شاهد| الترقيعات الدستورية.. انقلاب جديد من السيسي

منذ أن عرفت مصر الدستور للمرة الأولى قبل 140 عامًا، دارت من حوله معارك سياسية عدة، تركت أثرها في وجه البلاد حتى اليوم، وسجلت فصول التاريخ قصصًا سياسية ومآلات مأساوية تتعلق جميعها بنصوص الوثيقة الأهم للدولة في التاريخ الحديث لمصر، وتحديدًا في عهد جمال عبد الناصر جاءت تجربة دستور 1964 المؤقت، الذي ظل قائمًا إلى أن تولى أنور السادات سدة الحكم، فبدأ عهده بدستور جديد عُرف بدستور 1971 الذي ظل ساريًا نحو 40 عامًا، وإن أُجريت عليه تعديلات مختلفة، وكانت المرة الأولى عندما طرح السادات عام 1980 على المواطنين الاستفتاء على التعديل الدستوري الذي تم بموجبه إلغاء القيد على حظر ترشيحه لأكثر من فترتين رئاسيتين.

وحظي الدستور بموافقة بلغت 98%، غير أن واقعة اغتياله حالت دون خوضه استفتاءً آخر، واستفاد مبارك من التعديل، ما مكنه من دخول استفتاءات مختلفة للبقاء في السلطة، بيد أنه طرح في عام 2005 تعديلا للدستور لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة شمل تعديلا للمادة 76 التي تنظم أول انتخابات رئاسية في مصر، ثم أجرى استفتاء عليها في العام 2007، وفي أعقاب ثورة 25 من يناير وتحديدا عقب انتخاب الرئيس محمد مرسي، صدر دستور جديد عُرف بدستور 2012، تم إقراره بموافقة نحو 64%.

وعقب الانقلاب العسكري أقر البرلمان دستور عام 2014، وأثنى السيسي على هذا الدستور، وقال إنه دستور متقدم ومتطور، مشددًا على أنه مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ثم يتهم السيسي بعد ذلك هذا الدستور الذي أقسم على احترامه بأنه دستور كُتب بنوايا حسنة ليأتي برلمان الانقلاب في النهاية ليقر ترقيعات دستورية تسمح للسيسي بالبقاء في السلطة حتى عام 2030.

وصوت برلمان الانقلاب بصورة نهائية على ترقيعات دستورية تشمل تمديد فترة ولاية قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي الحالية إلى 6 سنوات، والسماح له بالترشح لفترة جديدة مدتها 6 سنوات أخرى تنتهي في عام 2030، كما وافق على المادة التي لا تسمح لمن حل محل رئيس الجمهورية مؤقتا أن يطلب تعديل الدستور، ولا أن يحل مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، ولا أن يقيل الحكومة، ولا يجوز لمن حل محل رئيس الجمهورية أو لأي رئيس آخر، كما لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت أن يترشح لهذا المنصب.

ويعقب التصويت إخطار السيسي للعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية والدستورية بشأن الاستفتاء الذي تنظمه وتشرف عليه الهيئة الوطنية للانتخابات، ومن المقرر أن تطرح التعديلات الدستورية لاستفتاء شعبي قبل نهاية إبريل الجاري.

قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، تبعات تمرير برلمان الانقلاب للترقيعات الدستورية، ولماذا يخشى الانقلاب من رافضي التعديلات رغم القبضة الأمنية.

وقال الدكتور طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين: إن ترقيعات دستور السيسي تعد استمرارًا لمسلسل الانقلاب العسكري، وانقلابا جديدا على إرادة المصريين بمحاولة التأبيد في الحكم، بعد سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها، وبعد رهن القرار المصري للقوى الدولية، والارتماء في أحضان الصهاينة، والتفريط في مقدرات الوطن.

وأكد أن السيسي يريد أن يستمر جاثمًا على قلوب المصريين، ويمنع ثورتهم من استكمال أهدافها، مضيفا أن مصر بجغرافيتها وتاريخها وشعبها وما تمثله في العمق العربي والإسلامي قادرة على وقف تلك المخططات التي تحاك بالمنطقة.

وحول سبب رفض الإخوان للترقيعات الدستورية، أوضح فهمي أن الجماعة ترى أن ما بني على باطل فهو باطل، والجماعة ترفض الانقلاب وكل ما ترتب عليه، مضيفا أن كل التجارب في الانتخابات السابقة أثبتت خداع العسكر وسعيهم المستمر لتزوير إرادة الشعب، موضحا أن كل المعارضة ترفض الترقيعات جملة وتفصيلًا، لكن الاختلاف حول كيفية التعاطي معها.

بدوره قال عمار فايد، الباحث في منتدى سياسات مصرية، إن ما يحدث في مصر الآن مشهد مأساوي، وفي نفس الوقت يدعو إلى السخرية.

وأضاف فايد أن الأزمة الاقتصادية تطل بظلالها، ولا يزال المواطنون يموتون في حوادث القطارات بسبب إهمال الجهاز الحكومي، كما أن السجون مليئة بالمعتقلين ورافضي الانقلاب، بجانب آلاف المختفين قسريا، كما أن الديون في ارتفاع مستمر.

وأوضح أن ما يدعو إلى السخرية هو برلمان السيسي الذي صنعه على عينه، والذي ليس من حقه مناقشة الترقيعات؛ لأن الدستور يمنع تعديل المادة المتعلقة بمدة الرئاسة، مضيفا أن جوهر الترقيعات هو بقاء السيسي في السلطة لأطول فترة ممكنة، وأن يتمتع بسلطات واسعة على كافة مؤسسات الدولة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...