فلانتين الطغاة.. ماذا يعني اللون الأحمر عند السيسي؟

تزينت واجهات محال بيع الهدايا والإكسسوارات والورود في مصر؛ لاستقبال المواطنين الراغبين في شراء هدايا ما يسمى بعيد الحب “الفلانتين”، إذ يقبل الشباب والفتيات والأزواج على شراء الهدايا ذات اللون الأحمر؛ تعبيرًا عن مشاعر الحب واحتفالًا بتلك المناسبة، إلا أن الفلانتين يتشابه- وفي نفس الوقت يختلف جذريًا- في مفهومه عند الطغاة، ووجه الشبه فقط هو اللون الأحمر لون الدم.

مثل الثيران الحمراء التي يثيرها اللون الأحمر القاني، يقف الطغاة العرب في الصف، لا يحملون في قلوبهم إلا الغل والحقد على شعوب منكوبة بوجودهم في سدة الحكم، إما انقلابًا كما هو الحال في مصر، وإما ميراثًا كما يرث الأبناء العقارات والمنقولات التي خلفها لهم الآباء، مثلما يحدث في السعودية وباقي ممالك العرب.

احتقار وازدراء

وينتج عن عشق كراسي الحكم لدى الطغاة العرب متلازمة الغطرسة، وهو مرض شائع لدى الحكام، خاصة العرب، وينتج بسبب الاستمرار في الحكم لفترت طويلة بعد تعديلات دستورية تؤدي إلى التوحد مع المنصب، ومن أعراض المرض الاهتمام المبالغ بصورته وطريقة كلامه، والتعامل على أنه مبعوث العناية الإلهية، وتوحد الذات مع الوطن، بالإضافة إلى الاستعمال المفرط لكلمة نحن عند الحديث عن نفسه، والثقة المبالغ فيها بالذات، واحتقار وازدراء آراء الآخرين، واعتبار أن حق مساءلته هو من اختصاص الله أو التاريخ وليس من حق الشعب، مع الاعتقاد الراسخ ببراءته أمام الله والتاريخ.

ويرى مراقبون أن السفيه السيسي وبدون الحاجة للطب النفسي، يشبه إلى حد بعيد القذافي، خصوصًا في فترة الثورة الليبية وخطاباته التي أثارت السخرية، ويحلل علم النفس شخصية السفيه السيسي بأنه مصاب بالنرجسية، فهو يعتقد أنه الوحيد صاحب الرؤية الصائبة في العالم، وأنه الوحيد القادر على أن يحكم العالم وليس مصر فقط، وسجّل السفيه السيسي تصريحا عن نفسه بأنه طبيب، وبأن زعماء العالم وكبار فلاسفته قالوا للناس اسمعوا كلامه لأنه يعرف الحقيقة ويراها.

وجاء تصريح السفيه السيسي الغريب هذا، خلال لقاء سابق بالجالية المصرية في ألمانيا، حيث قال: “ربنا خلقني طبيب أوصف الحالة، هو خلقني كده، أبقى عارف الحقيقة وأشوفها، ودي نعمة من ربنا، اسمعوها مني، وزعماء كل الدنيا.. خبراء المخابرات والسياسيين والإعلاميين، وكبار الفلاسفة، لو حبيتوا قالوا للناس اسمعوا كلام الراجل ده”.

وهو نفس المرض النفسي الذي قيل إنه يعاني منه ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، ونظيره الإماراتي المختل عقليا محمد بن زايد، وهو ”النرجسية”، ووفقا لمتخصصين في علم النفس فإن أعراض المرض لدى هؤلاء الطغاة تتمثل في السادية، أي حب التعذيب والسيطرة والتحكم وإذلال الآخر.

تعاطي الكوكايين

ويتفوق الشرق الأوسط في الرؤساء الذين يعانون من المرض النفسي، وبعض هؤلاء الطغاة يصاب سرا بالاكتئاب المزمن، جراء جرائم القتل التي يقوم بها والإعدامات التي يوافق عليها، ثم اضطراب الهوس الاكتئابي ثنائي القطب، ويتجه الطغاة جراء دمويتهم إلى إدمان الخمر وتعاطي الكوكايين في فترة من حياتهم.

وتطول قائمة التاريخ بقادة وحكام “ديكتاتوريين” أشعلوا الحروب وقتلوا شعوبًا، على رأسهم أدولف هتلر، حيث توصل المحلل النفسي ”والتر لانجلر” إلى أن ”هتلر” كان ”سيكوباتيا عصبيا” وزادت عصبيته كلما تعرضت ألمانيا لهزائم متلاحقة، ومع كل هزيمة كان يفقد ثقته بنفسه.

وينضم للقائمة جوزيف ستالين، فقد وصفه الأطباء بأنه يعاني من مرض نفسي، وهو الذهان الهذياني، أعراضه الوسوسة والشك، فكان ستالين يعيش هاجس وجود معارضين يتربصون بنظامه، وكان يصدر قرارات فردية بإعدام الملايين لمجرد الشك والتخمين، ويقال إنه في ليلة واحدة في الثامن من ديسمبر 1938، وقع قائمة بإعدام ثلاثين ألف رجل، ثم قام لمشاهدة فيلم ”الرجال السعداء”!.

وأعدم ستالين مليون شخص بين أعوام 1935 و1938، وأيضا بين أعوام 1945 و1950، ويقال إنه اعدم طوال حياته نحو خمسين مليون شخص، بالإضافة إلى أنه تسبب في تهجير عشرات الملايين عن بلادهم، كما يعتقد عدد من المؤرخين أن الديكتاتور الايطالي موسوليني يأتي في مقدمة طابور الطغاة، وقد بدأت عدوانيته منذ الصغر عندما طعن زميل الدراسة بالسكين.

تعديل الدستور

وتحوّل الجري وراء الكراسي والبقاء فيها أطول وقت ممكن إلى فيروس، يسيطر على السواد الأعظم من الطغاة والديكتاتورين العرب، حيث إن شهوة الكرسي باتت تقليدا مشتركا بين عصابات العسكر وعائلات التوريث الملكية الخليجية، لدرجة أن ثقافة التداول على السلطة وتجديد الدماء باتت كفرًا بواحًا، أو رجسًا من عمل الشيطان في قاموس طغاة يرفعون شعار “جالسون في الحكم إلى أجل غير مسمى”.

وعند المعاينة نجد أن كرسي الرئاسة مشغول من العسكر منذ 67 سنة متتالية، بداية من أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر وحتى السفيه السيسي، الذي تقترب ولاية انقلابه الثانية على الانتهاء، إلى أن برلمان الدم اليوم وافق على التعديلات الدستورية التي تتيح للسفيه قمع الشعب المصري مدى الحياة.

ومهما كانت مبررات مؤيدي الانقلاب لتبرير بقاء السفيه السيسي متربعا على عرش مصر، إلا أن النقطة السوداء التي لا يمكن التغاضي عنها هو العملية الجراحية التي استهدفت دستور النوايا الحسنة العسكري، وتصويت نواب برلمان الدم على احتكار الجيش للسلطة والدستور، ومن ثمة تمهيد الطريق لأبناء السفيه السيسي بعد موته من أجل توارث الشعب كالأغنام.

وطالبت منظمات حقوقية محلية ودولية سلطات الانقلاب في مصر بالتوقف عن تنفيذ المزيد من أحكام الإعدام دون قيد أو شرط، وتعليق العمل بهذه العقوبة “لحين فتح حوار مجتمعي واسع حول تلك العقوبة وفق التزامات مصر الدولية”، ووثقت منظمات حقوقية دولية إصدار محاكم الانقلاب المدنية والعسكرية منذ العام 2013 وحتى نهاية العام 2018 المئات من أحكام الإعدام على المتهمين في القضايا الجنائية والسياسية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...