تمرير التعديلات الدستورية بالإعدامات والفضائح الجنسية.. الدلالات والرسائل

منذ بداية 2019م، صعد نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، من وتيرة الانتقام والتنكيل بكل خصومه وذلك بالتزامن مع تدشين حملة تمرير التعديلات الدستورية التي تفضي إلى تأبيده في السلطة ومنحه صلاحيات مطلقة ومنح الجيش وصاية سياسية وعسكرية على الشعب والوطن بدعوى صيانة الديمقراطية والمجتمع المدني، وتقوم خطة النظام على افتعال أو توظيف سلسلة تفجيرات للتغطية على ممارساته وتخويف الجماهير وفق معادلة “أنا أو الفوضى” التي أطلقها الرئيس الأسبق حسني مبارك أثناء ثورة 25 يناير. وعلى قدر الوزن النسبي لخصوم السيسي يكون الانتقام؛ فالإخوان، باعتبارهم الفصيل الشعبي الأكبر رغم كل ما جرى لهم؛ خصهم النظام بتنفيذ أحكام الإعدام بحق “15” من عناصرهم  الأسبوع الماضي، حيث صدرت هذه الأحكام في قضايا ملفقة، وأجواء تفتقد إلى أدنى معايير العدالة والنزاهة ومورست بحق المتهمين جرائم الاختطاف القسري والتعذيب الوحشي والتهديد بهتك أعراضهم وأعراضهم أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم لإجبارهم على الاعتراف بالجريمة التي لا يعلمون عنه شيئا بينما بقي المنفذون الأصليون طلقاء وذلك للتستر على فشل الشرطة في ضبط الجناة الحقيقيين. أما المعارضة العلمانية خصوصا أولئك الذين شاركوا في فعاليات ثورة 25 يناير 2011م، والذين مارسوا مسحة من استقلال بعيدا عن وصاية النظام وأجهزته، وعارضوا هذه التعديلات الدستورية المشبوهة، فقد مارست بحقهم أجهزة مخابرات السيسي عمليات قتل معنوي وتشويه عبر نشر مقاطع جنسية لبعضهم فضحًا لهم أمام الناس من جهة والتقليل من شأن المعارضين للنظام وتعديلات الدستور من جهة ثانية، وتهديد الآخرين من جهة ثالثة، وإلهاء الشعب عن تمرير التعديلات من جهة رابعة؛ ولعل ما جرى مع مخرج انقلاب 30 يونيو خالد يوسف العضو في برلمان الأجهزة الأمنية وكذلك زميله اليساري الناشط هيثم الحريري خير مثال على ذلك. وبالتزامن مع ذلك فإن النظام لا يقف عند استخدام لغة القمع والعصا فقط، فثمة استخدام للجزرة؛ وذلك عبر مساومات في دهاليز الغرف المغلقة من أجل منح المعارضة العلمانية جزءا من تورتة البرلمان المقبل وكذلك مجلس الشيوخ الذي تقره التعديلات مقابل دعم هذه الترقيعات أو على الأقل غض الطرف عنها والصمت حيالها أو ممارسة معارضة صورية لا تفضي إلى إحراج النظام وفضحه أمام الشعب، أو على المستوى الدولي. وفي السياق ذاته، ثمة أنباء عن تعليمات مشددة للأجهزة الأمنية من أجل تخفيف القيود على المواطنين قليلا في الخدمات وتهدئة الأمور في النقاط الساخنة مثل جزيرة الوراق وماسبيرو ونزلة السمان وغيرها درءا لأي مواجهات بين الجماهير وأجهزة النظام خلال هذه الفترة حتى يتم الانتهاء من هذه التعديلات قبل رمضان المقبل.

“6” رسائل وراء الإعدامات

في السنوات الثلاث الأولى بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 تم تنفيذ عدد ضئيل من الإعدامات في قضايا جنائية (قتل واغتصاب)، لكن الأمر أخذ منحى آخر تماماً منذ انقلاب 03 يوليو 2013م، عندما اغتصب السيسي الحكم عبر انقلاب عسكري. ففي السنوات الثلاث الأولى من فترة ولايته  الأولى تم تنفيذ حكم الإعدام في 24 شخصاً، ثم شهد عام 2018 قفزة غير مسبوقة بإعدام 32 شخصاً بين سجناء جنائيين وسياسيين. أما  في 2019م، وبالتزامن مع بداية الحملة التي يقودها النظام لتمرير هذه التعديلات الدستورية، أراد أن يبعث برسالة تهديد لمعارضيه جميعا،  فزادت وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام بصورة كبيرة حيث أعدم النظام “15” ناشطا إسلاميا. بينهم 3من عناصر الإخوان في هزلية مقتل نجل المستشار بالمنصورة، ثم أعدم 3 آخرين في هزلية مقتل اللواء نبيل فراج بكرداسة بمحافظة الجيزة، ثم أعدم 9 من عناصر الجماعة بينهم نجل الدكتور محمد وهدان عضو مكتب الإرشاد بالجماعة في هزلية مقتل النائب العام السابق هشام بركات، فيما تتصاعد المخاوف د من تنفيذ حكم الإعدام بحق “6” آخرين من عناصر الجماعة خلال الأسبوع الجاري في هزلية مقتل حارس المستشار بمحافظة الدقهلية.

هذه الوحشية من جانب نظام العسكر دفعت منظمة العفو  الدولية إلى إصدار بيان صباح الأربعاء 20 فبراير 2019م،  تدين فيه تنفيذ أحكام الإعدام؛ مطالبة حلفاء النظام المصري بـ”اتخاذ موقف حازم مما يجري، عبر إدانة ما تقوم به السلطات من تنفيذ لأحكام الإعدام”. وقالت مديرة حملة المنظمة في شمال أفريقيا، نجية بو نعيم: “شكلت خطوة مصر بإعدام هؤلاء التسعة عاراً بما يخص حق الحياة”، مستطردة “يجب محاسبة أولئك المسؤولين عن قتل النائب العام المصري السابق، ولكن إعدام أشخاص تعرضوا لمحاكمة شوهتها ادعاءات تحت التعذيب ليس عدلاً، وإنما انعكاس لحجم الظلم الذي تشهده هذه الدولة”. وتابعت بو نعيم: “هذه الإعدامات تشكل تجسيداً للجوء الحكومة المصرية لعقوبة الإعدام بشكل متزايد، لترتفع حصيلة من تم إعدامهم في آخر ثلاثة أسابيع إلى 15 شخصاً. ويجب على الحكومة المصرية أن توقف هذه الإعدامات الدموية فوراً، وذلك لأنها أنهت حياة أشخاص بعد محاكمات غير عادلة في الأسابيع الأخيرة”. وختمت مديرة حملة المنظمة في شمال أفريقيا بمطالبة المجتمع الدولي بالتدخل في هذه القضية، وألا يجب أن يقف صامتاً أمام هذه الإعدامات المتزايدة في مصر. وكان البرلمان الأوروبي قد طالب السلطات المصرية مع نهاية 2018 بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، كما أعربت الأمم المتحدة مؤخرا عن صدمتها إزاء تنفيذ أحكام إعدام، كما حذرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه من مغبة تنفيذ مصر أحكام الإعدام الصادرة على خلفية قضية رابعة.

ويبدي النظام عدة رسائل من هذه الإجراءات القمعية:

أولا، نظام السيسي يضرب عرض الحائط بالنصائح والمناشدات الصادرة من جهات أجنبية، مستفيداً من المباركة الرسمية الدولية لسياساته، وعدم رغبة العواصم الكبرى في فتح مجال للقلق مجدداً في الشرق الأوسط، وحصوله على رسائل طمأنة من دوائر سياسية يمينية عديدة في الولايات المتحدة وأوروبا، مفادها أن تلك الدول ليست معنية بما يحدث في مصر بالدرجة التي تدفعها إلى التدخل الرسمي، أو الضغط الحقيقي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان وفتح مجالات الحريات العامة والشخصية ووقف أحكام الإعدام المستمرة أو تعطيل تنفيذها. وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد تناولت في افتتاحيتها منتصف سبتمبر 2018م، هذه الأحكام المسيسة وقالت إن المحاكمات الجماعية للناجين من مذبحة المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية عار على مصر، وأن على الغرب أن يفهم كيف ينخر الاستبداد في الأمة العربية. وتضيف أن الناجون من المذابح في مصر، هم الذين يحاكَمون وفي بعض القضايا يعدمون، وفي الديمقراطيات التي يحكمها القانون المحاكمات تكون عادلة وسريعة، ولكن في مصر يمكن احتجاز الناجين من مذبحة خمس سنوات قبل المحاكمة ثم يحاكمون بأعداد كبيرة بدون أي فرصة للدفاع المناسب. وانتقدت الصحيفة موقف الحكومات الغربية التي تدعم نظام السيسي ربما خوفا من الفوضى التي قد تتبع سقوطه أكثر من الأرباح التي يمكن جنيها من بيع الأسلحة أو التنقيب عن الغاز، وحذرت أنه من الواضح أن الحكومات الغربية غير مهتمة بأن الاستبداد يولد مرة أخرى البؤس والتطرف.

ثانيا، النظام العسكري في مصر – بتلك الإجراءات القمعية والأحكام التعسفية والعصف بالعدالة وتطويع القضاء كأداء في يد السلطة للتنكيل والانتقام من المعارضين- يستهدف تهديد القوى السياسية بكافة أطيافها، وجعل هؤلاء الضحايا عبرة لباقي الشعب من أجل وأد أي توجهات شعبية نحو الثورة من جديد على النظام الذي أفرط في القمع والاستدانة، وفشل في كافة مناحي الحياة، وأحال حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق، بعد قرارات اقتصادية عشوائية أفلست البلاد وهبطت بعشرات الملايين من الشعب تحت خط الفقر.

ثالثا، يستهدف النظام تهديد جميع القوى السياسية التي شاركت في ثورة يناير من أجل ضمان تمرير ترقيعات الدستور التي يتعجل النظام تمريرها خشية الإطاحة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعم لنظام السيسي على خلفية تطور التحقيقات في قضية التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية السابقة أو الخشية من خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2020م.

رابعا، التأكيد على أنه ماض في قمعه كطاغية لتكريس جميع السلطات في يده والقضاء على التنظيمات السياسية المعارضة والتقليل من أهمية الحديث عن حقوق الإنسان والحريات”. وإظهار نفسه للخارج كديكتاتور لا غنى عنه ولا بديل له كضامن لمصالح الأمريكان وإسرائيل والغرب عموما وكذلك ممالك وإمارات الخليج التي تنفق بسخاء من أجل وأد أي تحول ديمقراطي في المنطقة وسحق الإسلاميين باعتبارهم الأكثر رفضا للمشروع الصهيوني الأمريكي.

خامسا، الرسالة الأكثر قسوة من تنفيذ هذه الإعدامات بكثافة موجهة إلى الداخل وليس للخارج. فالسيسي يريد تغيير الصورة القديمة التي كانت متداولة في الأوساط القانونية عن محكمة النقض وأحكام الإعدام”، فقضاة النقض كانوا دائما متباطئين في مسألة تأييد أحكام الإعدام، حتى وإن كانت القضايا بلا ثغرات، حفاظاً على روح العدالة، والركون إلى أهمية البحث عن أي ثغرة لإنقاذ روح بشرية من المشنقة”. أما الإعدامات، فكان المتداول عنها،  أنها لا تنفذ بسرعة، وحتى بعد صدور حكم بات بتأييدها من النقض، كان المحامون يستهلكون وقتاً طويلاً في تقديم التماسات إعادة نظر لرئاسة الجمهورية ووزير العدل والنيابة العامة، ولم يكن يجوز تنفيذ الحكم ما دام تم تقديم تلك الالتماسات إلا إذا تم رفضها جميعاً بشكل مسبب. لكن السيسي كان يرى تلك الصورة المتداولة “سبباً رئيسياً من أسباب عدم تخوف المتهمين المنتمين لجماعات معارضة من مصير مؤلم جراء محاكماتهم”، ولذلك فهذه الإعدامات المتوالية والسريعة تؤكد نهاية حقبة “بطء الإعدام وعدم حتميته” وهو ما يعتبره السيسي “أداة ردع”.

سادسا، تصعيد السيسي المستمر ضد “الإخوان” والتيارات الإسلامية يقضي على أي فرص لما تسمى المصالحة، ويكرس واقعاً لا بديل عنه في التعامل معهم، فهو يقطع بكل صرامة أي احتمال للتلاقي والتعايش السلمي المشترك؛ الأمر الذي يتماشى مع تعليماته بترك شيوخ “الإخوان” في السجون يقتلون بالإهمال الطبي والظروف الصعبة خلف الأسوار، ومصادرة أموال قيادات وعناصر الجماعة، وحرمان الآلاف منهم من حقوقهم السياسية والمدنية. كما أنه يحاول توجيه رسالة شديدة اللهجة للمعارضين من جميع التيارات السياسية، خصوصاً شباب الإسلاميين والمجموعات اليسارية، بأن النظام لن يتهاون مستقبلاً مع من يخرق القواعد التي يضعها أو يشكل خطراً عليه أو يجاهر بمعارضة سياساته، وتوجيه رسالة أخرى للدوائر التي تروج للمصالحة والتقارب بين جماعة الإخوان المسلمين أو تيارات منها مع النظام، بأن المسار مغلق فلا تتعلقوا بأهداب الأوهام الزائفة.

العلمانيون بين العصا والجزرة

إذا كان النظام لا يستخدم ضد الإسلاميين عموما على رأسهم الإخوان الذين فازوا بثقة الشعب في كل الاستحقاقات الديمقراطية النزيهة في أعقاب ثورة يناير، إلا العصا والقمع والاغتيالات والإعدامات والأحكام المسيسة القاسية؛ فإن السيسي وأجهزته الأمنية يستخدمون العصا والجزرة مع الأحزاب والقوى العلمانية، بناء على مواقفها وكذلك التعامل مع كل رمز من رموز العلمانيين على حدة بناء على مواقفه من تمرير هذه التعديلات الدستورية المشبوهة:

أولا، المتجاوبون مع النظام المؤيدون لممارساته وتوجهاته نحو الديكتاتورية والطغيان( أمثال حزب الوفد والتجمع والناصري وباقي الأحزاب الكرتونية) فالنظام يحتضنهم ويخصص لهم جزءا من تورتة البرلمان وكذلك مجلس الشيوخ المرتقب الذي ستقرره التعديلات الدستورية والمحليات التي يتم تأجيلها منذ سنوات. وهو ما يأتي في سياق صفقة لترضية هذه الأحزاب الكرتونية في ضوء ما تناولهالكاتب ياسر رزق في مقاله  حيث قدَّم طرحاً جديداً في 19 يناير 2019 هو بمثابة “صفقة سياسية” مع القوى التي دعمت انقلاب 3 يوليو 2013، ويتكون التصور الذي يطرحه النظام علي تلك القوي في العناصر التالية: دمج الأحزاب في كيانات ثلاث أو أربع بين يمين ويسار ووسط، وانتخاب مجالس إدارات مراكز الشباب، والسماح بالعمل السياسي داخل الحرم الجامعي، وإعادة إحياء جمعيات الكشافة، وحظر قيام أياً من الأحزاب الدينية.  ويؤكد ياسر رزق علي مبدأ دمج الأحزاب من خلال نشوء تكتلات وأحزاب جديدة بالتحالف والاندماج قادرة على خوض الانتخابات المحلية والبرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ عند إنشاء الأخير. وبهذا الخطاب يسعي رزق لضمان دعم القسم الأكبر من الأحزاب الصورية وتحييد القوي المعارضة والنخبة السياسية التي تعاني من ضعف واضح. وتقوم الصفقة علي أساس دعم التعديلات الدستورية من خلال إسالة لعاب المعارضة لكراسي ومقاعد ليس فقط في مجلس النواب ولكن من خلال إعادة تأسيس مجلس الشوري مرة أخري تحت اسم مجلس الشيوخ، وهو نفس الاجراء الذي كان يستخدمه حسني مبارك لضمان ولاء وسكوت أحزاب المعارضة فقد كان يتم تعيين رؤساء الأحزاب في هذا المجلس الهامشي وكان من أبرزهم رفعت السعيد وناجي الشهابي وآخرون وذلك إلي جانب عدد من المثقفين والنخب السياسية. كما يقترح مقال ياسر رزق العودة إلى سيناريو المنابر ثم الكتل السياسية (المعارضة الشكلية) الذي جري في عهد السادات لإخراج النظام السياسي من الحزب الواحد (الاتحاد الاشتراكي) إلي نمط التعددية المقيدة والصورية. ولا يمكن لأحزاب المعارضة أن ترفض مثل هذه الصفقة إن أثبت النظام جديته، ولم تكن مجرد خداع لتقسيم صف الأحزاب والقوي التي سترفض التعديلات الدستورية.  وقد توافرت كثير من المعلومات عن تواصل النظام مع المعارضة وأعضاء جمعية الخمسين التي شاركت في وضع دستور 2014 وذلك إلى جانب الحوار مع شخصيات من الكتاب الناصريين مثل عبد الله السناوي وخالد يوسف وعبد الحليم قنديل لتقبل التعديلات أو عدم اعلان معارضتهم لها، وذلك مقابل تهميش المعارضة الحقيقة وتغييبها، وهو ما تمثل في اعتقال المعارضين البارزين مثل: يحيى حسين عبد الهادي ومعصوم مرزوق، ونتيجة لهذه الاتصالات والمحاولات ظهرت نبرة تصالحية قابلة للتفاوض مع السلطة  لدي بعض قوي المعارضة التي كان يتوقع أن ترفض تلك التعديلات.

ثانيا، القتل المعنوي والتشهير للرافضين لهذه التعديلات، بالتزامن مع الصفقة التي طرحها النظام على القوى العلمانية، فإنه يستخدم العصا لأولئك الذين مارسوا عنادا وخروجا على أوامر وتوجهات النظام؛ ولذلك أخرجت المخابرات مقاطع جنسية فاضحة للمخرج خالد يوسف بمجرد أن عبر عن رفضه كنائب في البرلمان لهذه التعديلات وتم التشهير به على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي واتهامه بممارسة الجنس مع الفنانات الصغيرات الجميلات إذا أردات إحداهن دورا كبيرا في أحد الأعمال السينمائية، وتحدثت مواقع النظام عن 50 مقطع جنسي لخالد يوسف مع عشرات الممثلات. كما تم تسريب مكالمة هاتفية للنائب هيثم الحريري مع إحدى النساء المتزوجات؛ الأمر الذي أجبر  الأول “خالد يوسف” إلى الهروب إلى فرنسا وتقديم دعاوى تطالب بإسقاط العضوية عنه، أما الثاني “هيثم الحريري” فقد تراجع للخلف خطوات وبدأ يتقبل تمرير هذه التعديلات خوفا من نشر مزيد من الفضائح

ويتهم المعارضون المصريون ونشطاء التواصل الاجتماعي الأجهزة الأمنية بالمسؤولية عن هذه التسريبات الفاضحة للنائبين ولا يبدو توقيتها مصادفة على الإطلاق. هذه القصة تعيد إلى أذهان المصريين ما قاله حبيب العادلي، وزير الداخلية في عهد حسني مبارك أثناء محاكمته، حين دافع عن نفسه ليؤكد أن ابتزاز المعارضين المصريين بالتسريبات الجنسية يكاد يكون من ثوابت الأجهزة الأمنية. «آه كنا بنتنصت على المكالمات وهو في جهاز أمني مبيعملش كده»، آنذاك قال العادلي إنه كان يشجع رجاله على إحضار أصحاب المكالمات لتجنيدهم بمن فيهم المشاهير. وبحسب موقع “عربي بوست” نقلا عن مصادره الخاصة، فإن سلاح التشهير وفضح المعارضين قد تطور كثيراً خلال السنوات الماضية مقارنة بزمن العادلي، وأن تلك التسريبات تمت بمعرفة جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية. وأكد المصدر أن الجهاز يمتلك فيديوهات اخرى للنائب خالد يوسف نفسه لم يتقرر استعمالها بعد، فضلاً عن تسجيلات لمكالمات شخصية لكثير من الإعلاميين والساسة، وأن كثيراً منهم يحتوي على أحاديث جنسية. وقال إن قرار استخدام تلك المواد سواء عبر رجال الداخلية على الشاشات أو عبر تسريبها لصفحات تواصل اجتماعي موالية، يعتمد على طبيعة الشخصية وطبيعة الأزمة، لكنه في الأخير قرار سياسي على حد تعبير المصدر.

هذه الحملة السوداء على خالد يوسف وهيثم الحريري دفعت باقي القوى والرموز العلمانية الرافضة للتعديلات إلى التراجع خطوات وتهدئة نبرة الرفض، لكن الكاتب أشرف البربري انتقد هذه الممارسات من جانب النظام وأكد أن استباحة  خصوصية المواطنين وأسرارهم ونشر هذه الأسرار على مواقع التواصل الاجتماعي جريمة أكبر تحتم على الدولة بكل أجهزتها التحرك للوصول إلى مرتكبيها ومعاقبتهم مستدلا بنص المادة 57 من الدستور التي تقول: «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب، ولمدة محددة». إضافة إلى أن نشر الفاحشة في المجتمع أمر نهي عنه مستدلا بفتوى لدار الإفتاء. وينتهي في مقاله إلى التحذير من السماح باستمرار استباحة حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وأسرارهم مهما كانت المبررات، ليس فقط لأنه يمثل اعتداء على حق دستورى للمواطنين، وإنما لأنه يخلق حالة من الخوف والتربص المتبادل بين أبناء المجتمع، ويهدد تماسك هذا المجتمع.

الخلاصة، هناك إصرار  من النظام على إزاحة كل العقبات التي تحول دون تمرير تعديلات الدستور، وسوف يمضي زعيم الانقلاب نحو تكريس حكمه الشمولي بكل ما يملك من أدوات البطش والقمع وتطويع الدستور والقوانين والقضاء لتحقيق أهداف النظام باعتبارها أدوات تكريس للسلطة مدفوعا بحالة انتقام وحشية تجاه الإسلاميين والتنكيل كذلك بكل القوى العلمانية التي يمكن أن تقف في طريقه مدعوما بضوء أخضر من القوى الدولية في أمريكا والغرب عموما وذلك نظير القيام بوظيفته في ضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية وإجهاض أي نزعة ثورية أو توجهات جادة نحو الديمقراطية، فالمطلوب أن تبقى مصر تحت حكم عسكري استبدادي وخادما مطيعا للغرب وإسرائيل وهو ما يقوم به نظام السيسي على أكمل وجه. لكن ثمة تحذيرات تؤكد أن استمرار الأوضاع الراهنة ربما يفضي إلى انفجار كبير لا يمكن احتواؤه ولا تحمد عقباه وهو ما يضع أمريكا والأوروبيين في ورطة كبيرة نظير دعمهم للنظم العربية المستبدة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...