شروط الصندوق وآلية مؤشر أسعار الوقود ترفع سعر لتر البنزين إلى 10 أم 19 جنيهًا؟

وفق اتفاق سلطة الانقلاب مع صندوق النقد الدولي- بعدما رهنت له “إرادة” مصر وأصبح هناك مندوب سامي للصندوق في وزارة المالية هو الذي يقود دفة الاقتصاد- هناك قرابة 9 شروط طلب الصندوق تنفيذها هذا العام 2019 للإفراج عن الدفعة الخامسة من قرض الـ12 مليار دولار، أبرزها إلغاء دعم الوقود بالكامل، وتطبيق آلية لتسعير المواد البترولية ترتبطها بالسعر العالمي الذي يصل حاليا (للبنزين) إلى 1.01 دولار، أي حوالي 19 جنيها للتر.

وبسبب خوف سلطة الانقلاب من وصول حالة الاحتقان والغضب لدى الشعب مبلغها، في ظل الغلاء الفاحش المستمر والقلق من تأثير مظاهرات فرنسا والسودان على مصر، لحد إرسال سلطة الانقلاب مساعدات عاجلة للخرطوم في صورة شحنات دقيق لوقف الاحتجاجات، لم تتفق سلطة الانقلاب مع الصندوق على تنفيذها هذه الإجراءات، وطلبت تخفيفها أو تأجيل بعضها من يونيو 2019 إلى آخر العام، ما دفع الصندوق إلى تأجيل تسليم 2 مليار دولار الذي كان مقررًا في ديسمبر 2018.

وجاء إعلان السيسي ومحافظ البنك المركزي عن حل مشكلة تأخير استلام الشريحة الخامسة من القرض، وتسلمه في يناير الجاري، ليؤكد خضوع الانقلاب لتعليمات الصندوق وقبوله بالمغامرة ورفع أسعار الوقود بصورة كاملة توافق الأسعار العالمية مع حرية التحرك في رفع أنواع البنزين على مراحل، مثل رفع سعر بنزين 95 في مارس 2019 ثم 92 في سبتمبر 2019 وإلغاء بنزين 80.

وتشمل الإجراءات التي يطالب بها الصندوق، زيادة أسعار الوقود للوصول بها إلى 100% من قيمة التكلفة، بحد أقصى في 15 يونيو المقبل، مع تطبيق “آلية مؤشر أسعار الوقود” لمعظم منتجات الوقود، بحيث تقوم هذه الآلية بتعديل أسعار الوقود وفقًا للتغيرات في أسعار النفط العالمية، وسعر الصرف، وحصة الوقود المستورد في الاستهلاك المحلي؛ بهدف حماية الميزانية من التغيرات غير المتوقعة في سعر الصرف وأسعار النفط العالمية، بعد إلغاء دعم الوقود.

كما تتضمن الإجراءات المتفق عليها أيضا بين الحكومة والصندوق، بحسب تقرير المراجعة الثالثة الصادر في يوليو الماضي، طرح ما لا يقل عن 4 شركات تابعة للحكومة للبيع في البورصة قبل 15 يونيو 2019، وإجراءات أخرى تتعلق بالموازنة والديون وفوائدها والشفافية ومحاربة الفساد وغيرها.

ماذا تعني “آلية مؤشر أسعار الوقود”؟

بحسب ورقة سياسات أصدرها قطاع العلاقات المالية بصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2012 بعنوان: «آليات تسعير الوقود التلقائية مع تسليس الأسعار.. التصميم، التطبيق، والآثار المالية”، تقترح الورقة آلية تسعير تلقائية لمنتجات الوقود في الدول النامية التي تعاني تقلبات أسعار الوقود (المستوردة لمنتجات النفط ومشتقاته) تقوم على عنصرين رئيسيين:

(أولا): التمرير pass through بحيث يمرر أثر التغير في الأسعار العالمية إلى السوق المحلية بصورة كاملة أو جزئية، و(ثانيا): السلاسة smoothing بحيث لا تكون الأسعار المحلية لمنتجات الوقود شديدة التقلب، ورهنا بتغيرات الأسعار اللحظية أو حتى اليومية في بورصات منتجات النفط ومشتقاته أي يتم رفع الأسعار بسلاسة دون تغيرات حادة.

وتقترح أن يكون “التمرير” كليا أو جزئيا يخضع لحسابات وتقديرات وأبعاد اقتصادية واجتماعية مختلفة، أما “التسليس” فيطبق بوضع حدود أو قيود سعرية Price bands، أو احتساب متوسط متحرك moving average كأن يبدأ السعر مثلا باحتساب متوسط متحرك لأسعار الاستيراد عن الأشهر الثلاثة الماضية، ثم تمضي سلسلة البيانات المحتسبة باستبعاد المشاهدة الأولى في الأسعار وإضافة مشاهدة جديدة يوميا، وهكذا بغرض المحافظة على استقرار الأسعار، وتجنب التقلبات السعرية العنيفة في الوقود.

المشكلة هنا أن صندوق النقد الدولي يشترط مقابل ذلك زيادة الإنفاق الحكومي على برامج الحماية الاجتماعية لامتصاص الآثار السلبية لارتفاع أسعار الوقود، واستثناء منتجات الوقود التي تستهلكها الفئات الأكثر احتياجا (مثل السولار) من أثر التمرير قدر المستطاع، على خلاف منتجات الجازولين التي يمكن أن يحتمل مستهلكوها هذا الأثر، وهو ما لا تنفذه سلطة الانقلاب ولا يشعر به المصريون.

الورقة أيضا تطلب أن يؤجل تطبيق الآلية التلقائية في تسعير الوقود لحين انخفاض معدلات التضخم، وتراجع الأسعار العالمية للوقود بصورة ملحوظة؛ حتى لا يكون أثر تمرير الأسعار إلى الأسواق المحلية عنيفا.

لذلك وفقًا لهذه الآلية المقترحة، يرى الصندوق أن الوقت مناسب جدًا الآن لتطبيقها لسببين: (الأول) انخفاض أسعار النفط عالميًّا بصورة غير عادية إلى 40 و47 دولارا، أي أقل من السعر الذي حددته الحكومة في الموازنة (67 دولارا)، و(الثاني) الانخفاض النسبي في التضخم رغم أنه لا يزال مرتفعًا.

أما المشكلة الأكبر والمعاناة التي سيعانيها الشعب لو طبقت هذه الآلية، فهي أن الانخفاض الحالي في أسعار النفط مؤقتة، وسوف يعود للارتفاع إلى 60 و70 و80 دولارًا، ما يعني أن ترفع سلطة الانقلاب أسعار الوقود بالتناسب مع هذه الزيادة، لتشتعل أسعار الوقود والمواصلات والنقل والغذاء وكافة السلع أضعاف السعر الحالي!.

اللتر بـ10 جنيهات أم 19؟

ولترجمة هذه الآلية السابقة عمليًّا نشير إلى أن المطلوب هو ربط سعر البنزين بالسعر العالمي مع مراعاة ظروف مصر، فالسعر العالمي مثلا للبنزين (وفق أسعار 31 ديسمبر 2018) بحسب آخر تقارير “جلوبال بترول برايسز”، يشير إلى بلوغ السعر المتوسط للبنزين عالميا 1.09 (الدولار الأمريكي) للتر أي حوالي 19 جنيهًا مصريًّا.

ولأن هناك فروقًا بين الدول، حيث الأسعار في الدول الغنية مرتفعة بالمقارنة مع الدول الفقيرة، وفي الدول المنتجة والمصدرة للبترول تكون الأسعار أقل منها بكثير، يسعى الصندوق بالتعاون مع سلطة الانقلاب على وضع سعر أعلى نسبيا، ولكن لا يعادل السعر العالمي للسوق بما لا يدفع الشعب للثورة، لهذا يتوقع أن ترفع سلطة الانقلاب سعر البنزين إلى 10 جنيهات للتر الواحد بدلا من السعر الحالي 6.75 جنيه، حيث زاد السعر العام الماضي 50% وهذه المرة سيكون الرفع ما بين 25 و35%، مع رفع سعر بنزين 95 للسعر الحر له الذي قد يبدأ بـ12 جنيها للتر.

وللتمهيد لهذا روّج السيسي ووزراؤه وإعلامه بأن سعر البنزين في دول العالم يتراوح بين 19 و29 جنيها للتر، ما يشير إلى التمهيد للرفع إلى 10 جنيهات على الأقل للتر أو أكثر.

ويروج الانقلاب بأن مصر من أكثر الدول رخصًا في أسعار البنزين وهي أكاذيب، إذ أن أسعار البنزين في السودان هي الأقل والثانية على مستوى العالم، إذ يبلغ سعر اللتر الواحد 0.13 دولارا أمريكيا، وبحسب الأقل سعرا أيضا بالنسبة للدول العربية، تأتي الكويت في المركز الثاني (الرابعة عالميا) بسعر (0.34 دولار/للتر)، تليها الجزائر (الخامسة عالميا) بسعر (0.35 د/ل)، ثم مصر (التاسعة عالميا) بسعر (0.43 د/ل).

أما الأعلى سعرا، فيأتي اليمن بسعر (1.58 د/ل)، ثم الأردن بسعر (1.49 د/ل)، ثم المغرب بسعر (1.20 د/ل)، تليها لبنان بسعر (0.90 د/ل).

وتعود فروق أسعار البنزين في الدول المختلفة إلى الدعم الحكومي للبنزين وحجم الضرائب، حيث تشتري جميع الدول في العالم النفط بذات الأسعار ولكنها فيما بعد تفرض ضرائب مختلفة، مما يؤدي إلى اختلاف أسعار التجزئة للبنزين وهذه الضرائب هي الأعلى في مصر.

مسلسل توقع ما سيحدث من الآن حتى منتصف يونيو 2019 بعدما أصر عليه صندوق النقد الدولي يتضمن:

  • رفع الدعم بالكامل عن كل أنواع الوقود: حيث يريد الصندوق تسريع برنامج الرفع الكامل لدعم أسعار الكهرباء والوقود والمحروقات مقابل موافقته على الطلب المصري بتسلم الشريحة الخامسة من القرض.
  • إلغاء شرائح استهلاك الكهرباء وتحرير سعر الكهرباء بالكامل.
  • زيادة متوقعة في أسعار كل شيء وأي شيء بعد رفع أسعار الوقود والكهرباء يتوقعها خبراء الاقتصاد.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...