قالوا إن الاعترافات تمت “تحت التعذيب”.. 9 خبراء بالأمم المتحدة يدينون إعدامات السيسي التعسفية

استنكر 9 من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عمليات الإعدام الأخيرة في مصر بحق تسعة شباب، مؤكدين أنها محاكمة تمت استنادًا إلى أدلة جرى انتزاعها تحت وطأة التعذيب، وأعربوا عن استيائهم من التجاهل المستمر لسلطة الانقلاب للقانون.

وفي نداء عاجل أصدره تسعة من المقررين الخاصّين بالأمم المتحدة المعنيين بالمحاكمات العادلة وجرائم الاختفاء القسري وحرية الرأي والتعبير والقتل خارج إطار القانون، مساء اليوم الإثنين، أعلنوا عن إدانتهم تنفيذ أحكام الإعدام الأخيرة في مصر، التي وصفوها بأنها ترقى إلى عمليات “إعدام تعسفية”.

وبحسب الخبراء الأمميين: “مضت السلطات المصرية قُدمًا في تنفيذ أحكام الإعدام بحق الرجال التسعة في الساعات الأولى من صباح 20 فبراير، على الرغم من وجود إجراءات الاستئناف والتوجيه بوقف إعدامهم أمام المحكمة الدستورية العليا، وفقا للمعلومات الواردة.

وكان الناشط الحقوقي أحمد مفرح، قد كشف عن أن إعدام الشباب التسعة جاء مخالفا لأبسط قواعد العدالة التي لا تجيز الحكم على أشخاص بناء على مواد اتهام باطلة، ولا أن يتم إعدامهم إلا بعد انتهاء كل طرق التقاضي، مشيرا إلى دعوى منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية للمطالبة بوقف تنفيذ الإعدام؛ لصدوره بناء على مواد باطلة، تجاهلتها سلطة الانقلاب وأعدمت الشباب.

ووصف “مفرح” ما تم في قضية مقتل النائب العام بأنه تنفيذ لأحكام سياسية لغرض انتقام سياسي، ولا تمت بصلة لأي من معايير العدالة الجنائية المصرية أو الدولية.

أنقذوا 50 آخرين جرى تعذيبهم للاعتراف

وأعرب الخبراء التسعة للأمم المتحدة، في بيانهم، عن قلق أكبر لوجود العديد من القضايا الأخرى قيد الانتظار في المحاكم لأفراد مدانين في ظروف مماثلة ويواجهون عقوبة الإعدام، وسط تقارير عن عدم وجود الإجراءات القانونية الواجبة، حيث لا يزال هناك 50 مصريا يواجهون تنفيذ حكم الإعدام، صدرت الأحكام أيضا عليهم بدعوى الاعتراف القائم على التعذيب الشرس لهم.

وقال الخبراء، في بيان صحفي: “يبدو أن هذه الإدانات تتجاهل بشكل مباشر القانون والإجراءات المصرية والدولية”.

وأشار الخبراء إلى أنه “لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بعد عملية قانونية تمنح جميع الضمانات الممكنة، بما فيها تلك المنصوص عليها في القانون الدولي لحقوق الإنسان، لضمان محاكمة عادلة ووفقا لحكم نهائي”.

1451 حكم إعدام من قضاة الانقلاب!

وفي يناير 2018، دعا الخبراء مصر إلى وقف جميع عمليات الإعدام المعلقة في أعقاب اتهامات بشأن المحاكمات الجائرة، منذ اغتصاب السيسي الحكم في يوليو 2013، ويشير الخبراء إلى أن المحاكم المصرية أيدت 1,451 حكما بالإعدام، من بين 2,443 حالة أُحيلت إليها من المحاكم.

وقال الخبراء “إن الشروع في عمليات الإعدام التسع على أساس ما يبدو أنها محاكمات معيبة بشكل خطير، يشكل انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الإنسان”، مشيرين إلى أن “عمليات الإعدام في هذه الظروف ترقى إلى الإعدام التعسفي. كما أنه خرق لقوانين مصر الخاصة التي تحظر استخدام الأدلة التي يتم الحصول عليها تحت التعذيب،” وفق الخبراء.

وذكر الخبراء أن سردًا تفصيليًا بشأن التعذيب المستخدم للحصول على الاعترافات، في بعض الأحيان خلال فترة الاختفاء القسري، قد تم إحضاره أثناء محاكمة الرجال التسعة، لكن محكمة جنايات القاهرة تجاهلته، وأن الأدلة في القضية أظهرت تناقضات كبيرة، وتم إجبار ثلاثة من الرجال الذين تم إعدامهم على الاعتراف على شاشات التلفزيون الحكومي.

وكرر الخبراء الدعوة السابقة لسلطة الانقلاب إلى “وقف جميع عمليات الإعدام، وإجراء مراجعة شاملة لجميع القضايا التي حُكم فيها على الأفراد بالإعدام”.

وخبراء الأمم المتحدة الذين أصدروا هذا البيان هم: السيدة “أغنيس كالامار” المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات القتل خارج القضاء؛  السيد “نيلز ميلزر” المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ و”فيونويلا ني أولين” المقررة الخاصة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، “سيونغ-فيل كونغ” رئيس الفريق، “برنار دوهيم”، نائب الرئيس تاي أونغ بايك، حورية إسلامي، لوسيانون هازان، هنريكاس ميكفيسيوس.

نص التقرير: https://news.un.org/ar/story/2019/02/1027822

وسبق لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أصدر بيانًا سابقًا وصف فيه عمليات الإعدام في مصر بأنها جاءت بعد “محاكمات معيبة وتعذيب”، ويحث سلطة الانقلاب على “وقف جميع الإعدامات ومراجعة القضايا المرتبطة بأحكام الإعدام بما يتوافق مع التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في ادعاءات التعذيب”.

وقال المكتب، إن شهادات مفصلة أدلى بها أثناء المحاكمة، عن استخدام التعذيب للحصول على الاعترافات قد تم تجاهلها على ما يبدو من قبل المحكمة بدون النظر فيها بشكل ملائم، وهناك أسباب كبيرة للشعور بالقلق بشأن احتمال عدم اتباع الإجراءات الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة في بعض أو كل تلك القضايا، وعدم التحقيق بالشكل الملائم في الادعاءات الخطيرة للغاية بشأن استخدام التعذيب.

وقال روبرت كولفيل، المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان: إنهم جميعا أكدوا أمام المحكمة تعرضهم للاختفاء، أو لفترات طويلة من الاحتجاز بدون إخطار أي طرف أو السماح لهم باستقبال الزيارات، والتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بارتكاب تلك الجرائم.

وأضاف، في مؤتمر صحفي في جنيف: “هناك أسباب كبيرة للشعور بالقلق بشأن احتمال عدم اتباع الإجراءات الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة في بعض أو كل تلك القضايا، وعدم التحقيق بالشكل الملائم في الادعاءات الخطيرة للغاية بشأن استخدام التعذيب. في الدول التي ما زالت تسمح باستخدام عقوبة الإعدام، يتعين وفاء محاكمات القضايا المرتبطة بتلك العقوبة، بأعلى معايير النزاهة واتباع الإجراءات الواجبة لضمان عدم إساءة تطبيق العدالة بما يؤدي إلى حرمان الأبرياء من حقهم في الحياة. ويتعين استبعاد الأدلة المنتزعة تحت التعذيب من المحاكمات.”

وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن السنوات القليلة الماضية شهدت تعاقب عدة قضايا لأفراد أدينوا تحت ظروف مشابهة في مصر، في ظل تقارير مقلقة عن غياب العملية القانونية السليمة.

وقد استنفد عدد من أولئك الأفراد كل التدابير القانونية، ليواجهوا الآن خطر تنفيذ حكم الإعدام الوشيك.

وحث المكتب السلطات المصرية على وقف جميع الإعدامات ومراجعة كل القضايا المرتبطة بأحكام الإعدام بما يتوافق مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وإجراء تحقيقات ذات مصداقية ومستقلة ومحايدة في ادعاءات التعذيب واتخاذ التدابير الضرورية لضمان عدم تكرار انتهاك التدابير الواجبة والمحاكمات العادلة.

وكان مكتب حقوق الإنسان قد أعرب عن مخاوف مشابهة قبل عام، في الخامس من يناير 2018 بعد إعدام 20 شخصا في أسبوع واحد.

“إعدام ضحايا” يكشف شهادات الشهداء عن التعذيب

وأصدرت المنظمتان الحقوقيتان “كوميتي فور چستس” و”الجبهة المصرية لحقوق الإنسان”، تقريرا تحليليا مشتركا، أمس، حول إعدام 9 من الأبرياء في قضية النائب العام تحت عنوان “إعدام ضحايا”، قدمتا فيه أدلة قانونية تثبت الانتهاكات الجسيمة التي تضمنتها القضية رقم 1300 لسنة 2016، المعروفة إعلاميا بـ”قضية اغتيال النائب العام”، بحق المنفذ ضدهم أحكام الإعدام في 20 فبراير الجاري، وباقي المحكوم عليهم في القضية.

ويشير تقرير “إعدام ضحايا” إلى أن من نفذ ضدهم حكم الإعدام هم ضحايا لانتهاكات قانونية جسيمة تحول دون معرفة الحقيقية في هذه القضية، الأمر الذي تسبب في انعدام الثقة في الأحكام الجنائية الصادرة في هذه القضية وفي حكم الإعدام نفسه الذي استند إلى نصوص قانونية معيبة.

وقالت المنظمتان، إن الأحكام التي صدرت تعد انتهاكا صارخًا للقانون والدستور، علاوة على انتهاك المعايير الدولية للمحاكمات العادلة والتزامات مصر الدولية، وذلك بدءًا من إجراءات القبض، ومرورًا بالتحقيقات، وصولا إلى حكم محكمة النقض، والتماس إعادة النظر، ثم تنفيذ حكم الإعدام.

ورصد التقرير تضارب المعلومات الرسمية من جانب سلطات الانقلاب، بشأن منفذي جريمة مقتل النائب العام وآخرين، والتي أدت إلى قتل ما لا يقل عن 15 شخصًا آخرين، قبل إعلان القبض على المتهمين في القضية، مما يشكك في جدية السلطات المصرية، ومدى التزامها بإجراءات التحري والتحقيق الجنائي العادل، كما يكشف عن استخدام وحشي ومفرط في القوة والسلطة.

وعمل على هذا التقرير التحليلي العديد من القانونيين والباحثين، وسوف يكون هذا التقرير ضمن سلسلة تقارير قانونية تحليلية للقضايا التي تصدر فيها أحكام الإعدام؛ بهدف توفير المعلومات القانونية للرأي العام، الذي يحكم في النهاية على مدى التزام النظام القضائي المصري بالعدالة الجنائية، واحترامه للدستور والقانون، وضمان الحريات والحقوق للمواطنين.

ويبين التقرير زيف وتلفيق الاتهامات، وكيف كان القضاء المصري أداة لشرعنة هذا التلفيق والتزييف، الأمر الذي أدى إلى إعدام تسعة في محاكمة غير عادلة، وأن ما تم في قضية مقتل النائب العام هو تنفيذ لأحكام سياسية لغرض انتقام سياسي ولا تمت بصلة لأي من معايير العدالة الجنائية المصرية أو الدولية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...