تضم السياحة والنووي وسوخوي.. تفاصيل صفقة المقايضة بين روسيا والعسكر

يزور وفد أمني وملاحي روسي مصر، خلال الشهر الحالي، لاتخاذ قرار بشأن استئناف الرحلات الجوية بشكل كامل بين البلدين، استجابة لطلب جديد بعثه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي زار مصر قبل مغادرة السيسي إلى واشنطن بساعات، في وقت سابق من هذا الشهر.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر في وزارة الطيران المدني اليوم الأربعاء، أن استئناف حركة الطيران بين مصر وروسيا، جاء مقابل مقايضة على صفقة أسلحة، وشراء المقاتلات الروسية من طراز سوخوي-35 التي تعارض الولايات المتحدة الأمريكية شراء مصر 20 منها”، وفق اتفاق وقّعته القاهرة وموسكو لتوريدها بين عامي 2021 و2022 مقابل مليارين وربع المليار دولار، لتكون من أضخم صفقات التسليح التي يجريها السيسي، في الوقت الذي تعاني مصر من الديون الداخلية والخارجية.

وقالت المصادر، إن المقايضة جاءت بالتوازي مع إعلان روسيا إرسال وفد أمني ملاحي لاستطلاع مستجدات التأمين، ومدى تحقق شروط روسيا لعودة الرحلات المباشرة إلى مطاري شرم الشيخ والغردقة، اللذين كانا يستقبلان نحو 90% من حركة السياحة الروسية إلى مصر قبل حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر 2015، مقابل إتمام صفقة شراء الطائرات السوخوي 35، وإتمام التعاقد مع روسيا على إنشاء المفاعل النووي، خاصة وأن وفدا من وزارتي الكهرباء والبترول المصرية ذهب لروسيا لمباشرة الاستعدادات النهائية لبدء تنفيذ مشروع إنشاء المفاعل النووي في الضبعة غرب مطروح، بتمويل وإشراف فني روسي كامل، وبأيدٍ عاملة مصرية، على هامش المنتدى الدولي الحادي عشر للطاقة النووية الذي تستضيفه موسكو، والذي يزيد تكلفته على 25 مليار دولار.

وتعاقدت سلطات الانقلاب، ممثلة في هيئة الطاقة النووية، مع شركة “تفيل” لإنتاج الوقود النووي التابعة لشركة “روس آتوم” المنفذة والمموّلة لمشروع المفاعل، لتزويد مفاعل البحوث بمكونات اليورانيوم للوقود النووي منخفض التخصيب من إنتاج مصنع نوفوسيبيرسك للمركزات الكيميائية، وذلك استمرارا لتزويد مصر في العامين الماضيين بكميات مختلفة من اليورانيوم والألومنيوم للوقود النووي في إطار المشروع ذاته. ولم يعلن الطرفان عن قيمة الصفقة، لكنّ مصدرا في وزارة الكهرباء قال إنها ستُضاف إلى القيمة الإجمالية للمشروع والمقترضة بالكامل على مدى 13 عاما.

ونقلت الصحيفة عن المصادر، أن تعدّد المصالح بين البلدين، خصوصا موضوع التسليح، قد يكون له أثر إيجابي، لكنها استدركت أنه لا يمكن التكهن بقرارات الخبراء الروس، ففي الزيارة الأخيرة خلال شهر ديسمبر الماضي كانت ردة فعلهم إيجابية على ما شاهدوه من تطور للحالة الأمنية، وتركيب بعض أجهزة المراقبة والبصمة البيومترية التي اشترطت روسيا أخيرا تطبيق أنظمتها لاستئناف الرحلات.

وأوضحت المصادر أن هناك عاملا آخر قد يصب في مصلحة مصر، هو أن الشركات السياحية الروسية التي عملت خلال موسم الأعياد الشتوية الأخير على تسفير رحلات “شارترد” إلى مطارات قريبة من شرم الشيخ، أكدت للسلطات الروسية أنها لم تحقق الجدوى الاقتصادية المرجوّة، بسبب زيادة تكلفة الرحلات البرية إلى شرم الشيخ نتيجة الحاجة لاستعدادات أمنية عالية المستوى بالنظر للوضع الأمني الذي تعيشه سيناء حاليا، وأن الرهان على نجاح هذه الرحلات لن يؤتي أكله في أشهر الصيف نتيجة الارتفاع الشديد بدرجات الحرارة وعدم إقبال السائح الروسي محدود الدخل على دفع المزيد من الأموال مقابل رحلة برية إضافية للوصول إلى وجهته النهائية.

فيما تحاول شركات السياحة المشتركة بين روسيا ومصر، التي انتعشت في السنوات العشر الأخيرة من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى حد تملّكها فنادق ومنتجعات كاملة في شرم الشيخ، لملمة شتات أعمالها وإعادة الروح لنشاطها بعد ثلاثة أعوام من الكساد بسبب تعليق الرحلات الجوية بين روسيا ومصر. ولذلك فهي تحاول بشتى السبل الضغط على السلطات الملاحية الروسية لتخفيف شروطها والسماح بعودة الرحلات إلى شرم الشيخ تحديدا، كما تحاول من جهة أخرى الضغط على السلطات المصرية لقبول بعض الشروط التي تراها مجحفة وكان يتمسك بها الجانب الروسي في المفاوضات.

وأشارت المصادر إلى أن روسيا ما زالت تشترط تطبيق أنظمة قياس بصمة بيومترية متقدمة، وبصمة الوجه، في مطاري شرم الشيخ والغردقة، الأمر الذي لم يتحقق بالكامل بسبب مشاكل مادية، واكتفت السلطات المصرية بتركيب بعض الأجهزة في المناطق الخاصة بدخول وخروج الأمتعة وعمل الموظفين، علماً أن مصر لم تطبّق نظام بصمة الوجه في مطار القاهرة إلا الشهر الماضي فقط، وبدأ العمل بها بهدف التأمين وإحكام السيطرة على منافذ المطار.

وقالت الصحيفة إنه بالرغم من أن شركة “إيروفلوت” الروسية الحكومية استأنفت رحلاتها من موسكو إلى القاهرة والعكس في إبريل 2018، بناء على بروتوكول استئناف الرحلات وتأمين المطارات الذي وقّعه البلدان، إلا أن الموعد المبدئي لعودة الطيران إلى مدن البحر الأحمر والأقصر كان شهر في أغسطس الماضي، وأوصى وفد التفتيش الأخير باستمرار التأجيل.

وقالت المصادر المصرية إن موسكو كانت تتذرع بمبررات ومشاكل تم حلها واستيفاء سبل تلافيها جميعا، فتم الالتزام بزيادة نقاط التفتيش في المطارات المحلية، واشترت الحكومة أجهزة تفتيش حديثة، وتم تزويد كل نقاط المطار بكاميرات تصوير تمتد سعتها التخزينية إلى أكثر من شهر، كما تم تخصيص مكان بالقرب من كل مطار لإقامة خبراء الأمن الروس.

بل إن موسكو أرادت أن يمتد سلطانها إلى التفتيش على الإجراءات الأمنية الخاصة بالرحلات الروسية، وأيضا إلى الرقابة على الإجراءات الأمنية الخاصة بباقي الرحلات، وفي النهاية اتفق الطرفان على أن تكون للمراقبين الروس سلطة مراقبة على الرحلات من وإلى روسيا فقط.

وتعتمد السياحة في مدن البحر الأحمر بنسبة 92 % على الطيران المباشر، وليس الطيران الداخلي الآتي من القاهرة.

كما أن إجبار السائحين الروس على استخدام الطيران الداخلي من القاهرة إلى أي مدينة أخرى للوصول إلى محل إقامتهم، يؤثر سلبًا بنسبة تصل إلى 70% على إقبال الروس على الحجوزات الفندقية، علما أن السائحين الروس ما زالوا يمثلون نحو 40% من إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر، ما يعني أن استمرار الوضع الحالي يحرم مصر من فرص كبيرة في زيادة عوائدها السياحية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...