السيسي يسعى لإتمام صفقة القرن لضمان دعمه أمريكيا

قبل نحو شهر ونصف فاجأ مذيع برنامج (60 دقيقة) على قناة (سي بي اس) الأمريكية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قائلا: “نقادك في الكونجرس الأمريكي والأمم المتحدة يقولون انك اعتقلت آلاف السياسيين، وقتل مئات العزل في شوارع القاهرة، ويدك ملوثة بالدم”.
ويرى محللون أنه على وقع الإغلاق الحكومي الحالي في الولايات المتحدة لخلاف واضح بين الديمقراطيين الذين يسيطرون على أغلبية الكونجرس الامريكي والبيت الأبيض الذي يديره “ترامب” من كبار المحافظين وأكثرهم تطرفا، أنه بالنسبة لمصر لن يستمر الدعم الأمريكي لنظام السيسي بنفس الشكل الذي كان عليه خلال العامين المقبلين وغض الطرف عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل قد يكون هناك ضغط من أعضاء الكونجرس خاصة من الحزب الديمقراطي من أجل انفتاح سياسية، ليس حفاظا على الإنسان، بل حفاظا علي استقرار الأوضاع في مصر ومنعها من التدهور مثلما هو حادث في السودان الآن، خاصة وأنه لا يتوقع ما يمكن أن يحدث خلال الفترة المقبلة في ظل غلق المجال السياسي وارتفاع الاسعار والتدهور الاقتصادي غير المسبوق في تاريخ الدولة.
‏وجهة مقابلة
ويرى محللون أن من ينتظر الغرب ليرفع يده عن الظالم فهو واهم، وأن الغرب واليهود لن يفرطوا في السيسي، بالتقريب مع استماتتهم في الدفاع عن محمد بن سلمان، حيث يرى أن ترامب تحدي الكونجرس حفاظا عليه.
غير أن وجهة النظر تلك توافقها وجهات تحليلة ترى أن السيسي الانقلابي، هو كما أي وغد دموي قمعيّ يعتلي عروش بلاد المسلمين والعرب، وهو صديق حميم وعميل للقوى الكبرى التي لو لم يكن حبيبها ومُفيدا لها، لاجتثّته من عراقيبه، على حد قول الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه، مضيفة”لن ترضى عنكم أمريكا ولو لمّعتُم بلاط الكونجرس ..”.
فتقابلها تقرير ل”لجنة الشؤون العسكرية” في الكونجرس صدر في يناير 2018، وكان عنوانه: “هجوم غير مسبوق على النشاط السياسي من قبل السيسي، واعتقال المرشحين يثير قلقنا”.
دعم العسكريين
على هامش حلقة نقاشية أخيرة شاركت فيها آن باترسون السفيرة الأمريكية، قال وليام تايلور، المنسق الخاص بالتحولات في الشرق الأوسط وبالانتقال الديمقراطي في دول الربيع العربي بالخارجية الأمريكية سابقا: “كان هناك دعم سعودي إماراتي للمعارضة ضد الرئيس محمد مرسي”. مضيفا أن واشنطن تفادت القول أن انقلابا حدث في مصر لأنها أرادت استمرار الدعم للعسكريين.

واتفقت “باترسون” معه فقالت: العسكريون سيدعمون بقاء السيسي في الحكم لكن ذلك قد لا ينجح.. هناك دعم ولكن إلى أي مدى”؟
صفقة القرن
وتمثل صفقة القرن أملا للسيسي بالبقاء ضمن حماية البيت الأبيض، وبنسبة معقولة أيضا لدى الكونجرس، ولكن محللين يرون أنه في ظل الخلاف بين أكبر حزبين في الولايات المتحدة، سيؤثر على رصيد الإدارة الامريكية الخارجي قد تجد صعوبة في استعادته، لذلك وفي ظل هذا الوضع الكارثي لا يتوقع أن ترى صفقة القرن النور علي الأقل خلال الفترة المتبقية من إدارة ترمب.
ويبدو أن أمام ترامب عدة بدائل فهو إما يشل الحياة في داخل الولايات المتحدة، متحملاً النتائج الكارثية التى قد تترتب علي ذلك، وباعتبار أنها معركة تكسير عظام يكسب فيها الأقوى والأكثر قدرة علي تحمل التبعات.
أو أنه بحسب محللين سيحاول التوافق مع الديمقراطيين بحيث يتم تنفيذ جزء ولو بسيط من خططه وبالشكل علي يحافظ علي شكله أمام الرأي العام الأمريكي، وفي نفس الوقت يساعده في اتمام ما يعرف بصفقة القرن التى يراهن عليها هو وإدارته اليمينية الحالية.
ويرون أن البديل الثالث يتمثل في إعلانه الخروج من المشهد بالكامل بعد أن عجز عن تنفيذ برنامجه الانتخابي بسبب مواقف المؤسسات والكونجرس الرافض لسياساته الداخلية والخارجية علي حد سواء.
خطوة غير متوقعة
ولم يتوقع كثيرون أن يدين الكونجرس محمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي، مما سبب حرجا لترامب اغلق على إثره الحكومة، البداية التي يمكن الانطلاق منها هي الموقف الامريكي المتوقع والنهائي من تداعيات القضية، في ضوء ظهور ما يمكن اعتباره انقساما بين الاجهزة الامريكية وإدارة ترامب بشأن مصير بن سلمان تحديدا سواء عزله أو بقاؤه، وهو انقسام عززه كسر الديمقراطيين سيطرة الجمهوريين على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفية الاخيرة نوفمبر 2018.
هذا الانقسام لعبت وسائل الاعلام الامريكية دورا حاسما ومشجعا له، بدليل صدور تقرير CIA الذي خلص إلى اتهام بن سلمان بالمسئولية عن قتل خاشقجي، والذي لم تنفه الخارجية الامريكية، وإنما تحدثت عن نفي أن يكون هناك تأكيد من “الحكومة الامريكية” لذلك – لا المخابرات.
والآن بات الصراع الأمريكي الداخلي يدور حول من يدافعون عن قيم الحرية والعدالة ويسمونها “القيم الامريكية”، خاصة وسائل الاعلام، وذلك في مواجهة فريق “ادفع مقابل الحماية” الذي يتبناه ترامب، الذي تتهمه صحف واشنطن بأنه “خان أمريكا”، حسبما قالت “واشنطن بوست” عن ترامب.
قلق السيسي
يزيد من قلق السيسي أن تؤدي سيطرة الديمقراطيين على أحد مجلسي الكونجرس، وسعيهم لمواجهة سياسات ترامب الداخلية والخارجية، ومن بينها موقفه من قضايا الشرق الأوسط، للتأثير على الحماية الامريكية لنظام الانقلاب وصرف النظر عن جرائمهم في ملف حقوق الانسان.
ويبدو أن هذا ما توقعه نظامي السيسي وبن زايد مبكرا لهذا ابتعدا عن حليفهما بن سلمان كي لا تطالهما الاتهامات الموجهة له، وتحسبا لما ستأتي به الايام، وهو ما يفسر ايضا عدم لقاء بن زايد مع بن سلمان في اول زيارة له للمملكة واكتفاؤه بلقاء الملك بعد جريمة مقتل خاشقجي، وكذا صمت القاهرة حتى طلب منها بن سلمان بيان دعم له بشكل مباشر كما يقول مسؤول حكومي مصري مطلع لموقع “مدى مصر”.
انتقاد حقوقي
وتتصاعد الانتقادات ضد نظام السيسي وسلطة الانقلاب خاصة أن صحف واشنطن لا تكف عن نقد الملف الحقوقي في مصر مثلما تفعل مع الملف الحقوقي السعودي والاماراتي.
ويتوقع محللون أن تنشغل المملكة السعودية والإمارات، كأقوى المدافعين عن السيسي خلف الأبواب المغلقة في مقر الكونجرس بكابيتول هيل، بمشاكلهم الخاصة والدفاع عن ملفاتهم الحقوقية قبل ملف السيسي، بعدما تولوا لفترات طويلة عملية اقناع الإدارة الأمريكية بعدم ممارسة أي ضغط على السيسي، خاصة بعدما أصبح هؤلاء الأشخاص (السعوديون) ونهجهم موضع شك، ومن ثم فعاليتهم ستصبح محدودة.
ويفسر هذا ايضا سعي أطراف التحالف الرباعي (مصر والسعودية والامارات والبحرين) ضمنا لتخفيف الحصار عن قطر، بعد فرضهم عزلة سياسية واقتصادية عربية على قطر تحت عنوان رفض دعمها للإرهاب منذ عام ونصف، وذلك بطلب مباشر من أمريكا.
وأيا كانت محاولة المقاومة من جانب مصر السيسي أو السعودية أو الامارات، لتطورات ما بعد مقتل خاشقجي، فقد باتت الدول الثلاثة التي تشكل محور الثورة المضادة مضطرة لتقديم تنازلات في ثلاثة ملفات هامة.



x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...