إعلان إثيوبيا تأجيل افتتاح “سد النهضة”.. مناورة جديدة وتحذيرات من السيناريو الأسوأ

على الرغم من إعلان الحكومة الأثيوبية الأسبوع الماضي تأجيل استكمال سد النهضة لمدة “4” سنوات واستكماله في منتصف 2022م، بدعوى وجود مشاكل فنية، إلا أن وكالة “بلومبرغ” الأمريكية يبدو أنها تشكك في هذا الإعلان محذرة من السيناريو الأسوأ بقيام أديس أبابا بالبدء فجأة في ملء خزان السد خلال العام المقبل 2019م.

وقبل أيام، أعلنت إثيوبيا أن الانتهاء من بناء مشروع سد النهضة الذي يقام على نهر النيل، سيكون في عام 2022. وأطلقت إثيوبيا في شهر أبريل 2011 مشروع “سد النهضة”، والذي كان من المتوقع أن يتم الانتهاء من تشييده في العام 2017، وأفادت وكالة الأنباء الإثيوبية نقلاً عن مدير المشروع كيفلي هورو، بأن تأخر البناء جاء بسبب تغييرات في التصميم، ما أدى إلى تأخير الأعمال الكهروميكانيكية.

وأشارت في السياق إلى أن اكتمال البناء سيحتاج إلى أربع سنوات إضافية، كما صرح مدير المشروع بأن التأخير في العمل الكهرمائي قد أثر أيضا على الوقت الذي بدأ فيه عمل الجيل المبكر، متابعا بالقول “سوف تبدأ بعد عامين”، وقد استهلك السد الذي يجري بناؤه في منطقة بينيشانغول – غوموز بإثيوبيا، على بعد حوالي 15 كيلومترا إلى الشرق من الحدود مع السودان، حتى الآن نحو 98 مليار بر إثيوبي (3 مليارات يورو).

بحسب مصادر دبلوماسية بحكومة الانقلاب فإن ثمة ارتياحا يسود الأجواء المصرية في الوقت الراهن بشأن عمليات بناء السد، وسط تقارير معلوماتية (استخبارية) تؤكد وجود مشاكل فنية حقيقية في عمليات الإنشاء، قد تعطّل استكمال البناء في الفترة القصيرة المقبلة، وهو ما يعني أن القاهرة سيكون بمقدورها استغلال ذلك الوقت لتحسين ظروف وشروط المفاوضات القائمة.

وبحسب المصادر، فإن الخلافات الداخلية في إثيوبيا، والتي خيّمت بظلالها على ملف سد النهضة في أديس أبابا، أحيت الآمال بالنسبة للقاهرة بشأن إمكانية تحسين الشروط واستغلال تلك الخلافات، وما تسرّب على إثرها من معلومات متعلقة بعملية البناء وصل جزء منها إلى مصر، مؤكدة أن لدى القاهرة ملفا معلوماتيا يؤكد وجود أخطاء فنية جسيمة متعلقة بعمليات البناء التي كانت مشرفة عليها شركة المعادن والهندسة “ميتيك”، التابعة للجيش الإثيوبي، والتي اتخذ رئيس الوزراء آبي أحمد قرارا أخيرا بإبعادها عن المشروع.

وفي التاسع من يونيو الماضي عزل رئيس الوزراء الإثيوبي، قائد الجيش سامورا يونس، ورئيس أجهزة الاستخبارات جيتاتشو أسافا، في إطار ما سمّاه إصلاحات سياسية واقتصادية واسعة.

لكن ثمة تحذيرات تخشى من أن يكون الإعلان الإثيوبي مناورة جديدة وخدعة تخدر بها الجانب المصري ثم تفاجأ الجميع بإجراءات سريعة ومتلاحقة.

السيناريو الأسوأ

وكالة بلومبرغ الأمريكية كانت إحدى هذه الأصوات المحذرة؛ حيث ذكرت في تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني الخميس الماضي، أن افتتاح مشروع السد الإثيوبي البالغ كلفته 4.8 مليار دولار والذي طال تأجليه، أصبح من المتوقع أن يتم في أواخر 2019. وأشارت إلى أن تداعيات ملء السد في مجرى النيل على مصر قادت إلى مفاوضات مكثفة بين الجانبين خلال السنوات الماضية حول المدة التي ينبغي أن تستغرقها عملية الملء في ظل معدل محتمل يتراواح بين 3 و 15 عاما.

وبحسب الوكالة فإن هذه فترة قصيرة جدا، خاصة وأن مصر التي تعاني بالفعل من فقر المياه يمكن أن تفقد نحو 20% من إمدادات المياه.

وبحسب الوكالة فإن إثيوبيا متلهفة لبدء توليد الطاقة من السد لتوفير نفقات الاستثمار في المشروع.

كما أشارت إلى أن قادة مصريين ألمحوا في بعض الأوقات إلى إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري، ولكن حتى الآن لا تزال الأمور تسير في مسار دبلوماسي. واعتبرت الوكالة أن الأمر الأسوأ الذي قد تشهده هذه الأزمة هو أن تبدأ إثيوبيا في ملء السد بمعدل مرتفع بدون اتفاق، الأمر الذي يفجر ردا مصريا، إلا أنها وصفت معدل الخطر في هذه الأزمة أنه متوسط.

السيسي يستجدي المفاوضات

في السياق ذاته، تسعى حكومة الانقلاب، عبر الأجهزة المعنية بملف مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، في الوقت الراهن، للتوصل إلى اتفاقات ملزمة مع الجانب الإثيوبي، مستغلة في ذلك خلافات داخلية تعيشها أديس أبابا، في وقت تتزايد فيه مخاوف القاهرة بشأن تزايد نسب العجز المائي، بشكل بات يمثل تهديدا واضحا للأمن المائي المصري.

وفي هذا السياق، أكدت رئيسة قطاع التخطيط في وزارة الموارد المائية والري، إيمان سيد أحمد، أن مصر وصلت إلى نسبة 140 في المائة على مؤشر الإجهاد المائي. وأشارت في تصريحات إعلامية إلى أن قيم المؤشر المائي بـ100 فما فوق توضح أن الدولة تعاني من الإجهاد المائي ولديها شح، وتبذل قصارى جهدها لتوفير احتياجاتها المائية. وأوضحت أن الإجهاد المائي مؤشر من مؤشرات متابعة التنمية المستدامة، وهو خاص بتحديد كيفية إدارة كل دولة لمواردها المائية، ففي حالة إعادة استخدام المياه يزيد الإجهاد نتيجة أن كمية المياه محدودة ويتم تدويرها أكثر من مرة.

وكان وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، قد أكد أن مصر تقع حاليا في نطاق حالة الندرة المائية وفقا لمؤشر الندرة، الذي يتم حسابه من خلال قسمة إجمالي الموارد المائية المتجددة على إجمالي عدد السكان، ويبلغ نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة حوالى 600 متر مكعب سنويا.

تطوران مهمان

وثمة تطورات مهمان حدثا خلال الشهور القليلة الماضية: الأول يتعلق بتحسن مستوى العلاقات بين النظامين في مصر والسودان ما يتيح للقاهرة أن تجد دعما سودانيا لم يكن متوافرا من قبل، في محاولة للحصول على مكتسبات ربما سيكون من الصعب تحقيقها في فترة لاحقة.

وكانت إثيوبيا قد رفضت مطلع العام الحالي دعوة مصرية لتحكيم البنك الدولي في النزاع بشأن سد النهضة.

التطور الثاني هو إعلان إثيوبيا تأجيل استكمال بناء السد على خلفية وجود عقبات فنية في التصميم وهو ما يراه الدكتور خالد أبوزيد، خبير المياه الدولى، فرصة لإ إعادة النظر في تصميم السد، وطرح تصورات جديدة في حجمه؛ لأن السد بوضعه الحالي ومنسوبه الذي يبلغ 74 مليار متر مكعب يعطى فرصة لتداعيات خطيرة على مصر والسودان، لما له من تأثير تراكمى على التصرفات الواردة لمصر والسودان دولتَي المصب، وكذلك ارتفاع معدلات بخر المياه والتسرب في موقع بحيرة السد، وهو أمر لا بد أن يؤخذ في الاعتبار.

وكانت الحكومة الإثيوبية أعلنت عن عيوب فنية غير واضحة، في بيانها الصادر الجمعة الماضى، خاصة بتصميم التوربينات، وأخرى خاصة بفساد فى علمية البناء من قبَل الشركة التى تملكها الدولة، وهو ما تسبب فى توقيع غرامات من قبَل شركة ساليني الإيطالية، المنفذ والاستشاري للمشروع، وهناك أيضا معوق خاص بالتمويل، لكنه ليس معوقا كبيرا، فإثيوبيا تحصل على معونات للفقر توفر جزءا منها لتمويل سد النهضة، كما يقوم الإثيوبيون بتمويل السد عن طريق الاكتتاب العام بالسندات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...