مؤامرة موسى على فرعون بقلم : مجدي مغيرة

1

بقلم : مجدي مغيرة

سنن الله تعالى التي تحكم الصراع بين الحق والباطل سنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدل
فالتاريخ يعيد نفسه ، لكنْ ليس بنفس الأحداث التي يترتب بعضها على بعض ، بل بوجود قوانين ثابتة للصراعات مهما اختلف الزمان واختلف المكان ، ومهما تغيرت الأقوام ، ومن هذه القوانين :
· الحرص على كرسي الحكم والاستعداد لارتكاب الجرائم في سبيل الحفاظ عليه.
· واستعداد فريق من الناس لبيع دينهم و ضمائرهم مقابل شيء من المال أو السلطة أو الوجاهة عند السلطان الجائر .
· لجوء هذا الفريق من الناس – بأمر من السلطة – لاختلاق الأكاذيب والدعايات والإشاعات ضد أهل الحق لتنفير الناس عنهم .
· وكذلك صمت فريق كبير من الناس عن الظلم – رغم علمهم بالحق – خوفا من بطش الطاغية.
· وسذاجة آخرين يصدقون الدعايات الكاذبة التي يبثها الطاغية عن طريق حاشيته والمنتفعين بعطاياه .
· وأخيرا تمسك فئة قليلة بالحق وتحملها للإيذاء في سبيله وصبرها على ذلك حتى يأتيهم نصر الله تعالى وفرجه .
وعادة يحرص الطغاة على استعباد الناس وإخافتهم وبث الرعب في نفوسهم حتى يظلوا خاضعين لسلطانهم ، فضلا عن نشر ثقافة التفاهة والسطحية والفرقة والتحزب حتى لا يتحد الناس ضد الظلم والفساد ، بل يحرص الطغاة أنفسهم على نشر الفساد بين الناس حتى يكون الجميع على نهج واحد فلا ينكر أحدٌ فعلَ أحد .
قال تعالى : { فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)} الزخرف ، وقال أيضا : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} القصص .
ويحدثنا القرآن الكريم عن موسى – عليه السلام – وفرعون ، حينما أرسل الله – تعالى – موسى نبيا لبني إسرائيل ، وطلب منه أن يخرجهم من مصر كما حكى القرآن الكريم : {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) } الشعراء .
هنا نجد أن موسى عليه السلام أراد أن يخرج من مصر ببني إسرائيل ، ومع ذلك اتهمه الفرعون أنه ساحر يريد أن يخرج أهل مصر من بلادهم .
ويذكِّرُ الفرعونُ موسى عليه السلام بجريمة قتل المصري ، فيعترف بها موسى عليه السلام ، معللا ذلك أنه كان يومئذ على غير معرفة بالحق لعدم وجود شريعة ، لكنه أردف بتذكير الفرعون بارتكابه لجريمة أكبر وهو استعباده لشعب بأكمله ، وقتل رجاله ، والحفاظ على نسائه ليظلوا خدما عند قوم فرعون { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ } ، فهو إن كان قتل فردا بالخطأ ، فقد قتل الفرعونُ شعبا وأذل رجاله ونساءه عن عمد وإصرار .
ونجد أن الفرعون استعان بأكبر رجال السحر في مصر كما حكى القرآن حسبما أشار عليه المحيطون به : { قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) } الشعراء .
وكانت مفاجأة صاعقة أن آمن السحرة بالله تعالى وسجدوا له ولم يسجدوا للفرعون الذي وعدهم بالمال الكثير وبأنهم سيكونون من المقربين لسلطته .
فلما فشل المخطط اللعين ؛ اتهمهم الفرعون بتهمتين :
– إيمانهم بالله تعالى دون أن يستأذنوه ؛ فهم بذلك خارجون على القانون .
– والثانية أنهم متآمرون مع موسى عليه السلام ، فهم خلايا نائمة ظهرت في وقت حساس للتآمر على أهل مصر جميعا ، وبذلك يستحقون العقاب الشديد { قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)} الأعراف .
إن سنن الله تعالى في الصراع بين الحق والباطل ثابتة لا تتغير ، ومثلما يتجبر الطغاة ، ومثلما يذبحون أهل الحق ، فلاشك أن موعد هلاكهم آتٍ ، ولاشك أن موعد انتصار أهل الحق قريب .
{ قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)} الأعراف .

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هزيمة مؤقتة

محمد عبدالقدوس الأوضاع في بلادي بعد تسع سنوات من ثورتنا المجيدة تدخل في دنيا العجائب.. ...