نادي القضاة يلغي اجتماع بحث التعديلات الدستورية وزيادة الرواتب بتهديد من جهات سيادية

في الوقت الذي كان يُحضّر فيه عشرات القضاة، بعد استشارة أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء، لعقد اجتماع من أجل الرد على رفض سلطات الانقلاب، ممثلة في وزير المالية، لإقرار زيادة الرواتب والبدلات التي طالب بها القضاة، علمت “الحرية والعدالة” من مصادر قضائية فضلت عدم الكشف عن اسمها، أن ضابطًا من جهة سيادية اتصل تليفونيا برئيس نادي القضاة المستشار محمد عبد المحسن، وهدده بأنه سيتم إلقاء القبض على القضاة المشاركين في هذا الاجتماع حال تم انعقاده، وتوجيه اتهامات للقضاة بالانضمام لجماعات محظورة وإثارة الرأي العام وفضح مزايا ورشاوى وفساد القضاة.

وقالت المصادر القضائية المطلعة، التي شددت على عدم ذكر اسمها، إن المتصل التابع للجهة السيادية أبلغ رئيس نادي القضاة، المستشار محمد عبد المحسن، بألا يتم اللعب بالنار في هذا التوقيت بالتحديد؛ نظرًا لحساسية الوضع الذي تمر به البلاد من الإقبال على الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية المرتقبة، والتي من المفترض أن تشرف عليها الهيئات القضائية المختلفة.

وأكد المتصل لرئيس نادي القضاة، أن التصعيد في هذا التوقيت بالغ الحساسية، ويمثل خطرًا كبيرا على البلاد، مهددًا بأن تأجيج النيران داخل القضاء من شأنه أن يقابل بيد من حديد، حال استشعرت الدولة وجود أي خطر على مستقبلها السياسي من هذا التأجيج.

موقف قوي

كانت مصادر قضائية قد أكدت أن نادي القضاة سوف يجتمع، خلال الأسبوع المقبل، لمناقشة المواد الخاصة بالقضاء في التعديلات الدستورية، وبحث مشكلة زيادة رواتب القضاة والبدلات الخاصة بهم، بعد انهيار القيمة الشرائية للجنيه نتيجة التعويم، وتأثر رواتب القضاة بهذا التعويم، مثل ملايين الشعب المصري، في الوقت الذي تقتصر فيه زيادة الرواتب في الوقت الحالي على ضباط الجيش والشرطة.

ويثور جدل بين القضاة ما بين مطالبين باتخاذ موقف قوي ضد التعديلات الدستورية كإجراء مبدئي، وما بين توظيف الاعتراض على النصوص الخاصة بالقضاة رغبة في انتزاع مكاسب مالية، خصوصا الأربعة آلاف جنيه التي طالب بها مجلس القضاء الأعلى ورفض وزير المالية تمويلها، ما أثار حالة من الغضب الشديد من تردي الأوضاع المالية لجموع القضاة في ظل تعنت السلطة ضد مطالب القضاة.

وأضافت المصادر أن حالة الغضب بين فريق من القضاة مرجعها إعادة المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وجعل رئاسة الهيئات بيد رئيس السلطة التنفيذية، وتمكينه من تعيين القضاة، والتحكم بميزانيات القضاء، ما يهدر  نضالا طويلا من قبل القضاة لإلغاء هذا المجلس الذي تم إنشاؤه بعد مذبحة القضاء عام 1969، ونضال القضاة حتى العام  2005 لإلغائه، كما يؤثر على نظرة المجتمع لهم كسلطة عدالة.

نادي القضاة

في حين كشفت المصادر عن أن الفريق الآخر الغاضب عزا غضبه من السلطة التنفيذية لعدم استجابة السلطة التنفيذية لمطالبهم بتحسين أوضاعهم المادية، وعدم المساواة بين مختلف الهيئات القضائية في المخصصات المالية للقضاة.

وتلوح السلطة التنفيذية بالجزرة بمواجهة القضاة، عبر الوعد برفع مكافأة الإشراف على الاستفتاء وانتخابات مجلس الشيوخ المزمع إنشاؤه عقب إقرار الاستفتاء، تهدئة لغضبهم من عدم رفع رواتبهم.

يأتي هذا في الوقت الذي استبعدت فيه مصادر تبني نادي القضاة موقفا ضد التعديلات الدستورية، موضحة أن النادي في ظل هذه الأوضاع أضعف من تبني موقف قوي أو رافض لهذه التعديلات، خاصة أنه فشل فشلا ذريعا في اختبار تعديلات قانون السلطة القضائية قبل أكثر من عام، وفشل حتى في عقد جمعية عمومية للقضاة.

وألغى نادي القضاة اجتماع غد الجمعة، وأصدر بيانًا قال فيه إنه سيتم تحديد الميعاد لاحقا بعد التشاور مع شيوخ القضاة ومجلس القضاء الأعلى.

زيادة الرواتب

كان وزير المالية في حكومة الانقلاب، الدكتور محمد معيط، قد رفض مطالب المجلس الأعلى للقضاء برئاسة المستشار مجدي أبو العلا، الخاصة بزيادة رواتب القضاة، حيث طالب المجلس الأعلى للقضاء بزيادة قدرها 4200 جنيه، في ظل الأزمة المالية التي يعيشها القضاة مثل كافة فئات الشعب المصري المختلفة، بعد انهيار قيمة الجنيه، وتدني مستوى المعيشة.

ووصل الانهيار الاقتصادي إلى أن القضاة في عهد الانقلاب العسكري ولأول مرة يشتكون من الفقر، في بيان رسمي صدر من نادى القضاة، نتيجة “الفقر والمعيشة السيئة التي يعيشها غالبية القضاة؛ بسبب غلاء الأسعار وتدنى الأجور، وعدم المساواة بين أبناء المهنة الواحدة”، على حد قول البيان. وأرسل رئيس نادى القضاة، المستشار محمد عبد المحسن، رسالة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، يلتمس فيها “رفع المعاناة عن القضاة، فيما يتعرضون له في الآونة الأخيرة بسبب الغلاء”!.

وقال رئيس نادي القضاة في رسالته، إنه “يلتمس رفع المعاناة عن كاهل القضاة بسبب الغلاء وما انتقص من حقوقهم من فروق الترقيات والعلاوات، وشعورهم بعدم المساواة مع بعض الهيئات القضائية الأخرى”.

قرار جمهوري

وفي رد مالية الانقلاب على بيان القضاة، قال وزير المالية الانقلابي محمد معيط، في رسالة وجهها للمستشار مجدي أبو العلا، رئيس مجلس القضاء الأعلى، إن وزارته لن تقوم بدعم أو تمويل أو تجبير أي مبالغ إضافية يترتب عليها زيادة في رواتب القضاة والميزات المالية الممنوحة لهم، أو تعديل نظم صرف المزايا المالية القادمة؛ حفاظًا على المستهدفات المالية للبرنامج المالي للحكومة التي التزمت بها أمام مجلس نواب السيسي.

وأضاف معيط أن موقفه هذا يستند إلى توجيهات قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، بعدم تطبيق زيادات في رواتب العاملين بأي من الجهات إلا بعد العرض عليه وصدور قرار جمهوري بذلك، في الوقت الذي رأى مراقبون بالشأن القضائي أن رفض معيط تمويل أي زيادات في رواتب القضاة يأتي في سياق رغبة حكومية لإذلال وإهانة القضاة، والذي ظهر بقوة في تسويف إقرار الحركة القضائية الماضية، وتعطيل تعيين ما يقرب من 700 معاون نيابة، بشكل أثار استياء عموم القضاة.

وكانت الرسالة التي أصدرها القضاة عبر بيان صادر عن النادي، قد أكدت أن “الغلاء يتزامن مع ما استشرى أخيرًا من شعور بعض القضاة بعدم المساواة داخل السلطة القضائية ذاتها، الأمر الذي يؤشر على بوادر أزمة واستياء وفتنة داخلية تهدد وحدة القضاء وحسن سير العدالة”.

وطالب المجلس بـ«تحقيق المساواة الإيجابية بين الجميع، وهو ما لا يتأتى بالنسبة للقضاة في ظل نظام قضائي يحتاج إلى الإصلاح؛ إلا عن طريق عقد جلسات مسائية كعمل إضافي؛ تحقيقًا للعدالة الناجزة المنشودة، والمساواة الإيجابية المبتغاة، ومضاعفة الفترات المسائية بالنسبة لأعضاء النيابة العامة، أو بالآلية الأفضل التي يراها إقرار التسوية».

بل طالب المستشار محمد عبد المحسن بدعم القضاة بإعانة عاجلة للضرورة القصوى، لحين اجتماع مجلس القضاة، إضافة إلى اتخاذ قرار حاسم بشأن فروق العلاوات، بما يضمن إعادة حقوق القضاء، استنادًا إلى مضمون فتوى الجمعية العامة للفتوى والتشريع بمجلس الدولة، والتي انتهت إلى عدم انطباق قوانين الموازنة العامة للدولة، وقانون الخدمة المدنية على الفئات المستثناة ومنها السلطة القضائية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...