليهودي منذ قيام الكيان الصهيوني في 15 مايو 1948م على أرض فلسطين المقدسة، وعلى حدود سيناء “قدس مصر”…
ولنا – نحن المسلمين – مع اليهود تاريخ حروب دموية، وغارات عقدية منذ “بني قينقاع” وحتى تقوم الساعة… قال النبي – صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود“. رواه الشيخان.
ولنا في هذه المناسبة – 6 أكتوبر – كلمات نتذكر بها يوماً من أيام الله، بل يومين.. يوم الانكسار، ثم يوم الانتصار!
أولاً: نحن الآن في ذكرى يوم الانتصار، فتحية، بل ألف تحية للجندي الذي رفع علم مصر فوق أرض سيناء “قدس مصر”، فبالطور أقسم الله (وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)… وعلى الجبل كلم الله موسى، وأنزل عليه التوراة – عليه السلام.
ألف تحية لرافع العلم، وألف تحية لكل جندي وضابط عبر بالأمة من الانكسار إلى الانتصار، وآلاف التحايا للشهداء وهم الآن (أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)).
ثانياً: فما خبر الانكسار؟
إنه يوم غير مألوف في حياة أمتنا… آخر صفر 1987هـ الموافق 5 يونية 1967م.
يوم دفع جمال عبد الناصر ونظامه المحمول فوق موجة علمانية ماركسية، يوم دفع ثمن الغرور والاستكبار، وقهر الشعب، والاستعلاء على العزيز القهار!!
بل دفع الشعب المصري وأربعة شعوب أخرى ثمن ابتعادها – طوعاً أو كرهاً – عن منهج الله في حياتها، فكان ما كان، فضاعت “سيناء”، وضاعت “القدس”، وضاع ما تبقى من “فلسطين”، وضاعت “الجولان”…
ثم مضى أكثر من ست سنوات حتى بزغت شمس الصحوة الإسلامية، وأضاءت المساجد بالراكع والساجد، وظهر الخِمار، واكتست مصر بالحشمة والوقار، بعد سنوات التبرج والتعري والاستهتار… وهكذا تأهلت مصر لإحراز أول انتصار…
ثالثاً: أصل الصراع الدامي مع اليهود:
1- يقول العليم الحكيم: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا). سورة المائدة، من الآية 82.
2- خيانات اليهود مع النبي – صلى الله عليه وسلم:
• كشف المرأة المسلمة في “بني قينقاع”.
• محاولة قتل النبي – صلى الله عليه وسلم – في “بني النضير”.
• كشف جبهة المدينة في غزوة الأحزاب، بواسطة بني قريظة.
• محاولة قتل النبي – صلى الله عليه وسلم – بالسم بواسطة امرأة يهودية.
• يحقدون على رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – حقداً تضيق به الأرض بما رحبت!
• ورد في سفر “حازوحار” – المطبوع بالفرنسية عام 1957م – بالجزء الثاني ص 88: [يا أبناء إسرائيل: اعلموا أننا لن نفي محمدأ حقه من العقوبة التي يستحقها حتى لو سلقناه في قِدر طافحة بالأقذار، وألقينا عظامه النخرة للكلاب المسعورة لتعود كما كانت نفايات كلاب، لأنه أهاننا، وأرغم خيرة أبنائنا وأنصارنا على اعتناق بدعته الكاذبة (الإسلام) وقضى على أعز آمالنا في الوجود، ولهذا وجب عليكم أن تلعنوه في صلواتكم المباركة أيام السبت، وليكن مقره في جهنم وبئس المصير]. راجع (لماذا نرفض السلام مع اليهود) محسن عنبتاوي ط. المختار الإسلامي – القاهرة.
رابعاً: لا تزال “أم الرشراش” المصرية، وأرضنا الإسلامية تحت الاحتلال بل الاغتصاب الصهيوني تحت اسم “إيلات”، فلم تتحرر سيناء كاملة بعد… مع لفت نظر كاتب أنشودة (سيناء رجعت تاني لينا)، ولمنشدتها..
خامساً: الحل مع اليهود دائماً إسلامي، فالصراع مع اليهود ديني وليس سياسياً، واليهود ومنذ قيام كيانهم الغاصب – المنحرف عن التاريخ والواقع – وهم يحاولون إبعاد الصفة الدينية الإسلامية عن الصراع، رغم أنهم سموا كيانهم “إسرائيل” (عبد الله)، وهو اسم سيدنا يعقوب – عليه السلام، ووضعوا نجمة في علمهم باسم “نجمة داود”!
ولقد ظهر إبعاد “الإخوان المسلمون” عن ساحة فلسطين بعد حرب 1948م ثم اغتيال الإمام حسن البنا في 11 فبراير ليلة 12 فبراير 1949م كمؤشر واضح على محاولة إبعاد الصفة الدينية الإسلامية عن مجريات الصراع الإسلامي اليهودي في فلسطين.
قال الإمام البنا – رحمه الله: “ستقوم إسرائيل، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام كما أبطل ما قبلها“.
سادساً: طبائع اليهود:
إن السلام بمضمونه وحقيقته لا يمكن أن يتحقق مع قوم علم خالقهم خبايا نفوسهم (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) سورة الملك، الآية 14.
وهاكم عناوين وأخبار عن طبائعهم وأخلاقهم:
1- قتلة الأنبياء (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ). سورة المائدة، الآية 70.
2- ينقضون العهود (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ). سورة البقرة، الآية 100.
3- يحرفون كلام الله، فما بالنا بكل كلام آخر؟ (يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). سورة البقرة، الآية 75. (لْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). سورة آل عمران، الآية 78.
4- التمرد على الله (وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا). سورة النساء، الآية 46.
5- قلوبهم قاسية (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً). سورة البقرة، من الآية 74.
6- هم المرابون في العالم، ويأكلون أموال الناس بالباطل (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ). سورة النساء، الآية 161.
7- يمارسون المنكرات ولا يتناهون عنها (لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ) سورة المائدة، الآية 79.
8- لا اعتبار عندهم للشعوب الأخرى (قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ). سورة آل عمران، الآية 75.
تاريخنا:
نحب التأريخ لهذا اليوم بالتقويم الإسلامي “الهجري” العاشر من رمضان 1393هـ، ولقد توافقت معه عدة تأريخات ما بين روماني “ميلادي”، وقبطي “مصري”، وعبري “يهودي”، و”فارسي”، وغير ذلك…
إن حبنا لتأريخنا شعيرة من شعائرنا (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ). سورة الحج، الآية 32. فشعائرنا شرعت في أجزاء من شهورنا الهجرية، وشهورنا الهجرية صنعة ربنا (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) سورة التوبة، من الآية 36. وليست الأشهر الحرم إلا صنعة الله يوم خلق السماوات والأرض، ليست أشهرنا الحرم إلا في تاريخنا الهجري الإسلامي.
فضلا عن كون التأريخ الميلادي غير متفق عليه بين مذاهب النصارى، وأيضا حدث في ضبطه خلل كبير… وليست هنا مناقشة ذلك.
إن يوم العاشر من رمضان 1393هـ – السادس من أكتوبر 1973م – يوم لمصر، وللعرب، وللمسلمين، إنه يوم من أيام الله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) سورة إبراهيم، الآية 5.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...