بعد الإطاحة بـ”بوتفليقة والبشير”.. السيسي مرعوب من تعديلات الدستور!

قالت صحيفة لوموند الفرنسية، إن نظام السيسي- الذي جاء عبر انقلاب عسكري عام 2013- يبدي قلقًا من تجدد الاحتجاجات في العالم العربي، خاصة في السودان البلد المجاور لمصر.

وقال الكاتب بالصحيفة “بنيامين بارت”، في مقاله اليوم: إن عبد الفتاح السيسي ظهر في بداية مارس الماضي عصبيًّا إلى حد ما، محذرًا شعبه من أولئك الذين يتحدثون عن الوضع الاقتصادي لبلادهم والظروف المعيشية لأهلها.

وزعم السيسي أن “الناس في هذه الدول، التي لم يسمّها، تضيع بلدها، لأن كل هذا الكلام (الاحتجاجات والمظاهرات) له ثمن، ومن سيدفع الثمن هو الشعب والأولاد الصغار”، على حد تعبير “المشير-الرئيس”، كما وصفه بارت.

ولفت الكاتب إلى أن هذا الحديث سلط الضوء على الإحراج الذي تعانيه حكومة السيسي في مواجهة التمرد المتجدد في العالم العربي، خاصة في السودان المجاور، الذي تشترك معه مصر في حدود طولها 1300 كم.

وأضاف أن القاهرة أكدت يوم الخميس 11 أبريل، بعد الإعلان عن الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير مباشرة، أنها تدعم بالكامل خيارات الشعب السوداني.

غير أن الكاتب لاحظ أن هذا البيان لا يمكن أن يخفي حقيقة كون أحداث الخرطوم والجزائر ضربة قوية للخطاب السيساوي المتحمس لـ”الاستقرار الاستبدادي”.

ونبه “بارت” إلى أن نظام السيسي يصور، منذ الانقلاب الذي نفذه عام 2013 وزج بعده بما يقارب ستين ألف شخص في السجون، كل انتفاضة بالمنطقة على أنها عمليات لزعزعة الاستقرار تحركها أياد أجنبية.

وضع غير مريح

وأبرز أن إحراج السلطات المصرية تعاظم؛ لتزامن هذه الأحداث مع استعداد السيسي لتغيير الدستور، بغية البقاء في منصبه حتى عام 2034.

ونقل بارت في هذا الصدد عن الرئيس السابق لحزب الدستور، خالد داوود، قوله: إن صدى الوضع في السودان حيث ظل البشير في السلطة منذ عام 1989، وصداه في الجزائر حيث كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يتطلع إلى ولاية خامسة، يتردد في آذان الجميع، وهو ما جعل النظام المصري، حسب داوود، في وضع غير مريح.

وبدأ علي عبد العال، اليوم، جلسات إقرار التعديلات الدستورية بمجلس نواب العسكر، لكي يعلن عن طرحه للاستفتاء خلال أسبوع أو عشرة أيام على أقصى تقدير.

كانت مصادر مطلعة في لجنة الشئون التشريعية بمجلس نواب العسكر، قد كشفت عن أن “لجنة صياغة مشروع تعديل الدستور أدخلت تعديلاً على مادة الرئاسة المستحدثة لعبد الفتاح السيسي، يقضي بمد فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، لتنتهي ولايته الحالية عام 2024 بدلا من 2022، مع السماح بترشحه لمرة واحدة أخرى (ثالثة) لمدة ست سنوات تنتهي عام 2030”.

وأوضحت المصادر، في تصريحات صحفية أمس، أن “تعديل المادة جاء تخفيفًا للنص المقدم من أغلبية البرلمان، والذي يسمح بترشح السيسي لولايتين جديدتين بمجموع 12 عامًا، عقب انتهاء ولايته الثانية في 2022، ليستمر في الحكم حتى عام 2034″، مشيرة إلى أن التعديل اعتبر المدة الثالثة للسيسي (2024-2030) بمثابة الثانية له بنظام الست سنوات، وهو ما يعني عدم احتساب مدته الرئاسية الأولى (2014-2018).

المعارضة والخارج

واعتبر مقربون من السيسي أن هذا الاقتراح هو الأنسب للحالة المصرية في الوقت الراهن لأسباب عدة، منها احتواء المعارضة داخل البرلمان رغم محدودية تأثيرها، والترويج إلى أن استمرار السيسي مرتبط بتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، وعدم توقف المشروعات “القومية” الجاري تنفيذها بانتخاب رئيس جديد للبلاد، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، على وقع تخصيص 300 مليار جنيه لتنفيذ المرحلة الأولى منها.

وحسب المصادر، فإن هذا الاقتراح قد يلقى قبولا داخل مجلس نواب العسكر، وتأييدًا من بعض النواب المحسوبين على المعارضة، فضلاً عن مخاطبته الدوائر الأجنبية المتابعة للأوضاع في مصر عن كثب، خصوصا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، منبهة إلى أن السيسي أخذ موافقة “ضمنية” على فحوى هذا التعديل خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، والتي عقد فيها مباحثات موسعة مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.

ونفت المصادر بشكل قاطع أي حديث يُثار من قوى المعارضة عن إلغاء المادة الانتقالية المتعلقة بالرئيس الحالي، واستبدالها بتطبيق مقترح مد الفترة الرئاسية من أربع إلى ست سنوات بأثر رجعي، بحيث تضاف إلى السيسي أربعة أعوام عن ولايته الأولى والثانية، ليستمر في الحكم حتى عام 2026، أو الاكتفاء بتطبيق هذا المد على الولاية الثانية، ليستمر عامين إضافيين فقط حتى عام 2024.

السودان والجزائر

وأكدت المصادر أن الأوضاع الملتهبة في السودان والجزائر من ضمن أسباب اللجوء إلى هذا المقترح، في إطار تهدئة الأوضاع الملتهبة في الداخل، وتمرير عملية الاستفتاء على التعديلات بهدوء قبل حلول شهر رمضان، وكذلك قطع الطريق على أي محاولات من قوى المعارضة المعروفة تحت اسم “الحركة المدنية الديمقراطية”، لتنظيم فعاليات تدعو للتصويت بـ”لا” في الاستفتاء الشعبي المرتقب عليها.

ومن المقرر أن تجتمع لجنة الشئون التشريعية بمجلس نواب العسكر، مساء اليوم الأحد، للتصويت على المقترح النهائي للتعديلات الدستورية، بعد انتهاء لجنة الصياغة المشكلة برئاسة رئيس برلمان الدم، علي عبد العال، من إعداد تقريرها، إيذانا بإحالته إلى هيئة مكتب المجلس، لإدراجه بجدول أعمال الجلسات العامة المنعقدة هذا الأسبوع، ومن ثم التصويت عليها بصفة نهائية بأغلبية الثلثين “نداءً بالاسم” في جلسة الأربعاء المقبل.

ويتخوف السيسي من الإقدام على التعديلات الدستورية في ظل الحراك الاحتجاجي في المنطقة العربية، والذى قد يفجر غضبًا شعبيًّا منتظرًا في ضوء التراكمات السلبية لحكم السيسي الذي يحكم بالحديد والنار.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...