إعدام أبرياء النائب العام.. رسائل ومآلات خطرة نحو معادلة صفرية

يأتي تنفيذ نظام السيسي لحكم الإعدام بحق 9 من الشباب الأبرياء، اليوم، بقضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، رغم النداءات الكثيرة والاستغاثات العاجلة، وبالمخالفة للدستور، الذي ينص على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في حال التقدم باستشكال قانوني لوقف التنفيذ، والذي قدمه محامو المعدومين بالفعل في وقت سابق، إلا أن السيسي كعادته يضرب عرض الحائط بكافة القوانين والدساتير موجها رسائل عدة للداخل والخارج…

رسائل الإعدام

أراد السيسي توجيه عدة رسائل للمجتمع الدولي والإقليمي بأنه ماض في بطشه بالمعارضين لأبعد مدى؛ لفرض سيطرته على مصر بالحديد والنار، وهو على ما يبدو قد أخذ من الغرب الضوء الأخضر، بعدما تضرروا من هجرات السوريين ومأساتهم مع بشار الأسد، وهم 30 مليون نسمة فقط، أما في حال خروج الأمر عن السيطرة في مصر فإن الغرب سيواجه بأزمة 100 مليون نسمة وأكثر، وهو ما لا يريده الغرب، فأطلق العنان للقاتل ونظامه، مع تركه مساحات واسعة من الحراك الحقوقي للمنظمات الشعبية غير المحسوبة على الحكومات، وهو مجرد ضجيج بلا طحين لا يعبأ به السيسي وعساكره.

أما الرسالة الأبرز فوجهها السيسي للمعارضين بالداخل، بأن بقاء السيسي واستمرار سيطرته على المشهد في مصر لن يتوقف ولن يتباطأ مساره، سواء بتعديلات دستورية لدستور القمع الذي وضعه هو نفسه، أو بإعدام كل من يعارضه…

تمرير الترقيعات الدستورية

وعلى طريقة الطاغية جمال عبد الناصر في قمع المجتمع ككل من أجل إسكات الجميع على جرائمه، يلجأ السيسي للإعدامات والاعتقال والإخفاء القسري والتصفية الجسدية لتمرير الترقيعات الدستورية التي باتت معركة كل النظام القائم لتأبيد بقاء السيسي في السلطة حتى 2034، والتوغل على السلطة القضائية وإخضاعها للسلطة التنفيذية وسلطة السيسي بتعيين رؤساء المحاكم والهيئات القضائية، لضمان استمرار توحشه بلا منازع…

وعلى الرغم من تيقن السيسي من رفض قطاعات واسعة من المجتمع لبقائه بعدما ذاقوا قمعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فأراد السيسي أن يوصل رسالة بأنه لن يقبل بأي معارضة من أحد سواء قريب أو بعيد، معارضا كان أو مؤيدًا.. فعلى الجميع الصمت…

كما أن السيسي بحاجة لمزيد من القمع المجتمعي الشامل، بعدما قدم تعهدات لصندوق النقد الدولي في ديسمبر الماضي، بتأجيل الإجراءات التقشفية التي دمن تطبيقها على الشعب، بإلغاء دعم الوقود والدعم التمويني وتخفيض النفقات الحكومية وتقليص أعداد الموظفين، إلى يوليو القادم، بعد تقارير مخابراتية أكدت تصاعد الغضب الشعبي من تفاقم الأحوال المعيشية، ومن ثم فإن حاحة السيسي لنشر الخوف في المجتمع المصري خلال الشهور القادمة وصولا إلى يوليو أسود ينتظر المصريين…

مآلات الانفجار الشعبي

ومع استمرار القبضة الأمنية المتوحشة فإن مسار الأمور في مصر يسير نحو انفجار شعبي متوقع، لن يعبأ بالقوى الأمنية المتجذرة في مناحي الحياة؛ خيث سيجد المواطن نفسه غير قادر على إطعام أسرته في ضوء موجة غلاء فاحشة متوقعة لا يمكن لها أن يصمد أحد أمامها، فإما أن يسرق وأن يقتل الشعب بعضه بعضا من أجل لقمة العيش، أو دفع المظالم المتراكمة عليه.. الغضب الشعبي المتوقع قد يتوجه نحو السلطة القائمة، سواء كانت العواقب الدمر لمجتمعي أو إسقاط النظام القائم، بعدما تحولت المعادلة السياسية في المجتمع المصري إلى معادلة صفرية، دونها بقاء طرف على حساب الجميع…

وقد يكون تفجير الغورية الغامض أحد السيناريوهات المتوقعة إذ إن الحنق الشعبي قد يصل لفئات واسعة من الشباب أو العمال أو حتى الفلاحين الذين تطاردهم الديون والفقر وتعطيل السلطة لروزقهم بفتح استيراد المحاصيل التي تكلفهم دم قلبهم في موسم الحصاد لضرب الأسعار، لصالح كبار التجار من اللواءات..

ولعل استرضاء لواءات وقيادات العسكر للضباط وكبار القادة يامتسازات مالية وتجارية وبزنس لن يحمي السيسي أيضا، في ظل الحيانة التي باتت مزروعة في أوساط العسكريين انفسهم، وبات الجميع يتجسس على بعضه لصالح راس النظام، وهو ما يخلق مجتمع مضطرب لن يسلم منه أحد في ظل القمع السلطوي الممارس ضد المصريين…

المشهد الدموي

وكانت مصلحة السجون نفذت، صباح اليوم الأربعاء، حكم الإعدام شنقًا بحق 9 أبرياء في قضية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، في يونيو 2015، رغم الاستغاثات والنداءات الدولية، لوقف إعدام الأبرياء، إلا أن نظام الانقلاب العسكري نزل على رغبته الوحشية والدنيئة في إعدام الشباب المظلومين، مستغلا حادث الدرب الأحمر.

ونشرت وسائل إعلام الانقلاب صباح اليوم خبرًا أكد أنه تم تنفيذ الحكم داخل سجن استئناف القاهرة بحق 9 أبرياء من الشباب هم كل من: “أحمد طه، أبوالقاسم أحمد، أحمد جمال حجازي، محمود الأحمدي، أبوبكر السيد، عبدالرحمن سليمان، أحمد محمد، أحمد محروس سيد وإسلام محمد”.

وقال مصدر أمني في تصريحات صحفية: إنَّ سجن استئناف القاهرة نفذ حكم الإعدام في السادسة من صباح اليوم، بعد تم اقتيادهم إلى غرفة الإعدام، وفي التاسعة والنصف صباحًا تمَّ الانتهاء من إعدام الـ9 وتم نقل الجثث بواسطة سيارات إسعاف إلى مشرحة الطب الشرعى في منطقة “زينهم” بالسيدة زينب في القاهرة.

وقال مصدر في المشرحة: إنَّهم تسلموا جثث الأبرياء المحكوم عليهم، مضيفًا أنَّه تم اتخاذ جميع الإجراءات تمهيدًا لتسليمهم لذويهم.

وأصدرت محكمة النقض، في 25 نوفمبر 2018 حكمًا بإقرار الإعدام الصادر بحق المتهمين التسعة، ورفضت الطعون المقدمة منهم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...