النعمة المسداه والرحمة المهداه

خميس النقيب :

 نفحة ورحمة ، هدية ومنحة  ، نعمة ومنة “لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم”  آل عمران   يتلو الايات ، ويزكي النفوس ، ويعلم الكتاب والحكمة   “يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” آل عمران ،   إهداء الخالق للمخلوق ، وعطاء السماء للارض ، وزاد الدنيا للآخرة ، افضل الخلق اجمعين ، ورحمة الله للعالمين ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ” الانبياء   إنه الرسول الأكرم ، والنبي الاعظم صلى الله عليه وسلم  …!!

 تحفة ربانية ، وهدية الهية ، وباقة زكية ، بفوح شذاها عبر الورود المحمدية ، والاثار النبوية ، تأخذ بأيدي الحائرين وتنير درب السائرين ، وتطمئن قلوب الراغبين ..!!

 العبد الطائع ، والفقير الجائع ، والمربي الرائع سيدنا محمد بن عبد الله ، الرحمة المهداه ، والنعمة المسداه ، ارسله الله بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا ، بشر وانذر ، دعا وبلغ ، نصح وارشد ، بلغ الدستور الحكيم ، فاكمل به الدين ، واتم به ******

قال صلى الله عليه وسلم : انما انا رحمة مهداه:

ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين قال : ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو انزل علي فيه ..   رواه مسلم

ونحن كمسلمين امرنا ان نحتفي به ليس ساعة دون ساعة او يوم دون يوم او شهر دون شهر او عام دون عام وانما علي مدار اللحظة  كيف ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” الاحزاب

بعض البشر يحتفي بزعيمه ، فيضف الي عمله مالم

يعمل ، ويزيد في قوله  ما لم يقل ، ليرسم له مكانة عند الناس ، كذبا ونفاقا ، ظلما وفسادا تكبرا واستبدادا ، وكلما اغدق عليهم  زادوا في كذبهم ، وكلما تفنن في قربهم ، تفانوا في نفاقهم ، يريدون ان يرفعوه بغير حق ، ويوصلوه بغير طريق ،  اما مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فالامر يختلف  كيف ؟  يقول النبي صلى الله عليه وسلم :ان كذبا علي ليس ككذبا على غيري ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.. متفق عليه

ويقول الله تعالى في اللوح المحفوظ ، والكتاب المكنون ، والدستور الحكيم ” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم

عذاب أليم” النور

اشاعة الفوضي وازكاء الفتنة  ينتج من الحيد عن طريق الاسلام ، والانحراف عن خط الدين ، والكذب علي الصادق الامين ، يجلب العذاب الاليم  في الدنيا وفي الاخرة  “يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم” الشعراء

جاء صلى الله عليه وسلم كريما رحيما  ، تمثلته الرحمة ،  فهي كلمة جميلة المبني لطيفة المعني حانية المغني ، تشرح الصدور ، وترقق القلوب ، كلمة تفيض حبا وعطفا وحنانا وخيرا …!!

جاء – صلى الله عليه وسلم نجاة للمؤمنين ورحمة للعالمين  “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم”   التوبة

وهي رحمة خاصة بالمؤمنين  ، في تفسير  القرطبي ،  قال الحسين بن الفضيل : لم يجمع الله لاحد من انبيائه اسمين من اسمائه إلا النبي محمد صلى الله عليه وسلم  ، قال  عنه “بالمؤمنين رءوف رحيم”  التوبة ، وقال عن نفسه  “إن الله بالناس لرؤوف رحيم” الحج

كان -الرؤوف الرحيم –  صلى الله عليه وسلم  رحيم بالناس كل الناس قويهم وضعيفهم ، غنيهم وفقيرهم ، كبيرهم وصغيرهم ، ابيضهم واسودهم ، 

كافرهم ومؤمنهم …!!

 كان رسول الله يعفو ويصفح ، يمهل ويهمل ، يبشر ويصبر ، كان رحيما بالرجل ( قَامَ أعرَابِّي فَبَالَ في الْمَسْجِدِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ” دَعُوهُ وَهَرِيْقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ، أوْ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ “. )  والمرأة ( رفقا بالقوارير إنهم عوان عندكم )  اي اسيرات عندكم  ، كان رحيما بالجماد (الجزع الذي كان يخطب عليه يحن اليه فيصدر صوتا لفراقه ، وفي الحرب كان يقول للصحابة لا تقطعوا شجرة  ) والحيوان ( الجمل : اتقوا الله في هذه البهائم التي ملككم الله اياها ..)  ، كان رحيما بالطيور (فقال في حمرة. : من فجع هذه بولدها ، ردوا ولدها اليها  ؟ ) و الاطفال  في عمر الزهور ( يقبل الحسن والحسين ، ويلاعبهم  ، كان رحيما بالزوجة (  فيسابق عائشة ويلاطفها ويلاعبها ، وعندما جاء الفتح قال انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة ) إحسانا ووفاء ،   كان رحيما بالوالدين  ( فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه )

كان صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين .

والصحابة الكرام رضوان الله عليهم جميعا اصطفاهم الله تعالي لخدمة دينه ،  واختارهم لصحبة نبيه ، وهداهم لرفعة خلقه ، ففتحوا البلاد ورحموا العباد  ، عندما استقوا الرحمة من نبيهم وقدوتهم محمد صلي الله عليه وسلم ، اناروا الدنيا بفهم القرآن ، وزينوا الكون بروائع الايمان ، وحجزوا لانفسهم قصورا في جنة الرحمن ، وتركوا ارثا واثرا عظيما لبني الانسان ..!!

 كانوا افضل الناس ايمانا واحسانا ، شجاعة واقداما ، عطاء واشراقا ، صفاء نفوس ، وحسن سلوك ، ونقاء سريرة ، وزهادة في دنيا ، ورغبة في الاخرة ، واقبالا علي الله وبذلا للنفس والنفيس ، وتضحية بالغالي والثمين في سبيل رب العالمين ، اخلصوا لله نواياهم وصفوا لله سرائرهم ، وترفعت عن الدنيا هممهم ، وذهبوا عن المتاع المبذول والامان المتاح ، علموا الدنيا كيف تكون العفة والكرامة ، كيف تكون المروءة والشهامة ، كيف يكون السمع والطاعة ، كيف يكون الزهد والقناعة ..!!

لقد لقب الذي دربهم علي هذه الاخلاق ، وعلمهم هذه الصفات – صلى الله عليه وسلم – بالصادق الامين قبل البعثة ، وبالرؤوف الرحيم بعد البعثة ، كان قرآنا يمشي علي الارض ، اخمد الفتنة واقري الضيف واكسب المعدوم وحمل الكل واعان علي نوائب الدهر ،  لذلك فان حاجة العالم اليه الان – في فوضته وتخبطه ، في ضلاله وفساده  ، في دماره وخرابه –  حاجة المريض الي الشفاء ، والظمآن الي الماء ، والعليل الي الدواء ، والنظر الي العين العمياء …!!

كان صلى الله عليه وسلم رفيق بالامة ، بهتم بها ويخاف عليها ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ان النبي صلي عليه وسلم تلا قول الله تعالى في ابراهيم عليه السلام “رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم”  ابراهيم  ، وقول عيسي عليه السلام “إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم” المائدة. ، فرفع يده وقال  اللهم امتي امتي وبكي. فقال الله عز وجل : يا جبريل  اذهب الى محمد وربك اعلم فسله ما يبكيك ؟ فاتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فاخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو اعلم ، فقال الله تعالي ياجبريل اذهب الى محمد وقل له انا سنرضيك في امتك ولا نسوءك.  رواه مسلم 

قال المحدثون  : هذا الحديث يبين لطف النبي صلي الله عليه وسلم بالامة ، ومكانته عند ربه ، وجواز رفع اليد في الدعاء ، وان الله سيحقق للامة ما وعدها بشفاعة الرسول لها ….

كان النبي الكريم ، صاحب الخلق العظيم  نعمة مسداه ورحمة مهداه ، انعم  الله تعالي به علي المؤمنين وغير المرمنين … كيف ؟

ان الله  ربى محمدا ليربي به العرب ، وربي به  العرب ليربي بهم الناس اجمعين  …

الاحتفاء برسول الله ليس بالطعام و الشراب و وليس بالطرب والغناء ، وليس بالسمر والهراء  ..!!

ياليت العرب يفهمون رسالتهم  ، ويقدرون مسؤولياتهم ، ويدركون مالهم وما عليهم ..!! متمسكين بدينهم ، مقتدين بنبيهم

“لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا”  الاحزاب 

 

 اللهم وفقنا للاقتداء به ، والتآسي بسنته …

اللهم فرحتا بلقاءه واسقنا من حوضه وشرفنا بجواره ومتعنا بقربه ….!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...