خوفًا من سيناريوهين مرعبين.. «استفتاء ترقيعات الدستور» على ثلاثة أيام

أفادت تقارير إعلامية بأنَّ نظام الانقلاب قرر إجراء استفتاء “ترقيعات الدستور” على مدار 3 أيام، وهو ما يأتي في سياق خشية النظام العسكري من سيناريوهين مرعبين: الأول هو العزوف الواسع المتوقع من جانب الشعب، والثاني هو محاولة درءٍ لسيناريو مقابل وهو حشد المعارضة للمواطنين نحو المشاركة بلا، وهو ما تسعى أجهزة السيسي الأمنية من أجل مواجهته من الآن ووضع السيناريوهات الكفيلة بتمرير التعديلات وإخراجها في صورة مقبولة تحفظ ماء وجه النظام أمام المجتمع الدولي، على عكس ما جرى في مسرحية الرئاسة في مارس 2018م.

وتأتي مساعي الأجهزة الأمنية للنظام في إطار تصميمه على تمرير التعديلات الدستورية المشبوهة، والتي تفضي إلى تأبيد زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي في السلطة ومنحه صلاحيات فرعونية مطلقة.

وفي تقرير بعنوان «حشد لاستفتاء السيسي: ثلاثة أيام للاقتراع تحسبًا للمفاجآت»، تنقل صحيفة العربي الجديد، التي تصدر من لندن، عن مصادر قضائية في الهيئة الوطنية للانتخابات، أن دوائر أمنية مقربة من زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وعلى رأسها جهاز المخابرات العامة والأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية، ترغب في إجراء الاستفتاء المرتقب على مدار ثلاثة أيام وليس يومين فقط.

وتأتي هذه التوجهات في ظل تأكيدات تفيد بأن البرلمان سينتهي من الموافقة على التعديلات  الدستورية يوم 17 إبريل الجاري، لكن تعدد أيام العطلات بعد ذلك الموعد وبداية شهر رمضان  في الأسبوع الأول من مايو تضع النظام في ورطة، ويعقد الجدول الزمني للاستفتاء.

بحسب هذه المصادر، فإن الهيئة الوطنية للانتخابات كانت قد أعدت ثلاثة تصورات لجداول زمنية مختلفة، كانت قائمة على إجراء الاستفتاء خلال يومين، لكن الأجهزة الأمنية اعترضت على ذلك وفرضت تصوراتها بضرورة إجرائه على ثلاثة أيام، حتى تتدارك هذه الأجهزة أي مشاكل قد تحدث نتيجة الحشود المعارضة للتعديلات. لكن الأرجح من جانبنا أن الأجهزة تخشى من العزوف الجماهيري الواسع عن المشاركة، ولذلك تريد أن تمنح نفسها فرصة تدارك الأمر وحشد مؤسسات الدولة لحشد الموظفين وأنصار النظام وتسويق حشود مفتعلة، كما جرت العادة في كل المسرحيات السابقة بعد انقلاب 03 يوليو 2013م.

ورطة الإجازات

وبناءً على هذه التعليمات الجديدة من جانب الأجهزة الأمنية، تواجه الهيئة الوطنية للانتخابات مشكلة؛ نظرًا لازدحام الفترة المتاحة للاستفتاء بالمناسبات الدينية المسيحية والعطلات الرسمية، كعيد القيامة وعيد تحرير سيناء وشمّ النسيم وعيد العمال، بالإضافة إلى أيام الجمعة والسبت.

وبالتالي بات في حكم المؤكّد عدم المساواة بين أيام الاستفتاء للمصريين في الخارج والداخل، مرجحةً فتح السفارات للاقتراع ليوم واحد أو يومين كحد أقصى، من بينهما السبت 20 إبريل، ثمّ البدء مباشرة في الأيام الثلاثة المخصصة لاقتراع الداخل خلال الأسبوع الرابع من إبريل.

وما زالت الأجهزة تفاضل بين أن يبدأ الاقتراع يوم الأحد 21 أو الإثنين 22 من إبريل، على أن تنتهي الإجراءات قبل عيد تحرير سيناء في 25 إبريل، ليتم إعلان نتيجة الاستفتاء في هذا اليوم أو يوم الجمعة في 26 إبريل على أقصى تقدير.

تفسيران

وهناك تفسيران لهذه التوجهات من جانب النظام: الأول أنها تأتي في إطار الخوف من حشود التصويت بلا على التعديلات الدستورية، مستدلين على ذلك بأنها تأتي بعدما انتشرت مؤخرا دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتحفيز المواطنين، خصوصا الشباب، للمشاركة في الاستفتاء والتصويت برفض التعديلات الدستورية، وعدم إبطال الصوت أو المقاطعة.

كما يستدلون ثانيًا على صحة تفسيرهم بأن حملات الاعتقالات التي شنتها أجهزة النظام، مطلع شهر إبريل الحالي، في أوساط شباب ونشطاء الأحزاب والتيارات غير الدينية، كانت تستهدف بشكل أساسي شبابًا أسهموا في نشر هذه الدعوات للمشاركة ورفض التعديلات وعدم المقاطعة.

لكن أصحاب التفسير الثاني يذهبون إلى أن الهدف من إجراء الاستفتاء على ثلاثة أيام هو تدارك العزوف الشعبي الواسع والمقاطعة الواسعة لهذا الاستفتاء المشبوه؛ مستدلين على ذلك بعدة شواهد:

أولًا: أن المصريين فوجئوا صباح أمس الثلاثاء بانتشار واسع للوحات إعلانية في مناطق مختلفة من القاهرة والجيزة تحمل عناوين “انزل وشارك.. قول رأيك” غير منسوبة لأي جهة حكومية، ما يعني أن النظام يستهدف مجرد المشاركة والحشود؛ لأن النتيجة محسومة بالفعل بتمرير هذه التعديلات، والنظام يحتاج فقط إلى اللقطة التي يسوقها للعالم من أجل تبرير إقرار هذه التعديلات.

ثانيا: أن الأحزاب والقوى غير الإسلامية من الضعف والهشاشة ما لا يمكّنها من مواجهة النظام، ولا تملك القدرة ولا الأدوات التي تمكّنها من حشد الجماهير للتصويت بلا أو حتى بنعم؛ ولذلك فإن النظام يخشى أساسًا من العزوف الشعبي الواسع لأربعة أسباب:

1) الأول هو مقاطعة القوى والأحزاب الإسلامية لهذا الاستفتاء المشبوه، باعتباره إجراءً غير شرعي من نظام غير شرعي، وهم يمثلون القوى السياسية الأكبر في البلاد، والتي كانت تملك قدرات عالية في الحشد الانتخابي.

2) والثاني أن الشعب فقد الثقة في أي استحقاقات بعد انقلاب 3 يوليو 2013م، وهو ما ظهر في المسرحيات السابقة، وآخرها مسرحية الرئاسة 2018م، والتي بدت فيها اللجان خاوية على عروشها إلا من حشود مفتعلة للتسويق الإعلامي.

3) والثالث أن نتيجة الاستفتاء محسومة بالفعل، وهو ما يدفع الجماهير لعدم المشاركة؛ لإيمانها بعدم جدواها، وأن أصواتها بلا قيمة وهو سيناريو مرعب للنظام، ولذلك أعلن السيسي قرارات رفع الأجور والمعاشات رغم أنها ستطبق من يوليو المقبل كرشوة من أجل دفع جماهير نحو المشاركة في هذه التعديلات المشبوهة.

4) الرابع أن النظام هو من يشرف على هذا الاستفتاء الصوري من الألف إلى الياء، ولا وجود للمعارضة في اللجان أو الفرز أو غيره، وبذلك حتى لو جاءت النتائج عكس ما يرغب فيه النظام فإن الأوراق سيتم “تستيفها”، وستعلن النتيجة بقبول هذه التعديلات بنسبة لا تقل عن 80%.

تجنيد الجمعيات الأهلية

وبدأ النظام فعليًّا حملات الدعاية لهذه الترقيعات من خلال أمرين:

الأول: دفع الأحزاب الموالية للنظام، وعلى رأسها “مستقبل وطن” الذي تأسس في دهاليز المخابرات، لتنظيم حملات دعاية لحشد المواطنين والتصويت بنعم، ممولة من النواب والتجار ورجال الأعمال الفسدة الطامعين في دور سياسي خلال المرحلة المقبلة.

وكانت صحيفة “المشهد”- التي قرّر المجلس المصري الأعلى للإعلام برئاسة الصحفي الموالي للسيسي مكرم محمد أحمد حجب موقعها الإلكتروني وتغريمها 50 ألف جنيه- قد نشرت قبل معاقبتها بأيام، تقريرًا عن فرض “إتاوات انتخابية” على صغار التجار بواسطة الشرطة، وإعطائهم وصولات تفيد بتبرعهم للترويج للاستفتاء، مع تهديدهم بتحريك قضايا ضريبية وتجارية ضدهم في حال الامتناع.

الثاني: تجنيد الجمعيات الأهلية للمشاركة في الحملة الدعائية، حيث تتواصل المخابرات  العامة مع الجمعيات الأهلية وكبار رجال الأعمال لجلب تمويل للحملة الدعائية وحقائب وصناديق الأغذية التي ستوزع على البسطاء قبل الاستفتاء، في حين يتولى الأمن الوطني بالتنسيق مع المباحث العامة، التنسيق المالي على مستوى الشارع العادي والتجار الأصغر.

وبحسب “العربي الجديد”، فإنّ الجمعيات والمبادرات الأهلية الكبرى، مثل “مصر الخير” و”الأورمان” و”صناع الحياة”، قدّمت مواعيد جمع التبرعات وتوزيع حقائب المواد الغذائية إلى ما قبل الاستفتاء للمرة الأولى؛ استغلالاً لقرب موعده من شهر رمضان، وحاجة المواطنين الماسة للغذاء والكساء قبل موسم الصيام والأعياد، وذلك بتعليمات مباشرة من الاستخبارات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...