كواليس “جبهة الخراب” وحشودها المزعومة.. آن باترسون كشفت خيانة رموز “الثورة”

لم تذهب دفاتر الثورة وما أعقبها بعيدًا، حتى تدّعي السفيرة الأمريكية السابقة “آن باترسون”، في نقاش قبل يومين بمركز التقدم الأمريكي، أن الجيش كان على استعداد للتعاون، وأن الرئيس مرسي كان غير مؤهل، يساويها في ذلك من يدّعي من جبهة رافضي الانقلاب أن الإدارة الفاشلة هي التي استدعت الجيش!.

تواطؤ باترسون مع جبهة الخراب، المسماة بـ”الإنقاذ”، بدأ في نوفمبر 2012، وكان المتحدث الرسمي باسمها الصحفي عماد جاد ميخائيل، الشهير بصحفي الكنيسة، قد أعلن عن أن السفيرة الأمريكية آن باترسون “مش عاجبها قلة الحشود ووعدناها بمزيد من الحشد”، وكانت قد اعتبرت أن أكبر قوة لحشد الجبهة يصل إلى 10 آلاف متظاهر في الشارع، وأنها طالبت بـ100 ألف متظاهر، فكانت السفيرة باترسون تعطي الأوامر للقوى العلمانية وتتابع معهم.

ومنذ 5 ديسمبر 2012، تكشّف لنا لماذا تولى الدكتور محمد البرادعي مساعد عدلي منصور في أعقاب الانقلاب 2013، ولماذا خدم الكومبارس حمدين صباحي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي منذ مسرحية 30 يونيو وحتى مشاركته في “انتخابات” منحه الشرعية في 2014، وتكشف في وقتها من خلال الصحفي عماد جاد أن باترسون تنسق مع البرادعي وصباحي.

وتعمد “عماد جاد” أن يخلط أحيانا بين المعلومات والرأي، ولا بأس لديه من الفبركة، كأن يعلن لاحقا عن أن الإدارة الأمريكية متواطئة مع ما يسميه “حكم الإخوان”، وكأن يقول إن الجبهة رفضت لقاء آن باترسون، في حين أنها اجتمعت بالجميع، ومن لم يحضر أرسل مندوبًا عنه مثل البرادعي.

وتعهدت جبهة الخراب لـ”باترسون” بأن الحشد في مواجهة الدستور الجديد سيزيد، وبتحريض منها إلى مقاطعة دعوة الرئيس مرسي حينها للحوار مع القوى الليبرالية، التي كانت تصر ألا تحتكم للصندوق.

وثيقة “المثقفين”

كان حسب الله الكفراوي ضيفًا دائمًا على “إفطارات الإخوان المسلمين” التي كانت تقام في فترة مبارك، وكان يعتبر بالنسبة لهم وزيرًا نزيها للإسكان، له رأي في استحواذ أنجال المخلوع مبارك على الأراضي والاستثمارات الجديدة فيها، ثم فوجئ الإخوان باعتبارهم أكبر الفصائل الثورية استضافة لـ”الكفراوي”، لمن يظنون أنهم يخونون مرسي، إلا أنهم كانوا في خيانة الوطن بإيعاز من الولايات المتحدة وسفيرتها “باترسون”.

جلس الكفراوي ومنى مكرم عبيد وسعد هجرس وعمرو موسى ورفعت السعيد، ضمن اجتماع الانقلاب في 30 يونيو، ليعدوا ما يسمونه “بيان الأمة”، عرف فيما بعد بـ”وثيقه المثقفين”، والتي كانت إقرارًا بالانقلاب، الطرف الرئيسي فيها جبهة الخراب، بحضور قيادات من الكنيسة والأمن الوطني.

تواصل مستمر

وفي إدانة لدورهم، تحدث “الكفراوي” فقال: إنه في تواصل مستمر مع قيادة الجيش، والبابا القبطي، وشيخ الأزهر. وقد طلب منه– الكفراوي – بطريق سِرِّيّ قائد الجيش اللواء “عبد الفتاح السيسي”، أن يقدم إليه طلبًا كتابيًّا بتدخل الجيش من قبل المعارضة. وصَرَّحت “منى” بأن هذا الطلب قد أُعِدَّ خلال ساعات، ووقّع عليه أكثر من خمسين من رجالات المعارضة، وقُدِّم إلى “السيسي” على عجل في الساعة الثالثة ظهرًا؛ حتى لا يحدث تأخير في تنفيذ ما يريد تنفيذه من خطة التدخل العسكري السافر، وإسقاط حكومة “مرسي”، وحصل ذلك قبل أن تُنَظِّم المعارضةُ احتجاجها في ميدان التحرير.

وعن هذا اللقاء، أشار د.طلعت فهمي إلى أن الواقع أثبت أن الذين كنا نعول عليهم أن يقفوا إلى جوار الوطن خذلوا مرسي، ولم تكن إدارته فاشلة، ولكنهم انحازوا للغرب وخذلوا الثورة والشعب، وذهبوا إلى باترسون يترجونها التدخل لدى الجيش لإزاحة الرئيس مرسي، لافتا إلى أن شخصيات مثل منى مكرم عبيد وحسب الله الكفراوي، أشاروا إلى اجتماع بهذا الشأن. وأضاف أن “جبهة الإنقاذ” تحدثت عن اجتماع طغى عليهم فيه بغض الإخوان، موضحا أن “المعركة معهم لم تكن خلافا بين علمانيين وإسلاميين بل خيانة للبلد؛ فلم يكن للرئيس مرسي وزراء أو محافظون ولم “يؤخون” مصر حتى يزعم الزاعمون ذلك”.

اعتراف السيسي

وأشار “السيسي” في مايو 2014 خلال لقاءاته، إلى أن التغيير الحقيقي الذي من الممكن أن يلمسه المصريون سيأتي في مدى زمني لا يقل عن عامين، كما أن هناك مشكلات تحتاج إلى مدى زمني أكبر، فقال مثلًا في حديثه لـ”سكاي نيوز”: “لو مشيت الأمر طبقا لتخطيطنا سنرى تحسنا خلال عامين.. وفيه مشاكل مثلا أطفال الشوارع عايزين حلول بعيدة المدى عشان نقدر نقول إنه قدام حالة العوز فيه حالة الكفاية والانتعاش وبنتكلم إن شاء الله في سنتين”. وهو الأمر المثير للتساؤل البديهي؛ فلماذا لم يتم الصبر على الرئيس مرسي هذين العامين؟ ولماذا لم يكن من همّ للإعلام أو ما يسمون بـ”النخبة” في العام من حكم الرئيس مرسي سوى التجريح فيه واتهامه بالعجز، ومن ثم الوقوف خلف الانقلاب عليه؟ فهذا هو الآن قائد الانقلاب، وبعد مرور عام كامل من انقلابه، والبلاد تسير من سيئ إلى أسوأ؛ ومع ذلك فهو لا يعد سوى بعامين قادمين رهن الانتظار؛ في حين يؤكد أن بعض القضايا ستحتاج إلى مدى أكبر.

تنسيق ودعم

وتحددت العلاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، في إطار من التنسيق والدعم لأجل الانقلاب، مقابل مزيد من الدعم والسلاح يتم بالاستجداء من العسكر وقائد الانقلاب.

وادعى عماد جاد وآخرون من قائمة الأذرع الإعلامية، أن جماعة “الإخوان” مدعومة أمريكيا؛ وكرروا كذبتهم دون دليل.

ولكن “السيسي” قدم لمن يريد خيوط التآمر تلميحًا وتصريحًا مع الأمريكان؛ فاعترف بأنه أخبر الأمريكيين بشكل غير مباشر بأنه قرر عزل الرئيس مرسي منذ مارس 2013؛ حيث قال في أحد اللقاءات الداعمة لترشحه لرئاسة في مايو 2014، إنه أبلغ مسئولا أمريكيا في مارس من العام الماضي (2013)، أنه لا سبيل للخروج من الأزمة السياسية في مصر، وأن “الوقت انتهى”.

وأضاف السيسي، في مقابلة تلفزيونية، “جاء مسئول أمريكي كبير جدا والتقى بي في الوزارة (الدفاع)، وقال لي من فضلك بيقولوا إنك مدرك للواقع هنا النصايح إيه؟ قلت له الوقت انتهى. أنا معنديش نصايح ليكو”.

ورغم ذلك ادّعى في لقاء آخر مع قناة “سكاي نيوز” حين سألته المحاورة: “هل تحرك الجيش في 30 يونيو بإيعاز من الخارج؟”؛ فأجاب: “الجيش ما ينفعش يعمل كده ولا ينسق أو يتشاور أو يتآمر من أكبر قائد لأصغر شخص فيه، ده قرار مصري خالص مع احترامنا لكل العلاقات والمصلحة الوطنية كانت تقتضي ذلك”.

السفيرة الأمريكية

تقول الصحفية فجر عاطف: إن التناقض الجلي والذي رصدته صحيفة “نيويورك تايمز”؛ أظهر أن “أول تأكيد معلن من السيسي على أنه ناقش مسألة استيلاء الجيش على الحكم مع مسئولين أمريكيين قبل التنفيذ بأيام، مشيرة إلى ما يمكن اعتباره خذلانا من السيسي لأنصاره الذين اتهموا واشنطن بدعم جماعة الإخوان المسلمين.

وكشفت “نيويورك تايمز” عن أن الشخصية التي تحدث عنها “السيسي” هي السفيرة الأمريكية بمصر آنذاك “آن باترسون”؛ حيث كانت قد طلبت منه تأجيل ما أسمته “عزل” مرسي ليوم أو يومين، إلا أنه رفض هذا الطلب.

ثم ما لبث “السيسي” أن استمر في مد يد الحاجة وطلب المساعدة العلنية الواضحة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال في حديث لوكالة “رويتر”، 15 مايو 2014: “إحنا محتاجين الدعم الأمريكي في مكافحة الإرهاب، محتاجين المعدات الأمريكية لاستخدامها في مكافحة الإرهاب”. وهو استجداء واضح للسلاح الخارجي لقمع الشعب في الداخل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...