تقارير حقوقية تطالب بتعليق عقوبة الإعدام فورًا

بعد تصعيد نظام الانقلاب ضد الأبرياء في سجون ومعتقلات العسكر، وحالة السعار التي أصابت قضاء الانقلاب بإصدار عشرات بل مئات أحكام الإعدام، التي تم تنفيذ عدد كبير منها خلال الشهور الماضية، وآخرها إعدام تسعة شباب في قضية اغتيال النائب العام، أصدرت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” ومركز “عدالة للحقوق والحريات”، أمس الثلاثاء، تقريرًا مشتركًا بعنوان “باسم الشعب”؛ لرصد عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2018، وتوثيق أحكام الإعدام.

وقدم التقرير تحليلًا لأنماط استخدام الإعدام في المحاكم المصرية باعتبارها العقوبة القصوى في القانون الجنائي، والوحيدة التي لا يمكن التراجع عنها بعد تنفيذها.

وكشف التقرير الذي جاء في فصلين، الأحكام الصادرة بالإعدام خلال 2018، والانتهاكات التي تَعرَّض لها بعض المعتقلين المحكوم عليهم بالإعدام أثناء سير القضايا، وأيضًا الانتهاكات خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ، والتي تلقي بكثيرٍ من الشكوك على سلامة التحقيقات وإجراءات التقاضي.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن التقرير في فصله الأول، تفاصيل 3 قضايا قامت محكمة النقض بتأييد أحكام الإعدام الصادرة فيها، و5 قضايا تم الحكم فيها بعقوبة الإعدام في محاكم الجنايات المدنية، بالإضافة إلى قضية واحدة قامت المحكمة العليا للطعون العسكرية بتأييد أحكام الإعدام الصادرة ضد مدنيين فيها.

6 أنواع

ورصد الفصل الثاني أنماط الانتهاكات التي تم تقسيمها إلى 6 أنواع، وهي الاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة، وانتهاك الحق في الدفاع، والاعتماد على تحريات مجهولة المصدر، وتصوير ونشر اعترافات للمتهمين قبل وأثناء مراحل المحاكمة، وحتى عقب صدور حكم الإعدام، ثم عرض الانتهاكات التي تعرض لها 65 مدانا خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ.

وأشار إلى تنفيذ حكم الإعدام في 15 متهما خلال شهر فبراير الماضي، في 3 قضايا، وقبول التماس اثنين من المعتقلين في قضية عسكرية، كما نوه بأن هناك توسعًا ملحوظًا في استخدام عقوبة الإعدام منذ 2017، إذ تزايدت وتيرة أحكام الإعدام فيما يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي، ولكن الزيادة كانت ملحوظة في القضايا الجنائية غير المرتبطة بجرائم الإرهاب والجنايات المضرة بالأمن مقارنة بعام 2017.

وأوصى التقرير، بتعليق العمل فورًا بعقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة، إلى حين فتح نقاش مجتمعي حول إلغاء العقوبة بشكل كامل، وذلك وفقًا لما اقترحته حكومة الانقلاب نفسها أثناء التصويت على القرار المتعلق بالعقوبة في جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين، والتوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.

اتفاقية مناهضة التعذيب

كما أوصى بالتوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأوصى الحكومة المصرية بالوفاء بالتزامها تجاه اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها، والتي تنص المادة الثانية منها على أن “تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي”، بجانب التوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

وطالب التقرير برلمان العسكر، بإعادة النظر في قوانين العقوبات والإرهاب والأحكام العسكرية والمخدرات لتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، بحيث لا توقّع تلك العقوبة إلا في الجرائم الأشد خطرًا وفي أضيق نطاق، مع تعديل قانون المنشآت الحيوية بحيث لا يُحال المدنيون المتهمون بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو إلى المحاكم العسكرية.

كما طالب بإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية من أجل سد الثغرات التي تخل بحقوق المتهم وحق الدفاع، وليصبح متسقًا مع نصوص الدستور ، وتعديل المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية التي تعطي للمحقق الحق في أن يبدأ التحقيق بسرعة وبدون محامٍ في حالات التلبس وحالة الخوف من ضياع الأدلة، وأن يحصل المعتقل الذي يواجه تهمًا تصل عقوبتها إلى الإعدام على محامٍ كفء وعلى حقه في اختيار المحامي.

فبركة التحريات

وحذرت التقارير الصادرة من “عدالة” ومن “المبادرة المصرية” من عدم الاعتماد في حكمها على أقوال التحريات إلا إذا كانت مشفوعة بالأدلة والبراهين التي لا تحتمل شكًّا، وألا تعتمد على مجرد تحريات مكتبية، وأن تلتزم جهات التحقيق بعرض المعتقلين على الطب الشرعي فور تصريحهم بتعرضهم للتعذيب أو تَبين وجود أي إصابات بهم عند مناظرتهم، وفتح تحقيق جدي وسريع مع القائمين على ذلك، وكذلك التحقيق في أقوال المعتقلين بتعرضهم للاختفاء القسري والاحتجاز غير القانوني.

وطالبتا كذلك بإعادة نشر وإتاحة التقارير السنوية لدار الإفتاء، بخصوص الآراء التي يبديها مفتي الجمهورية في قضايا الإعدام، والتي توقفت عن نشرها منذ عام 2012، كما طالبتا وزارة الداخلية بالتوقف عن نشر مقاطع فيديو للمعتقلين أثناء فترات التحقيق، ما يمثل انتهاكًا أساسيًّا للحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة إلى أن يثبت عكس ذلك.

عوار قانوني

ومن أبرز القضايا التي حكمت فيها دوائر الإرهاب بالإعدام، ومثلت عوارا قانونيا فاضحا، أدى لهجوم منظمات حقوقية ودولية على هذه المحاكمات، قضية اغتيال النائب العام، التي راح ضحيتها 9 شباب تم إعدامهم في فبراير 2019، حيث شهدت المحاكمات في هذه القضية الكثير من العوار ولم تتوافر بها ضمانات المحاكمة العادلة، بداية من عدم السماح لهيئة الدفاع بالحصول على حقوق المعتقلين على ذمة القضية كاملة، ومرورًا بتعسف رئيس الدائرة وعدم التحقيق في وقائع الإخفاء القسري.

وتم تأييد حكم الإعدام يوم 25 نوفمبر الماضي، ضد 9 معتقلين في قضية اغتيال النائب العام السابق المستشار “هشام بركات”، على الأحكام الصادرة بحقهم بالإعدام، ليصبح بذلك الحكم الصادر ضدهم نهائيا بَاتا لا يجوز الطعن عليه مرة أخرى، وتم إعدامهم صباح يوم الأربعاء في الأسبوع الأخير من شهر فبراير 2019.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد، حكمها في القضية يوليو 2017، غيابيًا وحضوريًا، بالإعدام شنقًا لـ28 معتقلا، والسجن المؤبد لـ 15 آخرين، والسجن المشدد 15 سنة ضد 8، والمشدد 10 سنوات لـ15، فطعن الحاضرون على الحكم أمام محكمة النقض.

وتقدم محامو الشباب الذين تم إعدامهم، في وقت سابق باستشكال لوقف تنفيذ حكم الإعدام، وكان من المفترض دستوريًّا وقف التنفيذ لحين النظر فيه.

نقطة الضعف

وكانت نقطة الضعف الأبرز في هذه المحاكمة، عمليات التعذيب التي أدلى بها الشباب في المحاكمة، رغم أنه تم تسويق أخبار منذ فترة بأن المخطط والمنفذ لعملية اغتيال النائب العام هو ضابط سابق بالصاعقة، هو هشام عشماوي، ونشر الإعلامي الانقلابي أحمد موسى صورة شخصية وفيديو من داخل منزل “عشماوي” يؤكد المخطط والمنفذ للعملية.

كما سبق وتم تلفيق تهمة تنفيذ عملية اغتيال هشام بركات لتسعة قيادات إخوانية جرى تصفيتهم بعد ساعات من عملية الاغتيال، بمدينة السادس من أكتوبر، ومن بينهم المحامي المعروف ناصر الحافي.

إلا أنه تم تلفيق اغتيال النائب العام بعدها للشباب الذين تم إعدامهم، رغم كونهم مجموعة من طلاب جامعة الأزهر صغيري السن، فضلا عن تدوينة نسبت لمروة هشام بركات على صفحتها، قالت فيها إن الطلاب لم يغتالوا والدها.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...