قاموس السيسي.. القتل خارج القانون يُسمى “العدالة الناجزة”!

“إن أردت استجوابًا جادًّا فإنك ترسل السجين إلى الأردن، وإن أردت تعذيبه فعليك إرساله إلى سوريا؛ أما إن أردت أن يختفي شخص ما فلا يراه أحد مطلقًا بعد ذلك فإنك ترسله إلى مصر”.. هكذا لخص روبرت باير، المسئول السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في عهد المخلوع مبارك، أما الآن فإن الأمر ازداد سوءًا، وبات الاغتيال خارج إطار القانون منهجية ثابتة لأجهزة جنرال إسرائيل السفيه السيسي؛ فقد تجاوزت مرحلة الاختفاء القسري إلى مرحلة القتل دون تحقيقات أو محاكمات.

ورحّب حقوقيون وسياسيون بتحقيق لوكالة الأنباء العالمية “رويترز”، بشأن قتل جنرالات العسكر معارضين للانقلاب خارج إطار القانون من قبل أجهزة الأمن، وهو ما أثار ردود فعل واسعة. وعلى خطى الفضيحة قال مراقبون إن التقرير يعزز التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ويدحض مزاعم العسكر بأن الضحايا قتلوا في “اشتباكات” إرهابية.

وينتهج جنرال إسرائيل السفيه السيسي القتل خارج القانون، تحت مسمى “العدالة الناجزة”، وأظهر تحليل أجرته “رويترز” مؤخرًا لبيانات وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب، أن نحو 465 شخصًا قُتلوا على يد قوات الأمن منذ منتصف 2015 وحتى نهاية 2018، وأنه لم يبق على قيد الحياة سوى ستة فقط من المشتبه بهم من بين 471 رجلا في 108 وقائع، أي أن نسبة القتلى فيها بلغت 98.7%.

قُتلوا بدم بارد

وكان أغلب القتلى في العشرينيات من العمر، وأصغرهم عمره 16 عامًا، وأكبرهم سنًا عمره 61 عامًا، ووصفت وزارة الداخلية 320 من القتلى بأنهم “إرهابيون” و28 بأنهم مجرمون أو تجار مخدرات، ولا توجد إحصاءات رسمية أو دقيقة عن أعداد القتلى خارج إطار القانون منذ انقلاب يوليو 2013؛ لغياب البيانات والمعلومات، والتضييق على العمل الحقوقي، ومنع الحقوقيين من جمع المعلومات وملاحقتهم، وغلق مراكزهم الحقوقية.

إلا أن مركز الشهاب لحقوق الإنسان، ومركز عدالة لحقوق الإنسان، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، قدرت أعداد ضحايا جرائم القتل التعسفي خارج نطاق القضاء، حتى منتصف العام الماضي بنحو 2600 شهيد. وأكد الباحث الحقوقي في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أحمد العطار، أن “هناك مئات الحالات التي قتلت بيد قوات الأمن وهم بحوزتهم، ثم زعموا مقتلهم في اشتباكات مباشرة بالأسلحة، وقمنا بتوثيق عشرات الحالات التي تم التخلص منها بالطريقة نفسها”.

وأضاف العطار، في تصريح صحفي، أن “تحليل وكالة رويترز يفند بالطبع مزاعم السلطات، ويؤكد صحة التقارير الحقوقية التي تحدثت عن هذا النوع من الجرائم ضد الإنسانية، بحق معارضين معتقلين في يدهم، وقتلهم بدم بارد ثمنًا لإخفاقات قوات الأمن بعد كل عملية مسلحة هنا أو هناك”.

وأوضح أن “الأمن الوطني يلجأ إلى ما بات يُعرف بالاختفاء بعد الإفراج من أجل استخدامهم كضحايا مستقبليين، كما حدث مع الشاب أحمد يسري الذي كان قد اعتقل وتم إخلاء سبيله بقرار من المحكمة، وعند ترحيله لقسم الشرطة تمهيدا للإفراج عنه، فإذا بزوجته تتعرف عليه من ملابسه ضمن الأشخاص الذين أعلنت وزارة الداخلية عن تصفيتهم بزعم قيامهم بعمليات إرهابية، ولم تعلن عن اسمه ولم تسلم جثمانه حتى الآن”.

عصابة ترامب

وتؤكد أسرة أحد الضحايا، ويدعى أشرف القزاز، “أنه قتل داخل شقة شقيقته بمنطقة كرداسة بالجيزة، في أكتوبر 2016، بعد اقتحام قوات الأمن للمنزل، وطرد الأسرة، ومحاصرة الشوارع المجاورة”، وأضافت أن “قوات الأمن احتجزت أشرف لمدة أربع ساعات داخل الشقة منذ الخامسة فجرًا وحتى التاسعة صباحًا، تعرض خلالها لضرب مبرح، وتعذيب شديد بالكهرباء، والضرب بأدوات حادة، ثم رموه بأربع رصاصات في جسمه، ثم نقلوه في سيارة إسعاف إلى مشرحة زينهم بالقاهرة، وتعنتوا في تسليم جثمانه حتى الساعة الثامنة مساء من اليوم نفسه”.

فيما يقول بيان كاذب للداخلية، إنه “توافرت معلومات لقطاع الأمن الوطني تفيد بتردد الجهادي الهارب أشرف إدريس القزاز، المحكوم عليه بالإعدام في قضية اقتحام وحرق مركز شرطة كرداسة، وقتل والتمثيل بجثث عدد من ضباط وأفراد المركز، على منزل شقيقته، حيث تم إعداد الأكمنة اللازمة واستهدافه فجر اليوم، بعد تبادل لإطلاق النار في أثناء مداهمة القوات الأمنية لمخبئه”.

وبعكس أوباما الذي دأب على انتقاد أوضاع حقوق الإنسان في مصر، فإن ترامب احتضن السفيه السيسي، ودعاه إلى البيت الأبيض، وهو أمر لم يفعله أوباما أبدا، واعتُبرت رحلة ترامب الى السعودية أنها ترسيخ لعلاقة جديدة تركز على مكافحة الإرهاب، كما اعتبرت كذلك تشجيعًا للطغاة العرب، وأوصلت لهم رسالة مفادها أن أي انتهاكات يقومون بها ضد شعوبهم ستكون مقبولة لدى إدارة ترامب، وبذلك مُنح السفيه السيسي الضوء الأخضر الأمريكي حتى يفعل بالمصريين ما يشاء.

وبناء على هذه التفاهمات التي تستهدف بالأساس ضمان بقاء واستمرار السفيه السيسي للقيام بالمهام الوظيفية المحددة له محليا وإقليميا ودوليا كوكيل لقوى دولية وإقليمية نافذة؛ فقد ارتفعت وتيرة القتل خارج القانون في مصر على يد قوات الأمن التابعة لجنرال إسرائيل السفيه السيسي، وفق إحصاءات بيانات وزارة الداخلية عن أعداد القتلى تحت مزاعم “تصفية إرهابيين”، وبلغت حصيلة القتل خارج القانون في عام 2018 نحو 225 قتيلا مقارنة بنحو 177 قتيلا في عام 2017، توزعوا على محافظة شمال سيناء والقاهرة والجيزة والصعيد والدلتا.

ويؤكد مراقبون أن هذه السياسة تغذي نزعات الثأر والانتقام عند المواطنين عموما، وتدفعهم لتجاوز القانون وأخذ حقوقهم بأيديهم، وبذلك نصبح أمام صناعة حكومية للإرهاب الذي ستنتشر نيرانه لتحرق الجميع، كما أن السفيه السيسي نفسه هو من بث الروح في أفكار التنظيمات المسلحة بانقلابه على الديمقراطية وسد أي نوافذ سلمية للتداول السلمي للسلطة، فقد فاز الإخوان بثقة الشعب فماذا جرى بعد ذلك؟ تم الانقلاب على كل المؤسسات المنتخبة وقُتل واعتُقل عشرات الآلاف من أنصار الحزب الحاكم، وهي رسالة مفادها أن الحكم في مصر يقوم على  صناديق السلاح لا صناديق الانتخابات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...