كارثة تهدد الوطن.. مصري يتنازل عن الجنسية يوميا!

دفعت الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الشعب المصري، عددا من المواطنين إلى التنازل عن الجنسية، وأصبح التنازل عن الجنسية المصرية والدعوة إلى الهجرة الجماعية ظواهر تطل برأسها فى زمن الانقلاب العسكري.

أبواق الانقلاب الإعلامية طالعتنا بتصديق اللواء محمود توفيق وزير داخلية الانقلاب على قرارين بسحب الجنسية المصرية من 21 مواطن بعد أسبوع واحد فقط من تنازل 44 مصرياً عن جنسيتهم، لرغبتهم في التجنس بجنسية دول أخرى.

القرار الذي نشرته جريدة “الوقائع المصرية” اليوم الأربعاء، في عددها رقم 286، الصادر في 19 ديسمبر 2018، قرار وزارة الداخلية رقم 1779 لسنة 2018، بشأن الأذن لـ21 مواطنًا بالتجنس بالجنسية الأجنبية مع عدم احتفاظهم بالجنسية المصرية، الأمر الذى فتح المجال للتساؤل عن الأسباب التي تدفع وزارة الداخلية لسحب الجنسية من هؤلاء المواطنين، وهل الدافع وراء ذلك منع قوانين تلك الدول التي حصلوا على جنسياتها تجنسهم بجنسية أخرى، أم أن السبب وراء ذلك دوافع أخرى.

ارتفاع أعداد المتنازلين عن الجنسية

اللافت أن إحصاءات المتنازلين عن الجنسية بشكل نهائي ودون الاحتفاظ بالجنسية المصرية آخذة في الصعود، حيث تنازل 1750 مواطنا عن جنسيتهم المصرية خلال تسعة أشهر فقط عام 2016، بمعدل عشرين مواطن شهريا، وأوضحت مصلحة الجوازات أن هناك ما يقرب من 800 شاب مصري تنازلوا عن جنسيتهم المصرية خلال ‏9‏ أشهر منهم ‏90‏ شابًا من مدينة الأقصر خلال 2017، وفى عام 2018 بلغ عدد المتنازل عن جنسيته قرابة الـ500 مواطن مصرى.

ووفقًا لأحدث الإحصاءات هناك على الأقل 30 شابًا مصريًا يتقدمون بطلب التنازل عن جنسيتهم شهريًا، وأكثرهم من الراغبين في الحصول على جنسية الدول التي تشترط أنه لا ولاء إلا لدولة واحدة، فيبيع جنسيته المصرية من أجل الحصول على غيرها.

حياة آدمية

أحد الشباب يدعى “و. السعيد” تحدث حول إمكانية التنازل عن الجنسية فقال: “آه ممكن أتنازل في سبيل مكان هاعيش فيه حياة آدمية”، مشيرا إلى سوء الأوضاع المعيشية في المجتمع المصري وسيادة عنصر المادة فيه واضاف: “مش هتعرف تخلص أمورك غير بالفلوس”.

وتابع: “في دول كتير بتدي مواطنيها امتيازات كتير أوي كونهم منها، وبيربوا الانتماء جواهم وبيعززوا عندهم فكرة الوطن وإنهم مختلفين”.

وأضافت مواطنة أخرى تدعى” د.الرفاعي: “آه أتنازل دون تردد”، مشيرة إلى سوء أحوال الشباب فى مصر.وأضافت أن الدولة لا تهتم بأحوال الشباب الذين يمثلون ثروتها الحقيقية، مشيرة إلى أن معظم الأشخاص الناجحين يعيشون بالخارج.

غياب الانتماء

ويشير الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية إن من حق أي مواطن الهجرة طبقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولكن هناك عوامل جذب وعوامل طرد هي التي تدفع المواطنين للتنازل عن جنسيتهم. لافتا إلى أن هناك أسبابا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تقف وراء التنازل عن الجنسية، وأن أغلب المتنازلين عن الجنسية ينتمون لجنسيات أخرى، ويتلقون معاملة حسنة ويشهدون احتراما لحقوقهم”.

وأضاف أن غياب الانتماء من أبرز عوامل التنازل عن الجنسية، مبررا ذلك بأنه لا يمكن أن أنتمي لكيان لا يحترم حقوقي وحرياتي، قائلا: “المعاملة لا بد أن تكون متبادلة”. موضحا أن الانتماء للوطن لا بد أن يقابله معاملة بقدر هذا الانتماء، وأنه يجب التخلي عن مفاهيم الانتماء التي تم ترسيخها في الخمسينيات وضرورة مواكبة العصر بمفاهيمه.

وتساءل عن كيفية أن ينتمي المواطن لبلد توفي به المئات إثر حوادث خلال السنوات الخمس الأخسرة ومن قبلها كوارث مثل “عبارة السلام وحريق مسرح بني سويف” دون معاقبة الجناة؟

مش عارف أعيش

كان برنامج “من الآخر” عبر “تلفزيون وطن” قد نشر تقريرًا حول طلب مصرى من ذوى الاحتياجات الخاصة إسقاط جنسيته المصرية. حيث طلب مواطن من ذوي الإعاقة، يدعى سمير عبد الهادي، من مجلس الدولة، التنازل عن جنسيته المصرية.

وقال” عبد الهادى”: “عايز أعيش في أي دولة تانية بكرامة وعدل”، وأوضح أن عمره 27 عاما، وحاصل على شهادة عليا من محافظة اﻹسكندرية، مضيفًا “أنا مش لاقي أي اهتمام من الدولة ومبشتغلش، ومعاشي 320 جنيه يعملولي ايه؟”.

وأضاف أنه قام بتفويض محام لرفع قضية بمجلس الدولة ﻹسقاط الجنسية المصرية عنه، قائلا: “هروح أي بلد أعيش فيها بكرامة”.وأضاف الشاب: “أنا جربت كتير أقدم على شغل بس بدون نتيجة ومش عارف أعيش”.

فى حين أوضح محمد أبوذكري، أحد المحامين بمركز المناضل للقانون، أن “سمير عبد الهادي أرسل إنذارا لوزير الداخلية ينذره بحقه في التنازل عن الجنسية، وأنه على استعداد لتسليم جواز السفر الخاص به”، مشيرًا إلى أنه وجد “أن حاله دون الجنسية المصرية كما هو الحال بها”.

جحيم السجون

وطبقا للقانون لجأ العديد من المواطنين للتنازل عن الجنسية المصرية للتخلص من ظلم نظام “السيسي”، أبرزهم “محمد صلاح الدين سلطان”، المتهم في قضية غرفة عمليات رابعة والذي يحمل الجنسية الأمريكية، وأيضًا “محمد فهمي” الذي يحمل الجنسية الكندية، وكذلك الطالب “مصطفى قاسم:؛ المُتهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ”فضّ اعتصام رابعة”.

من جانبها اعتبرت د. نيرمين عبد السلام -أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة- أن تنازل المواطنين المصريين عن جنسيتهم وحصولهم على جنسيات أخرى السنوات الماضية فضلاً عن دعوات الهجرة الجماعية يمثل مؤشرا شديد الخطورة عن حجم ما أصاب المجتمع من إحباط نتيجة الانقلاب العسكري.

وأكدت نرمين –في تصريح لـ”الحرية والعدالة”- أنه بالرغم من سيطرة مشاعر الإحباط على بعض الأفراد داخل المجتمع والتي زادت حدتها بعد الانقلاب العسكري نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والصحية والاقتصادية إلا أن هناك في المقابل العديد من الشباب والمواطنين لم يتسلل الإحباط إليهم بالرغم من أنهم يعيشون نفس هذه الظروف، بل نجدهم يواجهون بكل ألوان القمع والتنكيل وعلى الرغم من ذلك لم يحبطوا أو ييأسوا بل يؤكدون دائما على استكمالهم مسيرتهم في النضال من أجل الوطن دون أن يفقدوا إيمانهم بالثورة ويصرون على استكمال أهدافها على الرغم من التحديات الجسيمة التي تواجههم، معتبرة أن هؤلاء الأفراد يمثلون في حد ذاتهم بارقة أمل لكل المصريين وحائط صد أمام كل محاولات الانقلابيين في تصدير اليأس.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...