باعتراف الصهاينة.. لهذه الأسباب تعديلات الدستور تخدم المصالح الإسرائيلية

تبدو العلاقة وثيقة للغاية بين صناعة القرارات العليا في السياسة المصرية ومصالح الأمريكان والكيان الصهيوني، ومنذ اتفاقية كامب ديفيد بات القرار المصري مرهونًا بضمان هذه المصالح وعدم تعريضها للتوتر أو الاهتزاز، لكن مرحلة ما بعد انقلاب 03 يوليو 2013م تشهد تطورات هائلة في هذه العلاقة الوظيفية، حتى باتت العلاقة مع واشنطن تقوم على الانبطاح التام والانصياع المطلق للتوجهات الأمريكية، وتحولت العلاقة مع الكيان الصهيوني إلى تحالف وثيق عبر عنه زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي في برنامج “60” دقيقة، على قناة “سي بي إس” الأمريكية يناير 2019م.

فالانقلاب على المسار الديمقراطي كان مصلحة إسرائيلية بامتياز، عبرت عنها أوساط إسرائيلية واعتبرتها معجزة، يقول الباحث الصهيوني عومر جندر: لو نجحت ثورة 25 يناير لفقدت إسرائيل استقلالية قرارها السياسي؛ لأنها كانت ستزداد ارتباطًا بالمساعدات التي يقدمها الغرب، وتحديدا أمريكا، على اعتبار أن نجاح هذه الثورة سيكون مقترنًا بزيادة النفقات الأمنية. ويضيف وزير الحرب الصهيوني الأسبق بنيامين إليعازر: احتفاظ العسكر بصلاحيات الحكم في مصر يمثل مصلحة قومية لإسرائيل.

بقاء السيسي مصلحة عليا للصهاينة

وفي ذات السياق، يأتي تمرير التعديلات الدستورية ليقدم خدمات هائلة للكيان الصهيوني؛ يقول دبلوماسي إسرائيلي سابق: «إن المضي في التعديلات الدستورية في مصر، التي تسمح لعبد الفتاح السيسي بالحكم حتى عام 2034، يمثل “خدمة هائلة للمصالح الإسرائيلية».

وأوضح إسحاك نافون، السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، أن “إطالة بقاء السيسي على رأس سدة الحكم في القاهرة، تضمن توفير بيئة تسمح بتطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية، ونقلها من مرحلة التعاون والشراكات في المجالات الأمنية والاستخبارية والعسكرية، إلى التطبيع المدني والسياسي الكامل”.

وفي مقال نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم”، في عددها الصادر الأربعاء 20 فبراير 2019، أشار نافون إلى أن نظام الحكم الحالي في القاهرة “لا يخفي مواقفه الإيجابية تجاه إسرائيل”، مشيرا إلى أن “صعود السيسي لإدارة دفة الأمور في مصر مثّل نافذة فرص مهمة واستثنائية تسمح بتطبيع العلاقات بين الجانبين بشكل كامل”.

وشدد نافون على أنه “يتوجب استغلال التحولات التي طرأت في المنطقة، وتكثيف الحضور الإسرائيلي في مصر، وإعادته للمرحلة التي سبقت ثورة 25 يناير”، مضيفا أن وجود السيسي في الحكم يمثل “فرصة يتوجب استغلالها بتصميم وصبر؛ من أجل ضمان أن تعمل السفارة الإسرائيلية في مصر بطاقة كاملة”.

تحالف وثيق

في السياق ذاته، قالت دراسة إسرائيلية صدرت حديثا أعدها البروفيسور أفرايم كام، ونشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن مصادر مشاكل السيسي تكمن في ثلاثة عوامل أساسية، أولها المواجهة التي يخوضها مع خصومه السياسيين وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، وثانيها الحرب التي يشنها على الجماعات الإسلامية المسلحة، وثالثها التحديات الاقتصادية.

وأوضح كام- وهو مساعد رئيس المعهد- أن خصومة السيسي مع الإخوان تزداد في ظل ما تحظى به الجماعة من تأييد شعبي؛ لأن السلطة تم انتزاعها منها بطريقة غير قانونية، وهو ما يرشح استمرار المواجهة بين الجيش والجماعة. ورغم ما اتخذه السيسي ضد الإخوان من إجراءات عنيفة، وما يبثه تجاههم من اتهامات بتورطهم في الأعمال المسلحة التي تشهدها البلاد بين الفينة والأخرى، فليس هناك الكثير من الأدلة والشواهد التي تؤكد هذه المزاعم.

أما عن التهديد الأمني المتمثل بالجماعات المسلحة العاملة ضد نظام السيسي، فتتركز وفقا للدراسة في ثلاثة مواقع أساسية، أولها في شبه جزيرة سيناء، وثانيها ببعض المناطق الحضرية في قلب مصر، وثالثها تقع في غرب البلاد متأثرة بالقتال الدائر في ليبيا المجاورة.

وأوضح كام- الجنرال السابق بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والمحاضر بكلية الأمن القومي- أن ما زاد من خطورة سيناء ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، ورغم ما بذله نظام السيسي من جهود أمنية، وتعزيزات عسكرية كبيرة في سيناء، لكنه يعلم أنه لن يستطيع القضاء الكلي على التنظيم؛ لأن الجيش المصري ليس متشجعًا كثيرًا لخوض معارك برية على الأرض مع مقاتلي التنظيم.

ولفتت الدراسة إلى أن ما قام به النظام المصري من عمليات عسكرية على الحدود مع قطاع غزة تمثلت بهدم مئات من المنازل، والإضرار بمصادر أرزاق سكان شمال شرق سيناء، تسبب بعداوات بين الدولة المصرية والسكان، وأسفر عن تنفيذ عمليات مسلحة ضد الجيش أسهمت في حالة عدم الاستقرار الأمني داخل مصر، وهو ما أساء لسمعة الحكومة.

إزاء هذه التحديات التي تواجه نظام السيسي، طرحت الدراسة الإسرائيلية تساؤلات حول قدرة نظام السيسي على الاستقرار والبقاء رغم ما يمر به من أزمات أمنية واقتصادية، لا سيما بعد إيقاف دول الخليج العربي دعمها المالي لمصر، وما تسببه من هزة حقيقية للنظام.

وتحدثت كذلك عن أن إسرائيل ترى في نظام السيسي فرصة لتمتين العلاقات مع مصر، حيث إن مستوى المصالح المتبادلة بين القاهرة وتل أبيب اتسع في السنوات الأخيرة، ليصل لدرجة غير مسبوقة من الحميمية والود، وتبقى المسألة الأمنية هي أساس في هذه العلاقات الثنائية.

وبحسب الدراسة، فإن إسرائيل من جهتها تبدي دعمها الكامل للجهود الأمنية والعسكرية المصرية بسيناء، وتقدم مساعدتها للجيش المصري في مجال المعلومات الأمنية والاستخبارية. وأضاف الكاتب أن هناك تعاونا بين مصر وإسرائيل بمجالات لا داعي لذكرها بهذه الدراسة.

الدراسة ختمت بالقول إن إسرائيل تنظر بعين الرضا لما يقوم به السيسي تجاه حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتدمير مئات الأنفاق التي توصل السلاح إليها، وإعلان الحركة منظمة إرهابية، واعتبرها عدوة لمصر نظرا لعلاقتها بجماعة الإخوان. كما أن السيسي يرى في اتفاق السلام مع إسرائيل كنزا استراتيجيا، بل إنه تجاوز نظام الرئيس السابق حسني مبارك في إبداء دعم أكبر لعملية التطبيع مع إسرائيل، ليس فقط في المجال الأمني وإنما في المجالات السياسية والاقتصادية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...