في ذكرى “التنحي”.. كيف كان الإعلام ماكينة تهديف الانقلاب ضد الثورة؟

مع ذكرى تنحي مبارك، التي توافق اليوم 11 فبراير، كتب الكاتب الصحفي وائل قنديل: “كلاب السكك ليست مؤهلة للكلام عن مستقبل وطن.. هي فقط تتنقل من دار إلى دار حسب اتجاه رائحة الشواء”، فيما غرد علاء، نجل الرئيس المخلوع بتغريدة متضمنة فيديو لإعلامي الانقلاب عمرو أديب، يقارن من خلالها بموقف أديب قبل ثورة يناير، حينما كان يدعو لمبارك ويعتبره نبي آخر الزمان، ويرحب بخلافة جمال مبارك لوالده قبل الثورة، ثم انقلابه عليه بعد الصورة، ثم الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين وحقهم الدستوري في الوصول للحكم، ثم الانقلاب على الثورة، وتأييد الانقلاب والتحريض على الدماء ضد المعتصمين في ميدان رابعة، ثم العمل باليومية في حظيرة الانقلاب.

وبالتزامن مع الذكرى الثامنة للتنحي تمر مصر بمرحلة حرجة، استخدم فيها نظام العسكر إعلامي الفضائيات المشبوهة والتي تعمل بأوامر المخابرات الحربية، في التحريض على الدماء تارة، وفي التآمر ضد ثورة يناير تارة أخرى، وفي تشويه سمعة الثوار وجماعة الإخوان المسلمين تارة، وفي ابتزاز رموز العمل السياسي من العلمانيين واليسارين بفيدوهات جنسية تارة أخرى.

الإعلام أداة الانقلاب

عمل نظام العسكر منذ نجاح الثورة المصرية في 11 فبراير 2011، وخلال ثمان سنوات، على استغلال كل أدوات الإعلام من فضائيات وصحف مواقع وكتائب “فيس بوك”، للانقلاب على الثورة وضربها في مقتل، حتى إن السيسي كشف في رده على الضابط الذي سأله، في اجتماع شهير للجيش، عن إنشاء ماكينة إعلامية تابعة للجيش لخدمة أهدافه، فأجابه السيسي بأن الجيش والشئون المعنوية تعمل ذلك بالفعل، وأنشأت ماكينة ضخمة للسيطرة على الإعلام، وابتلاع الدولة.

واستغل نظام السيسي أكثر من 125 قناة خاصة لرجال أعمال الدولة العميقة، بخلاف المحطات الحكومية، وحوالي 1200 مطبوعة شهرياً وأسبوعياً ويومياً في التحضير للانقلاب العسكري، من خلال التمويلات التي كانت تأتي من دولة الإمارات والسعودية وغيرها.

فكانت الفضائيات في الوقت الذي شهدت فيه البلاد أحداثا ثورية بدءا من موقعة الجمل ثم أحداث ماسبير ثم محمد محمود ثم مجلس الوزراء ثم مذبحة بورسعيد ثم مذبحة المنصة والحرس الجمهوري وفض رابعة، كانت هذه الفضائيات تستعر ضد الثورة، والشهداء يتساقطون، استطاع إعلام العسكر صناعة الكذب وتزييف الواقع.

كيف صنعوا الكذب؟

بدأ مخطط «الإعلام الأسود»، وصناعة الكذب والتلاعب بالعقول والذي تمثل الحالة الإعلامية في مصر الآن نموذجاً فجاً عليه، وتراكم التضليل ليتحول إلى «تسميم سياسي» يفسد مدركات الناس بإشغالهم بمسائل ثانوية غير مهمة أو أقل أهمية.

وتم تغييب وعي العديد من أبناء الشعب المصري عبر وسائل إعلام لا تراعي ديناً ولا عُرفاً ولا قانوناً ولا قيماً، وحملات تشويه منظمة من طرف ضد آخر، واستغلال سلطة الانقلاب قدرات الدولة في تضليل الرأي العام وتعبئته ضد التيار الإسلامي.

وكانت صناعة الكذب تمارَس عبر الصحف المطبوعة والراديو والتلفزيون الحكومي، ولكنها سرعان ما توسعت عقب انتشار وسائل الإعلام الحديثة وتكنولوجيا الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

إعلام العصفورة

ومن أشهر وسائل “إعلام العصفورة” في شغل المصريين والتلاعب بهم زعم محاولة اغتيال عببد الفتاح السيسي، وادعاء الشيخ “ميزو” أنه المهدي المنتظر، وقضية أهالي النوبة؛ وعشرات القضايا الجنسية التي تم ترويجها، بخلاف أزمات كرة القدم لغسل أدمغة المصريين عن أزماتهم الحقيقية والانقلاب على الثورة.

يأتي ذلك فيما تعيش مصر أزمات اقتصادية متتالية، من ارتفاع بأسعار السلع والخدمات، وتغول الدولار، وعجز حكومة الانقلاب عن توفير السلع الأساسية والأدوية بأسعار تناسب المصريين، رغم ما اتخذته من خطوات بتعويم الجنيه، وتخفيض الدعم، ورفع أسعار الوقود.

ويرى الكاتب الصحفي قطب العربي أن “الأنظمة العسكرية الديكتاتورية كلما تصاعد الغضب الشعبي ضدها، وكلما مرت بأزمات لا تجد لها حلا، فإنها تعمد إلى سياسة إلهاء الشعب؛ لتصرفه عن قضايا رئيسية من غلاء وبطالة وفقر”، مشيرا إلى أن “الانقلاب يستثمر أحداثا فعلية، ويصطنع أحداثا ويضخمها عبر أذرعه الإعلامية لتصبح حديث الناس”.

وأضاف العربي في تصريحات صحفية سابقة، أن سماح الانقلاب لبعض الأراجوزات ليصطنعوا أحداثا وهمية لتفرغ شحنات الغضب بعيدا عن السلطة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...