بعد مقتل 15 ضابطا ومجندا بسيناء.. العملية الشاملة تلفظ أنفاسها الأخيرة

تزايدت دلائل ومؤشرات فشل ما تسمى بالعملية الشاملة التي أطلقها الجيش في 09 فبراير 2018م، ضد من وصفهم بالإرهابيين؛ في إشارة إلى المسلحين من بدو سيناء، سواء كانوا عناصر في تنظيمات إرهابية مثل ولاية سيناء، أو مسلحين يثأرون من الجيش؛ لأنه هدم منازلهم وهجّرهم قسريًّا من بيوتهم وقتل كثيرًا من شبابهم، واعتقل الآلاف من أبنائهم، وكان آخرها صباح اليوم السبت 16 فبراير 2019م؛ حيث أعلن المتحدث العسكري عن مقتل ضابط و14 آخرين من درجات مختلفة ما بين مجندين وضباط الصف بعد هجوم شنه مسلحون على كمين للجيش في شمال سيناء.
وقال المتحدث العسكري للجيش على حسابه بـ”فيسبوك”: إن عناصر “إرهابيين” هاجموا إحدى الارتكازات الأمنية بشمال سيناء؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباك بين المهاجمين وعناصر الكمين؛ أسفر عن مقتل وإصابة 15 من قوات الجيش، بينهم ضابط، فيما قتل سبعة من المهاجمين.
ولفت المتحدث إلى أن الجيش يجري أعمال تمشيط وملاحقة للمهاجمين في منطقة الحدث.
وقالت مصادر طبية في مستشفى العريش العسكري، إنّ “ضابطًا برتبة نقيب يدعى عبد الرحمن علي قتل بهجوم على القوة العسكرية المتمركزة في كمين على طريق مطار العريش”.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أنّ “الهجوم أسفر أيضًا عن إصابة 14 ضابطًا ومجندًا آخرين بجروح متفاوتة وتم نقلهم للمستشفى لتلقي العلاج”.
وعقب الحادث مباشرة فضلت الأجهزة الأمنية شبكات الاتصال والإنترنت والكهرباء عن المنطقة لمنع الاتصالات ونقل المعلومات عن الهجوم. ويعتبر هذا الهجوم الأكثر دموية منذ بداية العام الجاري بعد هجوم كمين اللصافة، وسط سيناء، الذي وقع نهاية العام الماضي وأدى لخسائر فادحة في صفوف الجيش.
مؤشرات الفشل
على الصعيد العسكري يؤكد الخبير الاستراتيجي اللواء مجدي الأسيوطي أن أي عملية عسكرية قبل أن تبدأ يتم وضع خطة حرب لها، تشمل خرائطها والجدول الزمني والإحلال والتجديد والدعم والتكلفة، وقبل ذلك تحديد أهدافها، وهي الأمور التي لم تكن واضحة ومازالت غامضة بعملية سيناء التي بدأت قبل عام.
ويفسر حالة التكتم على أهداف العملية والنتائج التي تحققت حتى الآن، بأنها تثير الشكوك حول النجاح الذي تحقق على أرض الواقع، لأن ما يتم الإعلان عنه من تصفية العشرات ممن تقول عنهم القوات المسلحة إنهم إرهابيون أو من أنصار تنظيم الدولة، وتدمير أوكارهم وسياراتهم، لا يعد نجاحا إذا ما تم مقارنته بعدد القوات المشاركة بالعملية، والأسلحة التي تم استخدامها، والتنسيق الأمني والعسكري الذي أجري مع إسرائيل.
وتسببت العملية الشاملة في إثارة الشكوك الكبيرة حول كفاءة الجيش في مواجهة حروب العصابات التي يقوم بها المسلحون في سيناء حتى باتت سمعة الجيش الذي يحتل المرتبة ال12 عالميا على المحك؛ ذلك أن الجيش بكل ما يملكه من إمكانات وتسليح وبعد إنفاق مليارات الدولارات على صفقات التسليح فإنه لا يزال عاجزا عن حسم معركة مع عدة مئات من المسلحين حتى بلغت خسائر الجيش خلال المواجهات في سيناء منذ الانقلاب حتى آواخر 2018 يصل إلى حوالي 1500 بين ضابط وصف ضابط ومجندين.
كما تسببت هذه المواجهات في استنزاف طاقة الجيش وقوته وكشفت عن هشاشة التدريب والكفاءة القتالية لدى القوات المسلحة ما يثير كثيرا من الشكوك حول قدرتها على مواجهة قوات نظامية لها تصنيف متقدم في الترتيب العالمي كالكيان الصهيوني ما يعني أن كبار القادة والجنرالات تسببوا في تراجع كفاءة الجيش وقدرته على حماية حدود البلاد بعد تورطهم في الحكم عبر تدبير الانقلابات الدموية واحتكار الأوضاع السياسية والإعلامية والاقتصادية.
الأهداف الخفية
وبعيدا عن تقييم الأوضاع بناء على الأهداف المعلنة والتي تعلقت بالقضاء على المسلحين في سيناء بدعوى محاربة الإرهاب فإن تقييم هذه العملية الشاملة بناء على الأهداف الخفية التي بدأت في التكشف تباعا فإن النظام ربما يكون قد حقق بعض أهدافه منها وأهمها أن تكون هذه العملية ستارا للتعاون الأمني الكبير مع الكيان الصهيويني وهو ما اعترف به السيسي في حواره مع قناة cbs الأمريكية الذي تم بثه في يناير 2019م، إضافة إلى ما يحوم من شبهات حول استخدام هذه العملية كستار لتمرير ما تسمى بصفقة القرن وإجراء التغييرات الديمغرافية والأمنية المطلوبة أمريكيا من نظام العسكر، بخلاف أنها بالفعل مثلت ستار لملاحقة شبكات تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية وهو الهدف الأبرز من العملية.
كما اعترف مسئولون صهاينة لموقع “وللا” المقرب من المخابرات الإسرائيلية. ما يعني أن العملية الشاملة لخلاف تدمير سيناء وتمزيق النسيج الاجتماعي بها وجعل قطاع عريض من سكانها يمتد كرههم من النظام إلى الوطن ذاته! وبذلك وإذا وضعنا في السياق إجراءات النظام العسكري بحق هدم جميع الأنفاق مع الحدود مع غزة فإن من أحد أهم العملية الشاملة واستمرار المواجهات المسلحة أنها ستار لإضعاف المقاومة تمهيدا لحرب يستهدف الكيان الصهيوني أن تقضي على وجود حماس والمقاومة الفلسطينية في غزة بدعم مصري سافر وتمويل وتحريض خليجي فاجر.
ويرى آخرون أن من أهداف السيسي الشخصية من استمرار هذه المواجهات المسلحة تغيير عقيدة الجيش حيث بات يتعاون مع الأعداء ويوجه سلاحه لأبناء الوطن بناء على أوامر النظام الذي فقد الموازين الصحيحة التي تمكنه من تقييم الأوضاع بشكل صحيح وبات يتخذ من العدو صديقا ومن الأخ عدوا مسحوقا، إضافة إلى استنزاف وإشغال وإنهاك الجيش وقياداته في هذه الحرب، حتى لا يظهر على سطح الأحداث من يخالفه أو يعارضه أو يهدده، خاصة أنه كان يسير وفق خطة ممنهجة للتخلص من القيادات ذات التأثير داخل المؤسسة العسكرية، مثل محمود حجازي وصدقي صبحي وأحمد وصفي و أسامة عسكر، وباقي قيادات المجلس العسكري التي شاركته الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...