عبدالله أمين: تأملات في الكون حول الظل (1)

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً(45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً (46)﴾ الفرقان.

  1. (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ) الشعاع الساقط من الشمس، يظل مستقيما حتى يدخل الغلاف الجوي للأرض؛ فيصطدم بالهواء واﻷشياء المعلقة مثل الغبار وبخار الماء، فينكسر معها وتخف حرارته، ويلقى اﻷجسام على سطح اﻷرض فيتكون ظلها الذي نراه.

  2. (وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً) يعني: لو أراد الله أن يغير حال الظل في طوله أو قصره، أو تغير اتجاهه لفعل، وهو على كل شيء قدير، لكن .. معنى سكون الظل، توقف حركة الشمس وسرعتها وتوقف حركة اﻷرض ودورانها، وتوقف حركة الكون كله من حول الإنسان.

  3. ( ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) بحركتها حين تشرق الشمس في الصباح فيمتد الظل جهة الغرب ويظل يقصر ويقصر حتى وقت الظهيرة والشمس في كبد السماء يختفى الظل أو يكاد، فإذا مالت جهة الغرب تحول الظل فَيْئًا إلى شرقيِّ الجسم ويظل يمتد ويطول حتى تغيب الشمس فيختفى تماما، دون أن نُحسَّ بذلك أدنى إحساس.

  4. ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً) وتلك هي ساعة الغروب يكون الظل معنا ثم يغيب دون أن نحس به،مع أن حركة اﻷرض ودورانها سريعة سريعة ، لكنه ينسحب خافتا هادئا، وهو فعل الله وحده سبحانه.

    وترجع أحوال الظل في طوله وقصره وتغيُّر اتجاهه إلى زاوية الشمس مع الجسم الذي يحدثه، ومن هنا وضع أهل العلم قانون الزوايا وأسماءها من قائمة وحادة ومنفرجة.

    وفي وقت اﻹسفار (قبل أن تشرق الشمس) يكون الظل كاملا ؛ فاﻷرض لم تستكمل دورتها، وما الضوء الموجود إﻻ من قرب ظهور الشمس، فإذا ظهرت وأرسلت أشعتها وَضُحَ لكل جسم على اﻷرض ظل يناسبه، وفي حالة الظل المتم بعد غروب الشمس يكون جوف الليل، وندرك تبعا لذلك أنه لوﻻ ضوء الشمس ما عرف ظل إطلاقا، ولكان الظلام دائما وﻻ ينتظم للناس حال. قال جل شأنه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)﴾ القصص.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ

بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن ...