هجيبلك فلوس منين”.. كلمة السر في انتحار الشعب بسبب “الضائقة المالية”

مع تضاؤل الوازع الديني في نفوس الكثيرين بسبب تحجيم انشطة الدعاة المتعمد من قبل السلطات العسكرية الحاكمة واعتقال الأئمة وغلق المساجد، وطغيان الحياة المادية على ملايين الأسر، تشهد مصر تزايد وتيرة حالات الانتحار كما تزايدت المشاجرات والمشاحنات داخل ألاف الأسر؛ بسبب متطلبات المنزل واحتياجات الزوجات التي قد تدفع بعض ضعاف الإيمان إلى الانتحار.

من نماذج الانتحار ما شهدته قرية كتامه التابعة لمركز طلخا محافظة الدقهلية؛ حيث طالبت الزوجة بزيادة المصروف لكن في ظل الظروف الصعبة بسبب ضيق ذات اليد، رفض الزوج مما دعا الزوجة لترك المنزل إلى منزل أسرتها وبعد مرور فترة عادت إلى بيت زوجها مرة أخرى بعد تدخل الأهل والاصدقاء ومصالحتها مع زوجها ولم يمر عدة أيام على المصالحة حتى طلبت الزوجة مبلغا ماليا من زوجها فانهار وانطلقت منه الصيحات.. وقال لها: اللي معايا بديهولك هجيب منين.. فردت الزوجة: انا محتاجة فلوس ضروري فعلى صوته وقال: هجيب منين أنا لو بحر فلوس هيخلص.. انتهى الحديث بين الزوجين، لكن الزوجة هددت بترك المنزل فمنعها، فقالت له هموت نفسي واريحك مني، فظن أن هذا مجرد تهديد فقط، وقامت بمغافلته وتناولت أقراصا سامة تستخدم في حفظ الغلال وعندما شعر بذلك هرول وراءها عندما ساد الصمت المنزل، فدخل الحجرة وجدها فاقدة الوعي فتأكد من موتها منتحرة، فظل يصرخ ويبكي وقام بالتخلص من حياته هو أيضا بتناول أقراص سامة وذلك كله بسبب الحالة الاقتصادية.

وتبين وجود جثتين لكل من “أحمد.ا.م.ا.ا”،50 عاما، حداد، وزوجتة “أميرة”.ف.ز”،37 عاما ربة منزل، ووجود أثار رغاوي من الفم نتيجة تناول مادة سامة وبسؤال كلا من “السيد.ع.م”، 39عاما رقيب شرطة، وشقيق المتوفى، و”محمد.ف.ز”، 35 عاما شقيق المتوفاة، أقروا بوجود خلافات بين الزوجين منذ فترة إلا أنهما تدخلا اكثر من مرة للصلح بينهما، ولكنهما إختلفا قبل الحادث بعدة ساعات فتناولت الزوجة قرص سام يستخدم في حفظ الغلال للتخلص من حياتها إلا أن الزوج خشي من أن يتورط في الاتهام بقتلها فتناول هو الآخر حبة سامة وفارق الحياة.

مصر المنتحرة

وفي ظل حكم العسكر، كشف أطباء مركز السموم بالقاهرة، تزايد نسبة المنتحرين من عام إلى آخر.

وقالت إحصائية صادرة عن المركز: “إن محافظة القاهرة شهدت العام الماضي 14 ألف حالة انتحار، وأن معظم الحالات لشباب وفتيات في المرحلة العمرية ما بين 15 و25 عاماً”.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2014-09-26 11:25:41Z | | îì

ووفق الإحصائية، بلغ عدد المنتحرين الذين وصلوا إلى مركز سموم جامعة عين شمس العام الماضي عشرة آلاف و816 منتحراً يمثلون نسبة 40% من الحالات المرضية التي يستقبلها المستشفى بشكل عام.

ونقلت مواقع إخبارية تابعة لسلطة الانقلاب، أن النساء شكلن النسبة الأكبر، حيث كانت هناك 7118 سيدة منتحرة مقابل 3689 حالة من الرجال، وكانت غالبية الحالات للفئات العمرية ما بين الـ 15 و25 عامًا؛ حيث بلغ عدد الرجال المنتحرين في هذه المرحلة العمرية 2217 حالة مقابل 4939 سيدة ، ما نسبته 66.6% من إجمالي عدد المنتحرين.

فيما سُجلت ثاني أعلى نسبة من المنتحرين في المرحلة العمرية من 25 إلى 40 عاما، وبلغ عدد المنتحرين من الرجال في هذه المرحلة 1503، بينما بلغ عدد النساء المنتحرات 1692، أي ما نسبته 27% من إجمالي المنتحرين.

وجاءت المرتبة الثالثة للمنتحرين ممثلة في الفئة العمرية من 7 إلى 17 عاما؛ حيث شكلت عدد البنات المنتحرات في هذه المرحلة ثلاث أضعاف الفتيان.

يشار الى أن أبشع حالات الانتحار التي يقوم بفحصها الطبيب الشرعي هي الانتحار المزدوج بمعنى أن ينتحر الشخص بطريقتين، كأن يقوم بقطع شرايين يده ثم يشنق نفسه، أو يطلق النار على نفسه أو يشعل النار في نفسه.

أما النسبة الأكبر في حالات الانتحار فتكون في شهر رمضان وموسم دخول المدارس؛ نظرا للمتطلبات المادية الكبيرة التي تحتاجها الأسرة، وكذلك أشهر الامتحانات وظهور النتائج حيث يقدم بعض الطلبة على الانتحار بسبب رسوبهم .

ننشر جزءًا من نشرة الحوادث الانقلابية التي شهدتها مصر أواخر فبراير الماضي ومطلع مارس الجاري:

– انتحار فني لمروره بضائقة مالية

شهدت مصر في الأيام الأخيرة من فبراير وبدايات مارس الجارى حالات انتحار : حيث أقدم فني هندسي بمستشفي الصدر بالفيوم، بالانتحار بمنزله بمنطقة دار الرماد التابعة لقسم أول الفيوم، بتناوله قرصا لمكافحة تسوس القمح، لمروره بضائقة مالية ليلقى مصرعه على الفور.

تبين أن “سمير إ و “(55 سنة ـ فني هندسي بمستشفي الصدر ـ ومقيم دار الرماد ـ قسم أول الفيوم) تخلص من حياته لمروره بضائقة مالية بتناول قرص مكافحة سوس القمح.

وبسؤال زوجته وشقيقه علل تناول المتوفى قرص مكافحة تسوس القمح للتخلص من حياته نتيجة مروره بضائقة مالية، ولم يتهما أحدا بالتسبب في وفاته.

– انتحار فلاح شنقا لمروره بأزمة مالية

أفاد بلاغ من مستشفى المنزلة بوصول محمود محمد عبد الوهاب النقيب 30 عاما فلاح من ناحية الشبول مصابا بحالة تسمم إثر تناول قرص غلة سام ولفظ أنفاسه فور وصوله .وبالانتقال لمكان البلاغ تبين أنه كان يمر بحالة نفسية سيئة بسبب مروره بأزمة مالية مما ادى الى قيامه بالانتحار .

-انتحار مندوبة مبيعات

وطالت الأزمة مندوبة مبيعات بعد قيامها بإلقاء نفسها من الطابق السابع في مدينة حلوان، بسبب خلافات زوجية.

كان إخطار من الأهالي بشارع عبد الرحمن تقاطع ثابت، دائرة القسم، مفاده مصرع ربة منزل إثر سقوطها من الطابق السابع، وبالانتقال والفحص تبين قيام دينا أشرف موسى، 26 سنة، مندوبة مبيعات بشركة دارك للاستثمار العقاري، بالانتحار عن طريق القفز من بلكونة مسكنها بالطابق السابع، بسبب خلافات زوجية.

وبسؤال الزوج ويدعى “باسم محمد علي”، 30 سنة، صاحب كافيه بشارع عبد الرحمن، أقر بقيام زوجته بإلقاء نفسها بسبب خلافات مادية وطلبها المستمر بتغيير عمله.

-انتحار سيدة بسبب الاكتئاب

ولم تجد سيدة وسيلة للتخلص من مشاكلها الزوجية سوى الانتحار بإلقاء نفسها من شقتها بمدينة السلام.

كان قسم شرطة السلام أول قد تلقى بلاغا بسقوط سيدة من الطابق الخامس بدائرة القسم ، لتسقط غارقة فى دمائها وتلقى مصرعها.

-انتحار سائق شنقا بسبب أزمة مالية

وتوالت الكوارث على المصريين، حيث انتحر سائق بقرية الدلجمون التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية،شنقا داخل منزله لمروره بأزمة نفسية.تبين من التحريات أن السائق شنق نفسه داخل منزله، بسبب مروره بأزمة مالية ونفسية.

تحت خط الفقر

ويحذر خبراء الاجتماع وعلم النفس من ارتفاع وتيرة الانتحار في البلاد. في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد وتفاقم الأعباء المالية على الأسر المصرية، ولا سيّما أنّ 45 في المائة من الأسر تعيش تحت خط الفقر.

ويواجه المواطن أزمة حقيقية بسبب زيادة معدلات الفقر والبطالة، وسط ارتفاع كبير في الأسعار وخاصة المواد الغذائية والمعيشية، وفقًا لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد بلغت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 27,8% ، وفي عام 2017 ذكر الجهاز أيضًا أن 27% من سكان مصر لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، ويقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر وفق الإحصائيات الرسمية للعام قبل الماضي، وأن متوسط دخل الأسرة المصرية يبلغ 45 ألف جنيه سنويًّا، بينما متوسط دخلهم الشهري 3750 جنيهًا، تزامنًا مع ذلك زيادة مرتفعة للأسعار ومعدل التضخم السنوي بنسبة 12,9% في مايو الماضي، كما ارتفعت الأسعار إلى 188,9 نقطة مقابل 182,8 نقطة خلال أبريل الماضي.

تضخم البطالة

وأوضح الجهاز أن نسبة الأسر التي تحصل على دخلها من العمل تبلغ 70,4 %، بينما تبلغ نسبة الأسر التي تعتمد في دخلها على التحويلات الخارجية 16,7 %، أما الأسر التي تعتمد في دخلها على القيمة الإيجارية التقديرية للمسكن فتبلغ 10,4 %، بينما تبلغ نسبة الأسر التي تعتمد في دخلها على الممتلكات 2 %، وذكر الجهاز أن 81,8% من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجتماعية، وأن 8,7% فقط من الفقراء مشتركون في التأمينات الاجتماعية، ونسبة المستفيدين من التأمينات الاجتماعية من الفقراء تبلغ 8,9%.

وأكد التقرير الإحصائي أن قيمة متوسط خط الفقر المتوقع للفرد في الشهر لا تتجاوز 322 جنيهًا ، بينما وصلت قيمة متوسط خط الفقر الكلي للسكان 482 جنيهًا شهريًّا، ويقول الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء :” إن معدل البطالة في مصر وصل إلى 12,5 % خلال الربع الثاني من العام الجاري، فيما توقع صندوق النقد الدولي وصول معدل البطالة إلى 12,3% في نهاية 2017، ليقل في 2018 إلى 11,3%، ثم يستمر في الانخفاض حتى 2019 ليصل إلى 9,9%، ثم يقل إلى 8,4% في 2020، ليصل في 2021 إلى 6,7% “.

مسئولية العسكر

المقدم على إيذاء نفسه يكون في حالة من الفقدان التام للأمل ولا يرى حلولا للألم الذي يشعر به سوى الهروب بإنهاء حياته، هكذا تلخص أستاذة الطب النفسي بكلية طب قصر العيني الدكتورة سحر طلعت مشاعر ما قبل الانتحار.

وقالت فى تصريح لها إن هناك أمراضا نفسية كثيرة تصاحبها أفكار وسلوكيات انتحارية، أشهرها ما يعرف باضطراب الشخصية الحدية والاكتئاب الجسيم والحالة المادية .

من جانبه رأى الناشط الحقوقي عمرو عبد الهادي أن النظام العسكرى الحاكم يتحمل المسؤولية الكبرى عن ارتفاع معدلات الانتحار .

وقال إن السياسات الاقتصادية للدولة زادت من الأعباء اليومية للمواطنين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما أدى لانتشار الجريمة وتنامي ظاهرة الانتحار.

وتابع “أي نظام يسلب من الشعوب الأمل في غد أفضل تكون النتيجة تحول الناس لمجرمين أو إرهابيين أو مكتئبين ومن ثم يقدمون على الانتحار”.

ومواجهة ظاهرة ارتفاع معدلات الانتحار تحتاج، وفق عبد الهادي، لتوفير فرص عمل لملايين العاطلين وزيادة رواتب الموظفين وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير بيئة نظيفة.

فى حين يقول أستاذ الطب النفسي في جامعة الفيوم، الدكتور الحملاوي صالح، إنّ “للانتحار أسبابًا متعددة، تختلف ما بين نفسية واجتماعية واقتصادية. ويلجأ البعض إلى التخلص من حياته بأيّ وسيلة تكون بمتناوله، وذلك في لحظة يأس، بعيداً عن عيون المجتمع”. ويوضح أنّ “نسب الاكتئاب ارتفعت في المحافظات المصرية”، مطالباً “كل المنظمات الحكومية وغير الحكومية، بوضع حدّ لعمليات الانتحار التي صارت ظاهرة خطرة ووحشًا يهدد المجتمع المصري”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...